فرنسا تسعى إلى اتفاق مع أثينا

اليونان مستعدة لقبول مطالب الدائنين بشروط

ت + ت - الحجم الطبيعي

أبدت اليونان استعدادها لقبول الإصلاحات التي يطالبها بها الدائنون والتي أعلنت في نهاية الأسبوع الماضي، غير أنها تضع شروطاً جديدة وتطالب بتعديلات «جوهرية» على ما أفاد مصدر أوروبي مطلع على المفاوضات أمس.

وقال وزير المالية الفرنسي ميشيل سابان إن فرنسا ستحاول التوصل إلى اتفاق مع اليونان قبل استفتاء يوم الأحد المقبل.

وأبلغ سابان إذاعة آر.تي.إل «هدفنا هو التوصل إلى اتفاق قبل الاستفتاء إن أمكن».

وأضاف «هدفنا هو السعي حتى اللحظات الأخيرة لمعرفة ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق يمهد لعودة الاستقرار إلى اليونان ويطمئن أوروبا والعالم».

وذكر مسؤول بمنطقة اليورو أن اتفاق إنقاذ جديداً لليونان من الممكن التوصل إليه قبل موعد استحقاق سندات قيمتها 3.5 مليارات يورو (3.9 مليارات دولار) للبنك المركزي الأوروبي.

وقال المسؤول الذي اشترط عدم نشر اسمه رداً على سؤال عن إمكانية إبرام اتفاق قبل ذلك الموعد «نظرياً ممكن».

وقال مسؤول أوروبي آخر طلب أيضاً عدم نشر اسمه إن من الممكن التوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين.

عجز عن السداد

وأعلن صندوق النقد الدولي في واشنطن أن اليونان عجزت عن سداد دينها للصندوق ولم تتمكن من دفع مليار ونصف مليار يورو كانت مستحقة عليها أمس الأول.

وبذلك، أصبحت اليونان أول دولة متطورة تراكم مبالغ متأخرة حيال صندوق النقد ولم تعد قادرة على الإفادة من الموارد المالية لهذه المؤسسة الدولية.

وقال الصندوق في بيان إنه أخذ علماً بهذا الأمر، مضيفاً أن مجلس إدارته الذي يمثل الدول الـ188 الأعضاء تبلغ بذلك.

وقال المتحدث باسم المؤسسة غيري رايس في البيان «أؤكد أن الصندوق لم يتلق اليوم المبلغ المتوجب له من اليونان».

وكانت اليونان التي تواجه نقصاً في السيولة أعلنت في وقت سابق أول من أمس إنها لن تسدد دينها للصندوق الذي شارك إلى جانب الأوروبيين في خطتين ماليتين لإنقاذ أثينا.

لكن هذا البلد تقدم بطلب أخير لدى الصندوق للحصول على مهلة إضافية للسداد. وأوضح مصدر قريب من الملف أن مجلس إدارة الصندوق تبلغ بالأمر أول من أمس وبدأ بدرسه، لكنه سيلتئم في وقت لاحق للموافقة على الطلب أو لا.

وأكد رايس أن مجلس الإدارة سيجتمع «في الوقت المناسب» من دون تفاصيل إضافية.

ويشكل هذا التخلف عن السداد ضربة لصدقية صندوق النقد الدولي الذي لم يواجه حالة مماثلة منذ 2001 مع زيمبابوي، علماً أنه منح اليونان أكبر قرض في تاريخه.

ومتاعب صندوق النقد مع اليونان لم تنته فصولاً بعد. فعلى أثينا أن تسدد للصندوق هذا العام 5.4 مليارات يورو من أصل دين كامل يقدر بـ21 مليار يورو.

والدفعة المقبلة تستحق في الأول من أغسطس وتبلغ قيمتها 284 مليون يورو.

مقترحات جديدة

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية إن اليونان قدمت مقترحات جديدة أمس لكبح جماح إنفاقها. في حين قال بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي إن هناك مؤشرات من السلطات اليونانية تفيد بأنه في حال التوصل لاتفاقية مع الدائنين في اليومين المقبلين فمن الممكن أن تلغي الحكومة اليونانية الاستفتاء الذي دعت إليه بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية.

ويبدو أن هذا التخلف سيكون بداية لسلسلة طويلة من تخلفات عن السداد، فبالأمس انفردت اليونان بكونها أول اقتصاد متقدم يفشل في سداد دينه لصندوق النقد الدولي وهو دين بقيمة 1.6 مليار يورو، مما أثار المخاوف من أن ذلك يمكن أن يضع اليونان في خطر ترك منطقة اليورو.

