تزايد أهمية دور دول الخليج في نمو أفريقيا

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

من المقرر أن يجتمع منتدى الأعمال العالمي حول أفريقيا في نوفمبر المقبل لمناقشة الأهمية المتزايدة للتجارة والاستثمار بين دول الخليج والقارة الأفريقية، للتعرف على أهم فرص الأعمال والمناخ الاستثماري في أهم الأسواق الأفريقية مما يشكل فرصة ذهبية لكل من دول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا على حد سواء.

ويأتي انعقاد هذا المنتدى مهماً لتزامنه مع التباطؤ في النشاط الاقتصادي في الأسواق المتطورة وتأثير تراجع أسعار النفط الخام الذي أثر كثيراً على الاقتصادات المحلية في أفريقيا ومنطقة الخليج، غير أن هذا يفتح باباً من الفرص المميزة للمستثمرين الخليجيين الباحثين عن مصادر لعوائد إضافية وأسواق جديدة.

يشكل هذا المنتدى فرصة فريدة لدول الخليج الساعية لتنويع اقتصادها المحلي بعيداً عن الموارد الطبيعية كونه يبحث في مختلف فئات الأصول والاستثمارات الكبيرة في القطاعين العام والخاص التي تنشأ في القارة الأفريقية. أما بالنسبة للدول الأفريقية فإن هذا المنتدى يعتبر فرصة لاستعراض فرص ريادة الأعمال والاستثمارات المتاحة في المنطقة بالإضافة إلى كونه فرصة للتعلم من أفضل الممارسات التي مكّنت دول مجلس التعاون الخليجي من النمو وتنويع محافظها الاستثمارية خلال السنوات الأخيرة.

لا شك أن المستثمرين وأصحاب المصلحة الآخرين سيدركون أن الصين قد أخذت زمام المبادرة من ناحية الاستثمار في أفريقيا، حيث أظهر التقرير الصادر عن شركة (إرنست أند يونج) تحت عنوان الجاذبية الاستثمارية لأفريقيا أن الصين حالياً هي وحدها أكبر المساهمين في الاستثمارات الأجنبية المباشرة ورأس المال والوظائف في أفريقيا، وأشار التقرير إلى أن حوالي 130 ألف وظيفة قد نتجت مباشرة عن الاستثمارات الصينية منذ عام 2005 وذلك عن 293 مشروع استثمار أجنبي مباشر بقيمة تزيد عن 66.4 مليار دولار أمريكي، والأكثر أهمية هي أن التقرير أظهر أن الاستثمارات الصينية منوعة بشكل جيد حيث تتراوح بين الموارد الطبيعية والخدمات والتصنيع وتطوير البنى التحتية.

يقف المستثمرون الخليجيون والصناديق السيادية الخليجية أمام عدد متزايد من الفرص في هذه القطاعات التنموية في أفريقيا بينما بدأ عدد منهم فعلاً بالاستثمار بقوة في هذه المجالات. وبحسب ما أشارت غرفة تجارة وصناعة دبي فإن إجمالي الصفقات التجارية غير النفطية بين المنطقتين تقدّر بقيمة 24 مليار دولار أمريكي بزيادة 700% خلال العقد المنصرم، وقد استثمرت مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية 300 مليون دولار أمريكي في شركة (دانجوت سيمنت) للإسمنت في نيجيريا والتي تعتبر واحدةً من أسرع الشركات الأفريقية توسعاً، كما استحوذت الاتحاد للطيران على حصة 40% في طيران سيشل.

لطالما كانت البنى التحتية ولا تزال واحدة من أكثر القطاعات جاذبية للمستثمرين، وقد شهدت الطرقات والمطارات والسدود والمرافئ والسكك الحديدية وشبكات الاتصالات في مختلف أنحاء أفريقيا انتعاشاً مذهلاً مع إضافة إمكانات لوجستية كبيرة إلى الاقتصادات الأفريقية، وقد حصل خط حديد أديس أبابا الذي يربط المدينة بمرفأ جيبوتي، والذي أطلق عام 2016، على استثمارات أجنبية بقيمة 4 مليارات دولار أميركي.

