كلنا سائقون ماهرون.. فمن يرتكب الحوادث؟

تحولات القبول الاجتماعي لتقنيات القيادة الذاتية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك ثلاثة جوانب مهمّة جداً كونها مُتّفق عليها بين معظم السائقين علماً أنها بنفس الوقت مصدر قلق كبير؛ ومنها عندما يقول أحدهم «أنا سائق ماهر.. والآخرون هم الذين بحاجة إلى هذه التقنية»، المشكلة هنا أن كل سائق يعتبر نفسه ماهراً دون الآخرين، وكل واحد فينا يرى نفسه بعيداً كل البعد عن الخطأ.

ولكن هناك الكثير من حالات الوفاة سنوياً، ما يعني أننا نفتقر لأدنى حدود المعرفة المطلوبة لخفض هذا الرقم الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أننا لسنا بارعين كما نعتقد، حسبما يقول بريان كولي، على منصة «درايف» التابعة لشركة نيسان والتي تسلط الضوء على العمليات التي تجري خلف الكواليس لتطوير تقنيات القيادة المستقبلية.

ويضيف محرر موقع CNET، صاحب الخبرة الطويلة في مجال التكنولوجيا والسيارات، قائلا: يتمثل الأمر الثاني في عبارة «أنا لا أثق بالحواسيب». فانطلاقاً من اعتقاد العملاء بأن الحواسيب متشابهة، فهم يتصورون أن الحواسيب التي يستخدمها العامة ولاسيما أجهزة «ويندوز» أو «ماك» مع كافة عيوبها وانخفاض تكاليفها ستكون مثبتةً تحت لوحة القيادة في سياراتهم.

ولكن عند التدقيق في الحواسيب التي تتحكم بالسيارات ذاتية القيادة ستزول تلك المخاوف باعتبارها تتشابه مع نظيراتها المستخدمة في طائرات «ايرباص» و«بوينج»، وليست كجهاز الكمبيوتر البسيط الموجود في المنزل أو المكتب. وثالث هذه الجوانب يتمثّل بارتباط تقنيات القيادة الذاتية التي تمنع الناس من قيادة السيارة مع عدم قدرتنا على القيادة خلال مرحلتين من حياتنا:

الأولى في مرحلة المراهقة عندما يحظر علينا أهلنا ذلك، والثانية في مرحلة الشيخوخة عندما يمنعنا أولادنا من القيادة. وفي كلتا المرتين، ينتابنا شعور بالإحباط على صعيد شخصيتنا وقدرتنا على الأخذ بزمام الأمور، لتبقى أصداء هذه الجوانب مترددة في أذهاننا.

ثقة

ويرى بريان أن ثقة المستهلكين تنطوي على أهمية بالغة نظراً لاختلاف هذه التقنيات عن سابقاتها؛ فعندما لا يؤدي الهاتف الذكي أو الكمبيوتر المتطور دوره بالشكل الأمثل، لا تصل الآثار السلبية لذلك إلى حد وفاة المستخدم. ولكن الأمر مختلف تماماً مع هذه التقنيات.

فقد يكون ثمن الخطأ غالياً والمخاطر مرتفعة للغاية. ومع إدراكهم لهذا الأمر، يشعر العملاء بالارتياب أثناء تفكيرهم بسيارة تسير لوحدها. ولعلّ أول فكرة تخطر ببالهم تتمثل في الأشخاص المعرضين للأذى عند حدوث خطأ ما قبل التفكير في حجم التكاليف والقيمة التي تضيفها هذه التقنيات إن وجدت.

ولا يزال مفهوم الثقة التامة بعيداً كل البعد عن الوضوح نظراً لندرة عدد السيارات العاملة بهذه التقنية وحتى أنها تعمل بتقنيات القيادة الذاتية جزئياً، ولذلك لا يمكننا حالياً مسح آراء العملاء حول سيارات القيادة الذاتية كلياً دون أن يكون لديهم أدنى خبرة أو نقاط مرجعية لاستخدام تقنية كهذه. فهم لا يعرفون شيء عن هذه التقنية سوى ما يتصورونه حولها.

وبذلك فهم لا يشكلون قاعدة موثوقة يمكن الاستناد إليها لإجراء المسح أو البدء بالاعتماد على هذه التقنيات. ولا يمكنني الآن تحديد الفترة اللازمة لبلورة هذه الثقة، لكنني لا أتفق مع المتشائمين الذين يقولون بأنها ستستغرق وقتاً طويلاً قد يصل إلى عشرات السنين.

تأقلم

ويؤكد بريان كولي أنه بعد الاختبارات الأولية أبدت شركات تطوير تقنيات القيادة الذاتية دهشتها من سرعة تأقلم العملاء الذين خضعوا للاختبار؛ فالبعض منهم تأقلم معها بسرعة مذهلة، فيما استغرق البعض الآخر ساعة واحدة فقط للانتقال من حالة التوتر إلى الاسترخاء، ومن ثم قراءة كتاب أو النوم لفترة قصيرة أثناء وجودهم في واحدة من تلك السيارات. وهذا يعطي مؤشراً بأن الأمر لن يكون صعباً.

اعتياد

وأضاف أن غالبية السيارات الموجودة حالياً على الطرقات تتمتع ببعض مزايا القيادة الذاتية التي لا تظهر بشكل واضح؛ فهناك الكثير من السيارات المجهزة بنظام الركن الذاتي أو نظام التحكم التكيفي بالسرعة، أو تلك التي تنبه سائقيها بواسطة الاهتزازات، أو المجهزة بنظام يعيدها إلى المسار عند انحرافها عن الطريق، جميع هذه التقنيات متاحة اليوم حتى في بعض السيارات المستأجرة كتجهيز أساسي.

ويجمع مفهوم القيادة الذاتية المستقبلية هذه التقنيات جميعها ضمن سيارة واحدة. ومع تمكّن هذه التقنيات كل على حدة من كسب ثقة العملاء، فإن النظام الذي سيوحدها معاً سيحظى بهذه الثقة أيضاً في المستقبل. لكن ذلك لا يعني أننا قاب قوسين أو أدنى من إنجاز ذلك، وإنما يشير بطبيعة الحال إلى أننا في بداية الطريق الصحيح.

وتجسد الهواتف الذكية مثالاً مشابهاً من عالم التكنولوجيا، حيث تطورت إلى شكلها الحالي استناداً لما سبقها من تقنيات وأجهزة مثل الحاسوب الشخصي والكاميرا الرقمية والجهاز الملاحي المحمول؛ فكان الهاتف الذكي ثمرةً لدمج هذه التقنيات والتجارب مع بعضها البعض.

 

Email