وفي الـ 20 من يوليو الحالي هناك دين آخر مستحق على اليونان فعليها أن تسدد ديناً مستحقاً للبنك المركزي الأوروبي بقيمة 3.47 مليارات يورو وإذا ما فشلت اليونان في سداد هذا الدين فيمكن أن يحد ذلك من إمكانية حصول اليونان على القروض الطارئة للبنك المركزي الأوروبي..

والتي ساهمت في منع البنوك اليونانية من الانهيار في الأيام القليلة الماضية، حيث حقن المركزي الأوروبي البنوك اليونانية بالمليارات خلال عطل نهاية الأسبوع في محاولة لإبقائها على قيد الحياة.

ومع انتهاء خطة إنقاذ منطقة اليورو، لم يعد لليونان الحق في الوصول إلى مليارات اليورو من أموال الإنقاذ، ولا يمكنها سداد صندوق النقد الدولي.

تجميد السيولة

كما قام البنك المركزي الأوروبي أيضاً بتجميد السيولة والتي تعد شريان الحياة للبنوك اليونانية. وفي الوقت نفسه، خفضت وكالات التصنيف مزيداً من ديون البلاد.

وعلق كريس موريس مراسل هيئة الإذاعة البريطانية في أوروبا منتقداً «هذه ليست الطريقة الدبلوماسية أو طرق التمويل الدولية التي من المفترض أن تجري». ووصف سلسلة مقترحات اللحظة الأخيرة بالمربكة في جو من تصاعد الفوضى «على حد وصفه».

وأضاف إنه ومن دون إنقاذ آخر، تصبح اليونان في حالة يرثى لها فقد قطع من كل التمويل الدولي، وأصبح يتزحلق على جليد رقيق جداً خطير.

وقال إذا فشلت اليونان في سداد الديون للبنك المركزي الأوروبي يوم 20 يوليو، ربما سيكون ذلك نهاية المطاف، فالخيارات لإبقاء اليونان في منطقة اليورو ستستنفد.

واقترحت اليونان أن تنطوي الصفقة الجديدة المقترحة على إعادة هيكلة ديونها الضخمة - ولكن بعض مقترحاتها لن تكون مقبولة لدول منطقة اليورو الأخرى. حتى لا يكون هناك عدم اليقين عند كل منعطف، ومع الكثير من المواقف العامة في الوقت الراهن تستعد اليونان لإجراء استفتاء يوم الأحد المقبل.

وقال رئيس مجموعة اليورو وزير المالية الهولندي جيرون ديجيسلبلويم في وقت سابق إنه سيكون من الجنون تمديد فترة إنقاذ اليونان مع رفض أثنيا يوم الثلاثاء الماضي القبول بالمقترحات الأوروبية الموضوعة على الطاولة.

وقال ديجيسلبلويم متحدثاً عقب مؤتمر صحافي أعلن فيه عن تخلف اليونان عن سداد دينها لصندوق النقد إن وزراء منطقة اليورو سينظرون في الطلب اليوناني للحصول على برنامج مساعدات جديد بقيمة 29.1 مليار يورو في مؤتمر عبر الهاتف يوم (أمس) الأربعاء.

وكانت اليونان قد طلبت أول من أمس الحصول على أموال من صندوق الإنقاذ الأوروبي (آلية الاستقرار الأوروبي) فضلاً عن إعادة هيكلة الدين العام في اليونان.

لكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت في وقت سابق إنها تستبعد إجراء مزيد من المفاوضات حتى بعد استفتاء يوم الأحد، حيث ستسأل الحكومة اليونانية الشعب اليوناني إذا كان يرغب في قبول الاتفاق الذي عرضه دائنو اليونان.

وكانت الحكومة اليونانية قد اتخذت قراراً من جانب واحد لإجراء تصويت في الـ 5 من يوليو من الشهر الحالي مما أثار غضب وزراء منطقة اليورو.

وفي الوقت ذاته، قالت وزارة الخزانة الأميركية أنها حثت جميع الأطراف على المضي قدماً في المفاوضات «التي تضع اليونان على الطريق نحو تحقيق نمو اقتصادي في منطقة اليورو».

المفوضية الأوروبية – أحد أطراف «ترويكا» الدائنين جنباً إلى جنب مع صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي في منطقة اليورو، تريد من أثينا زيادة الضرائب وخفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية للوفاء بالتزامات ديونها.