وفي الجانب الآخر من القارة من المرتقب أن يشهد الساحل الغربي افتتاح أول مرفأ كبير وعميق لأعماله في مقاطعة كابيندا الشمالية في أنجولا، ومن المقرر أن يطلق مرفأ (بورتو دي كايو) أعماله التشغيلية قبل عام كامل من الجدول الزمني المخطط في يناير 2019. حظي هذا المشروع بدعم كبير من حكومة أنجولا ووزارة النقل فيها وحكومة مقاطعة كابيندا ومصرف الاستيراد والتصدير الصيني، ولا شك أن المساهمة الاجتماعية والاقتصادية للمرفأ ستكون كبيرة حيث إنه سيعزز من استطاعة مناولة الحمولات بشكل كبير ليصبح التصدير أسرع وأسهل وأكثر اقتصاديةً للمصنّعين الوطنيين والإقليميين مع تخفيض أسعار المنتجات الاستهلاكية على المدى الطويل.

يأتي المرفأ بوصفة شراكة بين القطاعين العام والخاص، وهي الأولى من نوعها في أنجولا، ليمثل نقلة نوعية في توجه البلاد للاستثمار طويل الأمد في النمو الاقتصادي الذي يؤثر إيجاباً على السكان في المدينة والدولة وفي المنطقة بمجملها. أما بالنسبة لأفريقيا فهو جزء جديد يغير وجه البنى التحتية إيجاباً بما له من إمكانات ليصبح أكبر بوابة تربط القارة بالأسواق العالمية.

تشكل البنى التحتية الأساسية للأعمال فرصاً بالغة الأهمية للمستثمرين الأجانب في قطاعات أخرى سريعة النمو كالضيافة والسياحة والزراعة، وقد بدأت هذه القطاعات تجتذب استثمارات أجنبية مباشرة من شركات استثمارية مثل (كوانتوم جلوبال جروب) التي تتخصص في استثمارات الأسهم الخاصة في الأسواق الأفريقية النامية. كما استحوذ الصندوق الفندقي للمجموعة باسم (كيو جي أفريكا هوتيل إل بي)، والذي يتخذ من موريشيوس مقراً له، على حصة 100% من فندق (موفنبيك أمباسادور) في أكرا من شركة (كينجدوم) القابضة في صفقة كانت أكبر صفقة فندق في السوق المفتوح في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حتى هذا اليوم. وهذه الصفقة كغيرها من الصفقات المشابهة تشير إلى تزايد أهمية وجاذبية المواقع الأساسية في القارة الأفريقية والتي من شأنها أن تحقق على المدى البعيد أرباحاً قوية للمستثمرين. هذا وقد بدأ القطاع منذ الآن باجتذاب اهتمام كبير من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث إن شركة (راني للاستثمار) التي تتخذ من دبي مقراً لها تعتبر من المستثمرين الكبار في قطاع السياحة في موزمبيق حيث تشغل عدداً من الفنادق الفاخرة.

يجب على المستثمرين الخليجيين أن يدرسوا الفرص التي تتاح في أكبر القطاعات في المنطقة أي قطاع الزراعة والذي يمكن تعزيزه بشكل كبير مع الاستثمارات المناسبة وتوظيف تقنيات الزراعة الحديثة. تحفز الاستثمارات الناجحة في الأعمال الزراعية النمو الزراعي من خلال فتح أسواق جديدة وتطوير قطاع توريد حيوي.

يقدم منتدى الأعمال العالمي حول أفريقيا هذا العام فرصةً مهمة في هذه المرحلة التاريخية لتعزيز الاستثمارات وحركة التجارة بين المنطقتين، فبالنسبة لشركات وحكومات ومستثمري دول مجلس التعاون الخليجي يشكل هذا المنتدى فرصة لدخول السوق بفرص كبيرة والمساهمة في بعض من أكبر التحديات التي تشهدها المنطقة كالأمن الغذائي والتوازن التجاري وريادة الأعمال والبنى التحتية وإيجاد الوظائف.

* المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الاستثمارات الأفريقية «كوانتوم

emirates@albayan.ae

Email