صناعيون يدعون إلى فرض رسوم جمركية 5 % ووقــــــــــــــف الإعفـــاءات الجمركيــة للمنتجات المستوردة

صناعات وطنيـة تواجه الإغراق بانتظـــــــــار الدعــم الحكومــي وقانـون يحميها

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

أعرب رؤساء شركات ومصانع وطنية وصناعيون عن تفاؤلهم بقرب صدور قانون مكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية الذي أعدته وزارة الاقتصاد وأحالته الجهات المعنية للمجلس الوطني الاتحادي لمناقشته وإقراره. وتوقع المجلس الوطني إنجاز المسودة النهائية لمشروع القانون الجديد خلال شهرين وقبل نهاية العام الجاري.

وأكد رؤساء الشركات والصناعيون أهمية الدولة مطالبين بضرورة أن يتضمن القانون نصوصاً تحمي الصناعات الوطنية من المنافسة غير العادلة، وأن يتضمن فرض رسوم جمركية 5% على الواردات، ووقف الإعفاءات الجمركية للمنتجات المستوردة، التي يثبت إضرارها بالصناعات الوطنية عبر ممارسات الإغراق، إضافة إلى وسائل لدعم الصناعات الوطنية عن طريق إعطاء الأفضلية في المشتريات الحكومية الاتحادية والمحلية للمنتجات الوطنية وتخفيض أسعار المياه والكهرباء والغاز الطبيعي والإيجارات ورسوم العمالة للشركات الوطنية.

وأكدوا أن صدور القانون الجديد لا يتنافى مع حرية الأسواق مشددين على ضرورة أن يعزز القانون الجديد قدرة الدولة على اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة الإغراق وإبلاغ منظمة التجارة العالمية بالقانون الجديد، لكي تطلع عليه جميع الدول الأعضاء بالمنظمة، ما يشكل رادعاً لبعض الدول التي يمارس منتجوها عمليات الإغراق.

وشددوا على أن الصناعات الوطنية تتعرض لممارسات ضارة في السوق المحلية كما تواجه مصاعب كبيرة في أسواقها التصديرية، مؤكدين ضرورة أن يحمي القانون الصناعة الوطنية ويضمن المنافسة العادلة بين منتجات الصناعات الوطنية والمنتجات المستوردة، إلى جانب التطبيق العادل لقواعد التجارة الدولية. وتنتشر هذه الظاهرة بشكل أكبر في قطاع المعادن وبخاصة حديد التسليح والألمنيوم والكابلات الكهربائية يليه قطاع الأسمنت والمواد الغذائية ومياه الشرب.

وتعد صناعة الحديد والصلب الوطنية أكثر الصناعات تعرضاً للإغراق من قبل دول وشركات وتجار عالميين ومحليين، الأمر الذي دفعها لخوض مواجهة قوية وخاصة مع الحديد التركي والصيني بداية من النصف الثاني من العام الماضي إلى نهاية النصف الماضي من العام الجاري، وتكللت هذه المواجهة بالنجاح إلى حد كبير كما برهنت الأيام القليلة الماضية حيث استرجعت شركات الحديد الوطنية مكانتها وقوتها في السوق.

وكما يقول المهندس سعيد الرميثي الرئيس التنفيذي لشركة حديد الإمارات أكبر تجمع صناعي للحديد في منطقة الخليج والذي تملكه حكومة أبوظبي إن الوضع الحالي لصناعة الحديد الوطنية تحسن بشكل كبير لدرجة يمكننا القول إننا نجحنا في مواجهة ظاهرة إغراق السوق بمنتجات أخرى من دول عديدة.

وينوه الرميثي إلى أن الشركة تحملت مصاعب كبيرة خلال الفترة من نوفمبر الماضي إلى نهاية أغسطس الماضي حيث اضطرت إلى زيادة حصتها داخل الدولة وتقليص الحصة التي تصدرها للأسواق الخليجية والعالمية لوضع نهاية لإغراق السوق من أنواع أخرى من الحديد ودفعه نحو الاستقرار وخاصة مع وجود طلب مكثف على الحديد.