التصنيف الائتماني

وخفض وكالة التصنيف الائتماني ( فيتش) التصنيف الائتماني لليونان إلى مساء أول من أمس وهو مستوى واحد فوق تصنيف تخلف كامل.CC إلى CCC.

وقد أدت المخاوف من تخلف اليونان عن سداد ديونها والتي تقدر بـ 323 مليار يورو إلى خلق طوابير طويلة من الناس أمام ماكينات الصرف الآلي، فيما منعت الحكومة اليونانية موطنيها من سحب أكثر من 60 يورو في اليوم.

يذكر أن البنوك اليونانية أبقت أبوابها مغلقة هذا الأسبوع بعد انهيار محادثات اليونان مع دائنيها، ومع ذلك قام أكثر من 1000 من فروع البنوك بإعادة فتح أبوابها يوم أمس للسماح للمتقاعدين بسحب مخصصاتهم، حيث لا يستخدم الكثير منهم البطاقات المصرفية من أجل سحب 120 يورو.

وتجمع مساء الثلاثاء خارج البرلمان اليوناني في أثينا، آلاف اليونانيين في مظاهرة مؤيدة للاتحاد الأوروبي متحديين الطقس العاصف لحث باقي اليونانيين على التصويت بـ (نعم) في الاستفتاء المقرر يوم الأحد المقبل بشأن إذا ما كان ينبغي على اليونان أن تقبل بمقترحات دائنيها، وقد تبعت هذه المظاهرة مظاهرة أخرى مماثلة خرج فيها يونانيون لحث اليونانيين على التصويت بـ (لا) في الاستفتاء المقرر الأحد.

وحذر زعماء الاتحاد الأوروبي من أن التصويت بـ (لا) على مقترحات الدائنين سيعني «انسحاب اليونان من منطقة اليورو»، على الرغم من أن رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس يقول إنه لا يريد لهذا أن يحدث.

ويعتقد البنك المركزي الأوروبي أنه قد أنفق تقريباً كل الأموال الطارئة لليونان والبالغة 89 مليار يورو (63 مليار جنيه استرليني).

خلاف

فيما يلي مقترحات المقرضين والتي تشكل نقاط خلاف رئيسية مع اليونان :

- (ضريبة المبيعات): نظام جديد يدخل في الأول من يوليو مع ثلاثة VAT-

- معظم السلع تخضع للضريبة على معدل أعلى من 23% بما في ذلك المطاعم والأغذية المصنعة.

- خفض المعدل بـ 13% الأغذية الأساسية، والفنادق، والكهرباء، والماء

- خفض كبير للمعدل بـ 6% على الأدوية والكتب والمسرح.

- خلق مثبطات قوية للتقاعد المبكر.

- رفع سن التقاعد إلى 67 عاماً بحلول عام 2022.

- إنهاء معاشات التضامن الاجتماعي التي يستفيد منها اليونانيون، وتقديم منح لنحو 200 ألف متقاعد هم الأكثر فقراً، وقطع عاجل لمعاشات التضامن الاجتماعي الممنوحة للأغنياء لنحو 20% من المتلقين لها، وقطعها بالكامل بحلول عام 2020.

- رفع مساهمات الرعاية الصحية للمتقاعدين بنسبة 6% من 4%.

خبير اقتصادي: إيطاليا على خطى اليونان

 رجح لويجي زينجاليز الأستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة شيكاغو الأميركية والخبير في اقتصاديات منطقة اليورو، أن إيطاليا يمكن أن تصبح «يونان ثانية» في منطقة اليورو وهو ما يعني أن الاتحاد الأوروبي قد يواجه سيناريو كابوسيا جديدا.

رغم أن رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي يرى أن بلاده لديها «حزام أمان» ضد تداعيات أزمة الديون اليونانية بما في ذلك احتمال خروج أثينا من منطقة العملة الموحدة التي تضم 17 دولة إلى جانب كل من اليونان وإيطاليا.

وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) انتقد زينجاليز موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وقال إن أثينا عانت من تسلط غير مسبوق من جانب الاتحاد الأوروبي، في حين أن رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس أخطأ في الحسابات عندما دعا إلى استفتاء شعبي على شروط برنامج الإنقاذ المالي.

