الشركات السعيدة تصنع بلاداً سعيدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن اليوم الوطني السادس والأربعين لدولة الإمارات العربية المتحدة هو احتفال بتراثنا والرؤية المفعمة بالحياة لآبائنا المؤسسين، إن الإمارات العربية المتحدة تمتلك واحداً من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم بفضل الرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة.

إن الشراكات الديناميكية بين الحكومات والمنظمات والمؤسسات، والتي تدور حول تحسين حياة المواطنين كافة، تعد حيوية لمستقبلنا المشترك. فهذه الشراكات تُجسد بحق قيمنا، ولعل ذلك يفسر السبب في أننا نُعلق قدراً كبيراً من الأهمية على التعاون مع كافة الجهات المعنية لتحقيق هدفنا المتمثل في مواصلة مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة.

إن سياسات الإمارات العربية المتحدة للوصول إلى نموذج التنمية المستدامة، الذي يكفل الحفاظ على البيئة وتحقيق التوازن في التقدم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي إنما تتمحور حول تحسين جودة الحياة في مجتمعنا. ومع اقتراب الذكرى الستين لمجموعة سعيد ومحمد النابوده، فإن السؤال الذي يفرض نفسه علينا هو: كيف نحافظ على تراثنا؟

وخلال السنوات الأخيرة، بات من الواضح جلياً أنه كي نتمكن من بناء تراث عريق وذي معنى، فإنه لم يعد ممكناً أن تعتمد الشركات على أدائها المالي وحده، ففي ضوء التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المتغيرة، تحتاج الشركات إلى تبني الاستدامة.

وفي الوقت الذي يحرص فيه صناع القرار حول العالم على جعل الاستدامة واحدة من أولوياتهم، فإنه إذا أرادت المؤسسات الكبيرة أن يكون لها بصمتها، فلا مناص من أن تغرس قيمة المسؤولية المجتمعية في كل جوانب أعمالها، وهكذا فإن وجود إطار قوي وآلية لرفع التقارير يصبح أمراً جوهرياً لتحديد الأهداف وزيادة مستوى الشفافية.

وفي الوقت نفسه، يتعين على الشركات أن تدرك أن موظفيها هم مَنْ يحتلون مكان الصدارة في عملياتها، وهم المسؤولون عن الثقافة المؤسسية، والأداء التجاري وعن المستقبل الذي تلتقي عنده رؤانا كوننا قادة.

ومن ثم، فإنه مما يتفق مع المنطق حينئذ أن يكون لموظفينا الدور الحيوي نفسه في أهدافنا المستدامة، وعلى غرار ما يقومون به بالفعل في مكاتبنا ومواقع العمل لدينا. ولعل ذلك يفسر السبب في أن رفاهة العاملين وسعادتهم تأتي في مرتبة متقدمة على أجندتنا، وذلك بوصفها جزءاً من فلسفة «العمل كعائلة»، والتي نعمل في ضوئها. إن سعادة العاملين لا تمثل هدفاً لا تراجع عنه في إطار العمل المستدام الذي وضعناه لأنفسنا فحسب، بل هي أيضاً تدعم السعي لتحقيق الأهداف الوطنية.

ومع تصنيف الإمارات كونها أسعد دولة في العالم العربي (تقرير السعادة الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2017)، واحتلالها المركز الحادي والعشرين كونها أسعد أمة في العالم، فإن الوصول إلى درجة الرضا عن وطننا وأمتنا هو مسعى يأتي ضمن أهداف النسق الأعلى على قائمة حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة

. والحقيقة أن كلاً من رؤية الإمارات 2021، وكذلك خطة دبي 2021 التي ترمي إلى إيجاد «مدينة سعيدة ومبدعة وشعب مُمكَّن» تؤكدان التزام الحكومة بالسعي الحثيث لتحقيق السعادة في البلاد. ومع فوزنا بجائزة «أكثر أماكن العمل سعادة» لهذا العام، فإن سياستنا تجاه سعادة العاملين هي منهاج ذو شقين؛ تشجيع التنمية المهنية والحرص على رعاية العاملين.

إن تزويد العاملين بمهارات جديدة وأكثر تطوراً يأتي من توليد إحساس قوي بأهمية العمل، فضلاً عن المساعدة في تهيئة بيئة يشيع فيها روح التحدي الإيجابي. إن تدريب الأشخاص الذين يضطلعون بأدوار حيوية في نمو الشركة هو استثمار صادف محله، وستكون عوائده في صورة قوى عاملة تتمتع بمهارات عالية وذات قدر أكبر من الالتزام،.

وتعمل من أجل نفس الأهداف التي نعمل نحن كوننا إدارة لتحقيقها. وإلى جانب مبادراتنا التدريبية الأخرى وبرامجنا في مجال القيادة، دشنت مجموعة النابودة للمشاريع مدرسة تجارية في عام 2016 لفتح المجال أمام العاملين المهرة وغير المهرة ممن لديهم مهارات تجارية محددة كي يحصلوا على فرصة للتدريب. وكانت النتائج تتحدث عن نفسها، حيث بلغت مشاركة العاملين على مستوى المجموعة نسبة تصل إلى 95%، وهي ما يمثل مستوى قياسياً لم يسبق أن تحقق من قبل.

والشطر الثاني من أي استراتيجية لسعادة العاملين يتسم بالبساطة وإن كان في غاية الفاعلية، ألا وهو بناء ثقافة من الرعاية من خلال أنشطة مشاركة العاملين وبرامج خدمة المجتمعات أو تهيئة الفرص أمام التنمية المهنية. وثانياً أن نصبح أكثر شمولاً، وأن نتيح للعاملين القيام بدور في تحقيق الأهداف الحيوية للشركة. ومن أمثلة ذلك أننا طلبنا من العاملين في مجموعة النابودة للمشاريع الانضمام إلى توقيع عهد تشترك فيه المجموعة بأسرها، وينص على ولائنا الذي لا يتزعزع للاستدامة.

إن الالتزام بسعادة العاملين يتعين أن يكون راسخاً بجذور عميقة في استراتيجيتنا للمدى البعيد، كما يجب أن تخرج الاستدامة ورعاية العاملين إلى ما يتجاوز مناقشات غرفة مجلس الإدارة وأن تدرج ضمن خطط عمل من شأنها أن تقيس خطوة بعد أخرى ما نحققه من تقدم في المسيرة نحو المستقبل سواء على مستوى المجموعة أو المستوى القومي.

وختاماً، فإننا إذ نحتفل باليوم الوطني السادس والأربعين لدولة الإمارات، دعونا جميعاً نغتنم هذه الفرصة لمواصلة سعينا الحثيث للحفاظ على تراثنا والعمل نحو ضمان مستقبل مستدام من أجل بلدنا.

 

Email