وضخت شركة حديد الإمارات منذ مارس الماضي كميات إضافية من إنتاجها البالغ أكثر من 3 ملايين طن إلى السوق الإماراتي حيث رفعت حصتها داخل الإمارات من 120 إلى 150 ألف طن شهرياً وذلك من إجمالي إنتاجها البالغ 180 ألفاً، كما قلصت الكميات المصدرة للخارج من 60 ألف طن إلى 30 ألف طن شهرياً، ويقول الرميثي «قرارنا كان صعباً للغاية وتميز بالجرأة لكن لم يكن أمامنا إلا هو وخاصة أن مسؤوليتنا الوطنية كشركة حكومية تفرض علينا تلبية احتياجات السوق بخامات أفضل وبأسعار تنافسية».

تعميم

ودعم تعميم أصدرته وزارة المالية وأرسلته لكافة الجهات الحكومية بعدم اشتراط استخدام الحديد المستورد لمواصفات البناء والمشاريع الإنشائية عند إعداد طلبات الشراء (المناقصات) موقف شركة حديد الإمارات في مواجهة الحديد التركي والصيني للأسواق، حيث حمى التعميم صناعة الحديد الوطنية كما عزز من تنافسية السوق بشكل كبير. وجاء التعميم في وقت عانت فيه المصانع الوطنية من ظاهرة تفضيل استشاريين ومهندسين وشركات مقاولات لنوع معين من الحديد المستورد لمصالح خاصة وذلك رغم أن مواصفات حديد الإمارات لم تقل مطلقاً عن مواصفاته بل تتفوق عليه.

وقال الرميثي: عانينا بشدة من ظواهر إغراق السوق بأنواع معينة من الحديد وحرق الأسعار، ما دفعنا إلى رفع الطاقة الإنتاجية إلى حدها الأقصى بل تعداها في أوقات عديدة وخاصة الأوقات التي كان يمر فيها السوق بقلة الحديد المستورد بسبب ارتفاع أسعاره.

وجاء إغراق السوق بالحديد الصيني والتركي في ظل تحديات كبيرة واجهتها صناعة الحديد الوطنية، لم تقتصر فقط على كثرة كميات الحديد المستورد في السوق وتفضيل العديد من الشركات وخاصة الأجنبية له بل شملت أيضاً ارتفاع أسعار المواد الخام وتكلفة الإنتاج وسياسات حرق الأسعار من قبل الموردين إضافة إلى المنافسة غير العادلة مما أدى إلى توقف مصانع عن العمل.

وتصل الطاقة الإنتاجية لمصانع الحديد الوطنية نحو 7 ملايين طن من منتجات الحديد بأنواعها الثلاثة، منها نحو مليونين طن من هذه الطاقة الإنتاجية غير مفعلة بسبب توقف مصانع عن العمل أو إنتاج مصانع بطاقة إنتاجية فعلية أقل من طاقتها الإنتاجية لصعوبات عديدة تواجهها أبرزها المنافسة غير العادلة من أنواع الحديد الأخرى وخاصة التركي والصيني إضافة إلى المنافسة بين المصانع الوطنية نفسها.

واستهلك السوق الإماراتي العام الماضي نحو 3 ملايين طن من حديد التسليح، في حين أنتجت المصانع الوطنية 3.3 ملايين طن، وتصل طاقتها الإنتاجية إلى أكثر من 5 ملايين طن منها نحو 1.250 مليون طن غير مفعلة.

وتستورد مصانع الحديد الوطنية منتجات الحديد بمختلف أنواعها من 3 أسواق رئيسية خارجية، هي الصين (لفائف أسلاك الحديد) و(المقاطع الإنشائية)، وتركيا (حديد التسليح)، وكوريا الجنوبية (المقاطع الإنشائية).

ويبلغ عدد المصانع الوطنية المنتجة للحديد في الوقت الراهن 24 مصنعاً، بطاقة إنتاجية كلية تصل إلى نحو 7 ملايين طن، منها نحو مليوني طن طاقة غير مفعلة.