وقال زينجاليز: تسيبراس رجل عديم الخبرة ويخضع لأفكاره الأيديولوجية بصورة مبالغ فيه وفشل في إدراك تداعيات قرارات معينة. على سبيل المثال فهو فشل في التنبؤ بأن الدعوة إلى الاستفتاء ستجبره على إغلاق البنوك وهو ما يظهر عدم خبراته. وعلى الجانب الآخر في منطقة اليورو، فإن الأخطاء جاءت من برنامج الإنقاذ الأول الذي يعود إلى 2010.

كانت اليونان مفلسة ولم يكن يجب أن يتحمل الشعب اليوناني ثمن هذا الإفلاس بالكامل. وكان فوز حزب سيريزا اليساري بقيادة تسيبراس في انتخابات اليونان في يناير الماضي نتيجة لطريقة معاملة اليونان.

وبدلاً من إدراك هذه الحقيقة، حاول الاتحاد الأوروبي تدمير الحكومة اليونانية الجديدة ونصب فخ لتسيبراس. هذا أمر غير مقبول. فالأمر يبدو كما لو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يحاول التخلص من حاكم إحدى الولايات الأميركية لمجرد أنه أو أنها من الحزب الجمهوري في حين أن أوباما من الحزب الديمقراطي.

خروج

وحول ما إذا كان هناك وقت لمنع خروج اليونان من منطقة اليورو، قال زينجاليز: المتغير الأساسي هو كيفية نظر اليونانيين إلى إغلاق البنوك. فإذا رأوا هذه الخطوة نذير لأشياء أسوأ قادمة، فأعتقد انهم سيصوتون بنعم في الاستفتاء.

وأضاف: أما إذا رأوا أن هذه الخطوة مجرد جزء من مؤامرة للبنك المركزي الأوروبي لكي يفرض مزيدا من المعاناة على اليونانيين فإنهم سيصوتون بلا في الاستفتاء.

وتابع: في حالة التصويت بلا فإن خروج اليونان من منطقة اليورو سيكون محتملا للغاية. لكنني أشك في أننا سنصل إلى مرحلة الاستفتاء. إذا انهارت الحكومة (الآن) فربما يكون بقاء اليونان في منطقة العملة الأوروبية الموحدة محتملاً، ولكن مع مرور كل يوم تقترب أثينا من الخروج.

وأردف: إذا جاءت نتيجة التصويت بلا فإنه سيكون من الصعب تصور أن تسيبراس ستكون لديه من المصداقية لكي يطبق أي اتفاق.

تداعيات

وفيما يتعلق بتداعيات الأزمة على دول مثل إيطاليا وإسبانيا، قال زينجاليز: لا أرى أي مخاطر على المدى القريب. الخطر الوحيد سيكون نفسيا، إذا انهار بنك في اليونان، سيشعر الإيطاليون والإسبان بالقلق لكن البنك المركزي الأوروبي لديه الوسائل اللازمة للتعامل مع هذا الموقف. لكن على المدى الطويل.

فإن إيطاليا تواجه خطر التحول إلى يونان ثانية. فاقتصاد إيطاليا لم يسجل نموا منذ 20 عاما تقريبا، في حين يحقق الاقتصاد الإسباني نموا حقيقيا جيدا خلال العام الحالي.

دور

عما إذا كان في مقدور المستشارة الألمانية بذل جهد أكبر في التفاوض مع اليونان، قال زينجاليز: ميركل تعاني من هزيمة كبيرة. فهي بمثابة زعيمة أوروبا سواء كان ذلك بالسلب أو بالإيجاب، لكنها فشلت في إيجاد حل للأزمة اليونانية، ولا اعتقد أنها بذلت الجهد الكافي لإيجاد الحل. فهي كانت مهتمة بالناخبين الألمان أكثر من اهتمامها بمستقبل أوروبا.

وتابع: تستطيع منطقة اليورو الاستمرار بدون اليونان وعلى المدى القصير يمكن أن تكون أقوى مما هي عليه الآن. والمشكلة ستكون ما يحدث عندما تأتي الأزمة التالية لمنطقة العملة الأوروبية الموحدة. فطوال السنوات الماضي، ظلت متماسكة على أساس مبدأ أن الخروج من المنطقة غير مطروح. وبمجرد انهيار هذا المبدأ، فإن دولا أخرى قد تتعرض لنفس المصير. ربما لا يحدث هذا غدا، لكنه سيحدث إن عاجلاً أو آجلاً.

لمشاهدة الجراف بالحجم الطبيعي .. اضغط هنا

Email