مسؤولون وخبراء يرسمون صورة متفائلة للمستقبل رغم العوائق والتباطؤ

المشروعات الصغيرة والمتوســــــــطة.. متهمة أم مجني عليها؟

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من الجهود المبذولة على كل المستويات في الدولة لوضع قاعدة متكاملة تشريعية وتنظيمية لإحداث نهضة شاملة بقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ودعم ابتكارات الشباب الإماراتي ورواد الأعمال إلا أن القطاع ظل يراوح مكانه خلال العامين الماضيين في ظل استمرار مخاوف البنوك والجهات التمويلية عموماً من ارتفاع نسب المخاطر بهذه الشريحة من المشروعات خصوصاً بعد تعثر نسبة من المشروعات الممولة خلال السنوات الماضية.

وتؤكد المؤشرات تباطؤ معدلات نمو تمويل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال العامين الماضيين مقارنة بالأعوام الأربــعة الأولى من العقد الحالي التي شهدت ضخ سيولة كبيرة للقطاع حيث كانت البنوك تتسابق لتقديم التمويلات لهذه المشاريع التي تحظى بتشجيع كبير من قبل الحكومة حيث يتم تقديم تسهيلات عديدة لها لمساعدتها على الصمود والاستمــرار ومجابهة التحديات التي تتعرض لها خصوصاً في بداياتها.

وبين الجهود والإجراءات الحكومية المكثفة لدعم وتشجيع النهوض بالقطاع من جانب.. وتردد العديد من البنوك في منح التمويل لهذه الشريحة من المشروعات من جانب آخر بعد تكبدها لخسائر من تمويل مشاريع مماثلة في السابق.. شهد القطاع المصرفي والاستثماري خلال الشهور الأخيرة حالة من الجدل للإجابة على تساؤل رئيسي..هل المشروعات الصغيرة والمتوسطة متهمة.. أم مجني عليها؟.

يرى مسؤولون وخبراء مصرفيون واقتصاديون أن التطورات السلبية في سوق تمويل المشروعات الصغيرة في عامي 2014 و2015 وتعثر عدد من المشروعات بهذا القطاع كانت من الأسباب الرئيسية للتعامل الحذر من قبل معظم البنوك التي بدأت تنهج سياسات أكثر تحفظاً في التعامل مع هذا القطاع بإجراء تعديلات بسياساتها الائتمانية بما يساعد على تفادي أية مشاكل محتملة مستقبلاً حتى تستطيع البنوك الاستمرار في دعم هذا القطاع الحيوي.

ويعربون عن اعتقادهم بأن أهم العوائق في تمويل هذا القطاع تتمثل في عدم توافر بيانات مالية يمكن الاعتماد عليها لنسبة كبيرة من هذه المشروعات وضعف الضمانات المتاحة للبنوك بالإضافة إلى أن عدداً كبيراً من العملاء من جنسيات أجنبية قد يغادرون البلاد عند ظهور أي مشكلة مما يزيد من حجم المخاطرة على البنوك.

ويؤكدون ضرورة قيام البنوك بتطوير أساليبها في اختيار العملاء ومراجعة شروط الإقراض وتحديد عدد أقصى من البنوك للعميل الواحد أو اشتراط حصول العميل على موافقة البنوك التي يتعامل معها عند التقدم بطلب تمويل جديد من بنك آخر.

ورغم هذه العوائق وحالة التباطؤ التي شهدتها معدلات التمويل على مدى أكثر من عامين.. رسم المسؤولون والخبراء صورة متفائلة لمستقبل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة متوقعين أن يشهد عام 2017 بداية انطلاقة جديدة للقطاع يتغلب من خلالها على آثار التباطؤ الفترة الأخيرة مستندين في توقعاتهم الإيجابية إلى عدة عوامل أبرزها أن البنوك بدأت تتعامل بأساليب أكثر احترافية مع طلبات التمويل بالقطاع من خلال الدراسة المتأنية ومحاولة إيجاد ضمانات كافية مستفيدة من بعض التجارب السلبية التي واجهتها نتيجة تقديم تسهيلات غير مدروسة في السابق.

تقديرات

وقدروا حجم التمويلات المتوقع ضخها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات خلال العام الحالي بما يتجاوز 15 مليار درهم فيما توقعوا أن يسجل هذا القطاع نمواً سنوياً يفوق 5 % خلال السنوات المقبلة.

تسهيلات

وأكد معالي مبارك راشـــد المنصوري محافـظ المصرف المركزي أنه انطلاقاً من إدراكه بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي المحرك الرئيسي للنمو والتوظيف في الإمارات فإن المصرف المركزي يواصل العمل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين لتخفيف القيود ووضع القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2014 موضع التنفيذ بحيث تتمكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الحصول على تمويل بتكاليف معقولة موضحاً معاليه أن قرار المصرف المركزي بتكوين «فريق لتنفيذ استراتيجية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة» كان الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.

