التكنولوجيا والتجارة الرقمية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ظهر مفهوم التجارة الإلكترونية في سبعينيات القرن الماضي، في وقت اقتصر فيه عمل الإنترنت على ربط ٢٠ إلى ٣٠ جامعة في الولايات المتحدة الأميركية. وكانت التجارة الإلكترونية متمثلة آنذاك في الإعلانات المبوبة المحلية لتمكين مجتمع الطلاب في الجامعات من شراء وبيع السلع. وفي وقتنا الحاضر تُعدّ التجارة الإلكترونية أحد أهم أساليب التسوّق والبيع في العالم. ومن المتوقع حدوث طفرة جديدة في التجارة الإلكترونية في المستقبل القريب، والسؤال يكمن في مدى جهوزية أعمالك على مواكبة ذلك.

واجهت التجارة الإلكترونية في بداية ظهورها الكثير من النقد والتشكيك، حتى من رواد التكنولوجيا أمثال روبرت ميتكالف الذي باع 3com بحوالي ٣ مليارات دولار. واليوم، يعود السبب إليها في تغيير عمل المتاجر التقليدية، وحتى إفلاس العديد منها.

ويتجاوز حجمها السنوي الآن ١٠٠ مليار دولار في الولايات المتحدة، وهي في تصاعد مطرد، مقارنة مع ٤٠ مليار دولار سنوياً للتجارة التقليدية الآخذة في التقلص. ولم يكن السبب الرئيسي لإفلاس الكثير من المتاجر التقليدية ظهور متاجر رقمية منافسة استفادت من انخفاض تكلفة إقامة أعمالها (تكاليف الإيجار والتشييد) بل تحوّل اهتمام المستهلكين في جميع أنحاء العالم نحو العالم الرقمي.

وتُعدّ التجارة الإلكترونية الخيار الأفضل للمستهلك. حيث تقدم له أفضل الأسعار ووفرة المنتجات المعروضة وتعدد الخيارات. إضافة إلى سهولة إتمام عملية الشراء مع إمكانية تصفح آراء المستهلكين الآخرين والتي يثق بها المستهلك أكثر من رأي موظفي المتاجر التقليدية.

إذاً لماذا يتوقع الخبراء طفرة أخرى في عالم التجارة الرقمية؟ دعونا نحلل الاتجاهات التقنية على مر الزمن لفهم نمط نموها. بداية، جرت معظم أعمال تطوير التقنيات في المختبرات التي تموّلها الحكومات، ومن ثم تطوّرت إلى ميدان خاص تبناه رواد التقنية. وانتهى المطاف ببعض هذه الأفكار إلى منتجات استهلاكية، أدت إلى إحداث تغيير، وهذا التغيير قد يؤدي إلى وقف شركات وظهور شركات أخرى. وأدى هذا الصدام الذي تحدثه هذه المنتجات إلى تحولات اقتصادية واجتماعية، وخاصة مع تزايد دور التكنولوجيا في حياتنا اليومية.

ويُعد الموبايل أحد أهم الأمثلة على التكنولوجيا الإحلالية الثورية، حيث كانت نسب اختراقها قبل عشر سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية أقل من ٥٪ لتصل في عام ٢٠١٦ إلى ما يقارب ٨٠٪. ووفقاً لإحصائيات eMarketers يقضي ٨٦٪ من المستخدمين أوقاتهم على الموبايل و١٤٪ على شبكات الإنترنت. وإذا لم نعمل نحن في دوبيزل على تطوير منتجاتنا لمواكبة هذه التغييرات الحديثة فمن الجائز جداً أن تكون أعمالنا قد توقفت بشكل مباغت في مرحلة سابقة.

فقبل ٣ إلى ٤ سنوات كانت فكرة إنشاء تطبيق للموبايل مجرد مقترح على أجندة أعمالنا، لكنّه اليوم مسؤول عن 75% من حركة الزوار إلى منصتنا. والأمر مماثل مع خاصية الدردشة والرسائل الفورية على دوبيزل والتي أصبحت قناة الاتصال المفضلة لمستخدمينا. لقد استبدلنا تقنياتنا السابقة بطريقة تسمح لنا بمواكبة التغيرات ومجاراة رغبات المستهلكين وضمان الاستمرارية. وبذلك قمنا نحن بإحلال موقعنا الإلكتروني بأنفسنا، عبر تقديم موقع وتطبيق موبايل، وإدخال خاصية الدردشة Chat محل طرق الاتصال القديمة (الاتصال/‏‏ البريد الإلكتروني).

وتُعدّ الطابعات ثلاثية الأبعاد مجالاً آخر قد يؤثر في التسوّق عبر الإنترنت، فرغم أنّ هذه التقنية لا تزال في مراحلها المبكرة إلا أنّ تكاليف اقتنائها انخفضت من 50 ألفاً إلى ألفي دولار أمريكي للطابعات عالية الجودة، وفي العام الماضي ظهر مشروع إنتاج طابعات ثلاثية الأبعاد منخفض التكلفة بقيمة 50 دولاراً فقط. وأثبتت التقنية قدراتها في مجالات طباعة المنازل والأجزاء الميكانيكية والدوائر الكهربائية. وتشير كل التوقعات إلى أننا سنكون قادرين على طباعة المنتجات المعقدة قريباً، مثل الأجهزة المنزلية والإلكترونيات.

وعلى غرار الموجة الإحلالية التي عصفت بالمتاجر التقليدية، ستؤدي تقنية الطابعات ثلاثية الأبعاد إلى خفض التكاليف مجدداً وبالتالي التأثير في نماذج التجارة الإلكترونية الحالية. فمثلاً سيكون من الكافي إنشاء معمل صغير مجهز بالطابعات المعدة لإنتاج البضائع التي يطلبها المتسوق عبر الإنترنت بدلاً من تكديسها في المستودعات الكبيرة، ثم إذا أصبحت الطابعات ثلاثية الأبعاد جزءاً من كل منزل، ستصبح مواقع الإنترنت أسواقاً تربط المستهلكين بالماركات والمصممين، مع إلغاء الحاجة للمستودعات. وفي مرحلة ما ستتم طباعة المنتجات الاستهلاكية والأطعمة، ومن منا لا يريد إعداد طبق شهي بأقل مقدار من المجهود؟

* مدير المنتجات في "دوبيزل"

emirates@albayan.ae

Email