الرهانات النفطية الكبيرة على الغاز

أندرو وورد

ت + ت - الحجم الطبيعي

استغرق الأمر ثمانية أسابيع لنقل أكبر سفينة إنتاج غاز عائمة في العالم بواسطة قاطرات من حوض بناء سفن في كوريا الجنوبية إلى منطقة حوالي 500 كم قبالة الساحل الشمالي الغربي لأستراليا.

على مدى السنوات الـ25 المقبلة، هذه السفينة سوف تجمع الغاز من آبار تحت سطح البحر وتحوله إلى غاز طبيعي مسال فائق التبريد. وسوف تقوم ناقلات بتصديره. المشروع الذي يطلق عليه «بريلود» بقيمة 14 مليار دولار، والذي تعده شركة «رويال داتش» هو الأحدث في مجال زيادة سعة الغاز الطبيعي المسال، التي تعد بإعادة تشكيل صناعة النفط والغاز، ومعها أسواق الطاقة.

وقد شرعت شركة «ويت ستون» التابعة لشيفرون في أستراليا بتطوير الغاز الطبيعي المسال أخيراً، في أعقاب مشروعها «غورغن» العام الماضي. كما التزمت شركات «اكسون موبيل» و«بريتش بتروليوم» و«توتال» و«إيني» بأموال طائلة. ومن المتوقع زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال بنسبة 50% بين 2014 و2021.

هذه الاستثمارات هي جزء من اندفاعة أكبر من أجل الغاز بين شركات الطاقة الكبرى، حيث المراهنة على الخصائص النظيفة للغاز بالمقارنة مع النفط والفحم. من أصل 16 مشروعاً لبريتش بتروليوم من المقرر تنفيذها بين هذا العام و2021، 12 منها تشمل مشاريع غاز بدلاً من نفط.

ويتفوق الغاز على النفط بعامل اثنين مقابل واحد بين الموارد التي تنتظر قرارات استثمارية، وفقاً لشركة «ماكنزي» الاستشارية.

هذه المراهنة على الغاز، في جانب كبير منها، تعود لقدرة القطاع على سحب الفحم من نظام الطاقة العالمي، والتنافس مع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

يقول ماتن وتسيلار، رئيس شركة «شل» للغاز: «مصادر الطاقة المتجددة سوف تهيمن على المدى الطويل، لكن خلال عملية الانتقال، وربما حتى نهايتها، ينبغي وجود مصدر مستقر للكهرباء، يمكنه التدخل في ظل عدم توافر طاقة الرياح والطاقة الشمسية».

وليس هناك من مصدر لآفاق الغاز أكثر أهمية من آسيا، إذ من المتوقع أن تشكل الصين والهند وحدهما نصف زيادة الطلب على الطاقة العالمية والبالغة 30% حتى 2035، وفقاً لبريتش بتروليوم. وتهدف الصين إلى زيادة حصة الغاز في استهلاكها الإجمالي للطاقة من 6% إلى 15% بحلول 2030.

الحاجة إلى تدابير تنظيمية لإخراج الفحم يوضح لماذا تدعم جماعات النفط الكبرى الضريبة على انبعاثات الكربون. لكن المنتجين لا يعتمدون فقط على التدخل السياسي لتحفيز الطلب، بل يجدون وسائل لتوفير الغاز بكلفة أقل.

وحدات التخزين العائمة ووحدات التحويل، أي السفن التي بإمكانها استلام الغاز الطبيعي المسال وتحويله إلى غاز، نشأت على السواحل في أنحاء العالم كبديل بكلفة متدنية عن بناء محطات أرضية مكلفة. وقد تضاعف عدد البلدان التي تستورد الغاز الطبيعي المسال في العقد الأخير إلى 35، وهذا يعود لتلك الوحدات التي جعلت الأمر مقبولاً من حيث الكلفة في أماكن مثل باكستان والأردن وكولومبيا.

لكن مع كل هذا التفاؤل، فإن المشاريع مثل «بريلود» و«ويت ستون» ستكون محفوفة بالمخاطر التجارية. فوصول الغاز الطبيعي المسال الأسترالي على نطاق واسع تزامن مع زيادة في الغاز الصخري الأميركي. الولايات المتحدة على مسار في أن تصبح مصدرة صافية للغاز هذا العام للمرة الأولى منذ 1957.

هذه الزيادة في السعة تشكك بافتراضات اقتصادية سطرت مشاريع الغاز الطبيعي المسال الأسترالية، وغيرها، وقد تراجعت أسعار الغاز في أوروبا وآسيا، أكبر سوقين للغاز الطبيعي المسال، بحوالي 40% في السنوات الخمس الماضية، مما قلص العائدات على الاستثمار ما دون المستوى المتوقع.

على الرغم من الإشارات الإيجابية من الصين، فإن الأسعار المنخفضة فشلت حتى الآن في تحفيز ازدهار الطلب على الغاز في العالم. فقد تباطأ نمو الاستهلاك من معدل 3% في العام في العقد الأول من القرن إلى 1.4% سنوياً منذ 2010. وهذا التباطؤ وضع بعض الركائز التي تم بناء المستقبل البراق للغاز عليها تبدو الآن أقل صلابة قليلاً مما كانت عليه في الماضي.

إن النمو في الاستهلاك العالمي من المتوقع أن يزداد بمعدل 1.6% في العام حتى 2035 وفقاً لبريتش بتروليوم، وهذا أكثر بضعفين من نسبة 0.7% المتوقعة للنفط.

وفيما الشركات حذرة بشأن المزيد من الإنفاق على الغاز الطبيعي المسال تستمر أسعار النفط الضعيفة في الضغط على مالية الصناعة. تطوير لمشاريع أصغر حجماً من المرجح أن يسود على المشاريع الضخمة في المستقبل. لكن اندفاعة الشركة الإيطالية ايني في يونيو لحقل كورال ساوث في موزامبيق، تشير إلى أن الاندفاعة للغاز لا تزال مستمرة.

* محلل اقتصادي في صحيفة «فايننشال تايمز»

Email