وقال إنه يتم التحرك حالياً إلى الأمام بالتنسيق مع أصحاب المصلحة من أجل سد الثغرات وإزالة العقبات أمام الاستفادة من القانون بحيث تتمكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات المبتدئة من الحصول على الدعم والتمويل اللازم لتأدية دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني.

تحسن

وقال محمد نصر عابدين الرئيس التنفيذي لبنك «الاتحاد الوطني» إن العديد من البنوك العاملة بالدولة مرت في أواخر عام 2015 وأوائل عام 2016 بتجارب لم تكن جيدة بتعثر العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة الممولة من تلك المصارف معرباً عن اعتقاده بأن هذه المصارف أعادت ترتيب أوضاعها في هذا الشأن حيث قامت البنوك بتوفير مخصصات كافية وأن الوضع تحسن خلال العام الماضي بشكل عام.

وأضاف أنه رغم المرور بهذه التجارب إلا أن البنوك لا تستطيع تجاهل هذا القطاع الحيوي ولكنها من المرجح أنها ستواصل التعامل مع تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في ضوء ما استفادته من التجارب التي حدثت خلال العامين الماضيين متوقعاً أن تقوم البنوك بوضع ضوابط أكثر دقة وتحديد أسس جديدة لأخذ الضمانات مقابل تمويل هذه المشروعات بما يكفل دعم وتشجيع هذه الشركات وفي الوقت نفسه تقليل نسب المخاطرة للمحافظة على أموال المودعين والمساهمين.

اهتمام

من جانبه أكد صالح عمر عبد الله مدير معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية في أبوظبي أن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة حظي باهتمام غير مسبوق على مختلف المستويات خلال السنوات الماضية مع توجيهات من القيادة الرشيدة بتفعيل مساهمة هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الوطني وزيادة حصته في الناتج المحلي الإجمالي .

حيث شهد عاما 2014 و 2015 اتخاذ العديد من القرارات الهامة لتشجيع إقامة هذه النوعية من المشاريع وإيجاد قواعد منظمة لعملها توفر لها الحماية الكافية من أية مخاطر استثمارية وتجعلها بيئة خصبة لإيجاد فرص عمل وظيفية واستثمارية للمواطنين الإماراتيين.

وأشار إلى أن القانون الاتحادي بشأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، سيكون له أثر كبير في تنظيم العلاقة بين كافة مؤسسات الدولة الرسمية ورواد المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعد نواة أي اقتصاد معرفي ناجح مؤكد أنه سيساهم بقوة في تطوير المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة حتى تكون داعماً أساسياً للتنمية الاقتصادية في الدولة.

بيانات

وأفاد بأن الدراسات تشير إلى أن عدد المشاريع التي تندرج تحت مسمى مشاريع صغيرة ومتوسطة يتجاوز 300 ألف مشروع تشكل نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي وتوفر فرص عمل لحوالي 86% من مجموع العمالة في القطاع الخاص مؤكداً أهمية القرار الذي تم اتخاذه بتخصيص 10% من المجموع الكلي السنوي لما يقدمه مصرف الإمارات للتنمية من تسهيلات ائتمانية وتمويل لصالح المشاريع الصغيرة والمتوسطة حيث يبلغ رأس مال المصرف 10 مليارات درهم المدفوع منه 5 مليارات.

انتعاش

وتوقع المستشار الاقتصادي محمد سعيد محمد الظاهري أن يشهد العام الحالي والعام المقبل مرحلة انتعاش جديدة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خصوصاً بعد صدور منظومة «تصنيف الشركات الصغيرة والمتوسطة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في يناير الماضي والتي ستضع حلاً للصعوبات التي كانت تظهر خلال التعامل مع هذه الشريحة من الشركات في ظل تفاوت أساليب ومعايير تقييمها وتصنيفها مما كان يعرقل خطوات توجه البنوك العاملة بالدولة للتوسع في دعم هذه المشروعات.

وقال إن المنظومة الجديدة ستسهم في تنشيط التمويل المصرفي للشركات الصغيرة والمتوسطة بعد فترة من التباطؤ النسبي بسبب التحديات التي واجهتها البنوك في تمويل هذا القطاع نتيجة عدم وجود معايير واضحة لتصنيف هذه الشركات وعدم توافر بيانات مالية يمكن الاعتماد عليها عند اتخاذ قرار منح التمويل بالإضافة لضعف الضمانات المتاحة معرباً عن اعتقاده بأن المنظومة ستدعم خطة المصرف المركزي لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير التمويل لهذه الشريحة من الشركات .

خصوصاً أن بعضها لم يحصل على التمويل المصرفي بالرغم من الدور الرائد الذي لعبته مؤسسات حكومية مثل صندوق خليفة لتنمية المشاريع ومؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب فإن حصة هذه المؤسسات لا تتعدى 3.2 % من اجمالي القروض المصرفية مقارنة مع 8 % في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و 18 % في الدول الناشئة.

Email