الاستعداد لعالم بلوك تشين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينبغي على شركات التكنولوجيا أن تدرك جيداً أن الوقت أصبح مناسباً الآن للتفكير بشكل استباقي بشأن طريقة تعاملها مع تقنيات بلوك تشين القائمة لديها. ويجب على هذه الشركات أن تطرح على نفسها السؤال التالي:

كيف سيكون شكل الأعمال في عالم معزز بتقنيات بلوك تشين؟

يدافع مؤيدو تقنية بلوك تشين عن رأيهم بأن هذه التقنية ستقود إلى ثورة جديدة في العديد من الصناعات.

وقد رأينا ذلك يحدث سابقاً على أرض الواقع من خلال الهواتف الذكية، والتقنيات السحابية، والتقنيات الرقمية التحويلية. وخلال تلك الثورات، كان قطاع التكنولوجيا من بين أولى القطاعات التي شهدت تحوّلات جذرية.

ولكن، ماذا لو غيرت تقنيات بلوك تشين أسلوب العمل والحياة مثلما غيّر ظهور البوصلة طريقة الإبحار، أو مثلما غيّر ظهور محركات الاحتراق الداخلي طريقة النقل. أو حتى مثلما غير البنسلين عالم الطب؟

في البداية، علينا الاتفاق على أن تقنية بلوك تشين هي إضافة جديدة نسبياً إلى عالم التكنولوجيا، وسوف تقود إلى سلسلة من ردود الفعل عبر نماذج الأعمال، والعمليات، وسلاسل التوريد، وعلاقات العملاء، على مستوى الاقتصاد العالمي برمته.

وعلى غرار الطباعة ثلاثية الأبعاد، والاقتصاد التشاركي، وإنترنت الأشياء، فإن تقنية بلوك تشين تزخر بآفاق واعدة لإحداث تغييرات جذرية هائلة، حيث إنها تطلق العنان لمخيلة المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا، وذلك لأن التكنولوجيا تسجّل المعاملات بطريقة تتيح التشغيل الآلي لنشاط موثوق بين أقران مرتبطين رقمياً.

وإذا عملت تقنية بلوك تشين كما جاء في الإعلان عنها، فإنها ستطلق ثورة في العديد من الصناعات، وخاصة تلك التي تعتمد على وسطاء موثوقين، أو التي تتطلب سلطات مركزية قوية. وهذا يعني استبدال المؤسسات التي تتبنى نهج الثقة القائمة على الخوارزمية بين الأقران.

ويجب على شركات التكنولوجيا أن تستعد للتحوّل مرة أخرى، إذ يمكن لتقنية بلوك تشين أن تؤثر في كل شيء، بدءاً بالأمن السيبراني، مروراً بالبرمجيات الرأسية، والحوسبة الموزعة على نطاق واسع، والاقتصاد التشاركي، وإنترنت الأشياء.

لقد كان تركيز تقنيات بلوك تشين الأولى منصباً على صناعة الخدمات المالية، ويعود ذلك بشكل جزئي إلى ارتباطها سابقاً بالعملة الرقمية البيتكوين (العملة المشفرة التي تعد تطبيقاً لأول تقنية بلوك تشين عامة). وتنخرط مصارف وتجار وبورصات وجهات تنظيمية في العديد من المشاريع الرائدة الجديدة، وقد أطلقوا اتحادات صناعية متعددة لدراسة استخدام تقنية بلوك تشين، ومن تلك الصناعة انتشر تأثير بلوك تشين إلى مجالات أبعد وبشكل أسرع.

وسوف ينتشر أثر بلوك تشين في صناعات مختلفة وفي مراحل مختلفة، مع مستويات مختلفة من التحوّلات الجذرية. وهذا بدوره يجلب فرصاً ومخاطر على حد سواء.

وقد يتطلب نطاق أثر بلوك تشين، وخاصة بالنسبة لشركات التكنولوجيا، جهداً وتركيزاً كبيرين. حيث إن فهم ذلك إلى جانب الآثار الضريبية والقانونية وتأثير السياسيات، سيستغرق وقتاً طويلاً وتحضيرات كبيرة.

كما أن هناك قلقاً بشأن سرية الهوية، ومع ذلك، فإن بلوك تشين ليست مجهولة، فهي تربط جميع المعاملات مع مستخدمين معرفين بعنوان بلوك تشين. وكما هو الحال مع عنوان البريد الإلكتروني، فإن الحفاظ على سرية الهوية أمر ممكن، ولكن فقط من خلال إجراءات منفصلة لإحباط عمليات التتبع من عنوان بلوك تشين الخاص بمالك الحساب.

وينبغي على شركات التكنولوجيا البدء الآن بالتفكير بالشكل الذي ستبدو عليه منتجاتها وخدماتها في عالم معزز بتقنية بلوك تشين. وخلاف ذلك، فإنها لن تتكيف بسرعة كافية لتبقى قادرة على المنافسة مع الشركات التي تبدأ بذلك الأمر.

ولعل الأكثر وضوحاً هو التهديد التحويلي للشركات التي توفر التكنولوجيات لصناعات مثل الخدمات المالية أو الطاقة أو الرعاية الصحية أو الزراعة.

فعلى سبيل المثال: إذا أثبتت تقنية بلوك تشين قدرتها على تخفيض التكلفة وزيادة الثقة بالمعاملات المالية، فقد تقرر شركات الخدمات المالية التحول بسرعة إلى اعتماد هذه التقنية، وربما الابتعاد كثيراً عن تقنيات المعاملات الحالية لديهم.

وينبغي أن تكون الشركات الحالية للبرمجيات والخدمات مستعدة مع منصات وحلول قائمة على تقنية بلوك تشين، أو عليها أن ترى بعينها خسارتها للفرص تذهب إلى شركات ناشئة قائمة بشكل جيد على تقنية بلوك تشين.

 

Email