منطقة اليورو والإصلاحات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تستهلك فيه البريكسيت النقاش السياسي بأكمله تقريباً في بريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تعتبر موضوعاً ثانوياً في سياسات مجموعة كبيرة من الدول الأوروبية.

وفيما سبقت التقارير المتعلقة بإيجازات بروكسل اجتماع المجلس الأوروبي واعتبرت علامة على استعادة الثقة لدى قادة الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين، الذين بدأوا يحدقون بالأفق ويقدحون زناد أفكارهم، وأظهروا تصميما على مراقبة المزيد من المسارات السياسية طويلة المدى حتى لا تفاجئهم الأحداث أو يتخذون قرارات مترددة. ويبدو جدول أعمال رئيس المجلس دونالد تاسك الخاص بجدول أعمال القادة الأوروبيين طموحاً في هذا الشأن.

ومن بين القرارات طويلة الأمد تلك المتعلقة بإصلاحات منطقة اليورو واتحادها المصرفي. ولن تحدث تطورات تذكر في هذا المجال قريبا، والسبب يعود بصورة جزئية إلى أن الحكومة الألمانية ليست في وضع يؤهلها لتقديم الالتزامات.

وفي الوقت الحالي ينخرط كريستيان ليندنر زعيم الحزب الديمقراطي الحر الألماني في محادثات ائتلافية حكومية، وقد أوضح وجهة نظره في أن إدارة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يتعين عليها أن تتصرف كحكومة انتقالية، وألا تتخذ قرارات لها وزن سياسي كبير.

غير أن هناك أسئلة اقتصادية كبيرة تطرح نفسها بقوة، وهناك رغبة قوية في أوروبا بتسويتها في أقرب وقت، ويشهد على ذلك تداول بعض الأفكار التي طرحها سياسيون كبار مؤخراً. وجرت على نطاق واسع مناقشة الطرح الفرنسي لميزانية منطقة اليورو، وهناك الكثير من عمليات جس النبض بشأن إيجاد حل وسط بين الدعوات الفرنسية بشأن الحصول على مصادر ذات منافع متبادلة.

وأكثر ما يثير الاهتمام بشأن التطورات التالية هو الموقف الألماني تجاه هذه القضايا. وفي حين أنه يتعين تشكيل حكومة جديدة فيها عقب الانتخابات، لكن لا يوجد نقص في التلميحات.

فقبيل مغادرته لوزارة المالية، استخدم وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله اجتماعه الأخير في المجموعة الأوروبية للمشاركة بأفكار «غير ورقية» لوزارته. وتستحق هذه الأفكار قراءتها بالكامل لأن الكثير من مبادئها من المرجح أن تبقى قيد البحث عقب مغادرته منصبه، وهي تعتبر أفكاراً جيدة.

وترفض هذه الأفكار الحاجة لوضع ميزانية مشتركة أو أية أداة أخرى خاصة بالاستقرار المالي على مستوى منطقة اليورو. لكنها توافق على بقاء صناديق إنقاذ الأزمات المالية. لأنها وجدت لتبقى كما يقول.

لكن الصندوق الحالي، الذي يعتبر آلية الاستقرار المالي الأوروبي، يجب أن يتعزز ويتحول إلى صندوق مالي أوروبي لديه سلطات إضافية لتقليص مخاطر الأزمات، علاوة على التعامل معها حينما تحدث.

وثمة اقتراحان لتحقيق ذلك، أحدهما تمكين هذا الصندوق لإجبار الدول على اتباع سياسات لتفادي المخاطر، والآخر وضع تشريعات آلية لتوسيع وإعادة تركيب السندات الحكومية التي تحتاج للإنقاذ، حتى لا يتم استخدامها للدفع لمقرضي القطاع الخاص، وهذا يناقض ما حدث في أزمات القروض السيادية في منطقة اليورو.

وقد تكون هذه المسألة مثيرة للجدل، فوزير المالية الفرنسي يعارض إعادة هيكلة القروض التلقائية، والمفوضية الأوروبية ستقاوم أي نقل لصلاحياتها المالية إلى أي مؤسسة أخرى، مما يعقد الأمور مستقبلاً.

 

Email