ويلفت الرميثي إلى وجود إيجابيات عديدة لظاهرة إغراق السوق بمنتجات مماثلة للمنتجات الوطنية لافتاً إلى أن عدداً لا بأس به من الشركات الوطنية مثل شركة حديد التسليح كانت تركز في أنشطتها على الأسواق الخليجية والعالمية إلا أن الحماية التي توفرها حكومات هذه الأسواق لصناعاتها وتغير أسعار صرف العملات حدت من تصدير الشركة لمنتجاتها وخاصة في منطقة الخليج، مما دفعها للتركيز على السوق المحلي الإماراتي.

وقال «وجدنا الوضع محلياً أفضل من ناحية المبيعات والأرباح مما دفعنا للاستمرار، ومستمرون في ضخ كمياتنا الإضافية في السوق المحلي لتزيد حصتنا في السوق على 63% خلال الفترة القليلة المقبلة».

مواجهة

واشتدت المواجهة بين شركة حديد الإمارات والشركات الأجنبية نهاية العام الماضي وخاصة مع دخول كميات كبيرة من الحديد الصيني والتركي للبلاد، واستضافت إمارة دبي نهاية شهر نوفمبر الماضي اجتماع مجلس إدارة الاتحاد العربي للحديد والصلب بحضور أعضائه الممثلين عن صناعة الحديد والصلب في كل من السعودية ودولة الإمارات ومصر وقطر والأردن والجزائر والبحرين، حيث ناقش المجتمعون عدة موضوعات وعلى رأسها الزيادة المفاجئة وغير المبررة في الواردات للمنطقة العربية سواء من حديد التسليح أو مسطحات الحديد وبأسعار متدنية للغاية مما يسبب أضراراً بالغة للصناعة الوطنية في الدول المعنية.

حرية

ويلفت سعيد الرميثي إلى أهمية إصدار قانون لحماية الصناعة الوطنية مؤكداً أن هذا القانون لا يتعارض مع حرية الأسواق في الإمارات، ومن الضروري سن تشريعات ومقاييس ومواصفات صناعية إماراتية لمواجهة أية منتجات أجنبية، لأن هذه التشريعات توفر أجواء التنافس الشريف بين المصانع الوطنية والأجنبية في السوق الإماراتي والأسواق الخليجية. وقال «نحن لسنا ضد حديد معين سواء تركياً أو صينياً أو رومانياً ولكننا نشدد على ضرورة أن يتمتع حديد التسليح المتوافر في الدولة بأرقى معايير ومواصفات الجودة العالمية».

ونوه الرميثي إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تطبق رسوماً جمركيةً على الحديد بنسبة 5%، وهذه الرسوم تطبق فقط على حديد التسليح ويستثنى منها القطع والثني، مطالباً بإعادة دراسة هذه النسبة وخاصة أن هناك دولاً مثل تركيا تفرض رسوماً على الحديد الذي يدخل بلادها بنسب تصل لنحو 40%، والمهم هو إعادة دراسة الرسوم الجمركية بما يؤكد ضرورة توافر المنافسة الشريفة في السوق بين جميع أنواع الحديد، وأن تتماشى هذه الرسوم مع ظروف الأسواق العالمية.

الألمنيوم

ويأتـي قطاع الألمنيوم ومنتجاته كثاني القطاعات الصناعية الأكثر تعرضاً للإغراق في الدولة، وكما يذكر يوسف بستكي نائب الرئيس التنفيذي لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم فإن سوق الإمارات مليء بمنتجات الألمنيوم الصينية مشيراً إلى أن الصين لديها منذ أكثر من عام فائض ضخم في الألمنيوم وتقوم بتصديره إلى أسواق أخرى أبرزها سوق الإمارات ومجلس التعاون الخليجي.

وينوه إلى أن منتجات الألمنيوم الصينية المتواجدة في السوق الإماراتي تفتقد إلى الخامات الجيدة والكفاءة والفعالية، لكنها تمتار برخص أسعارها مقارنة بسعر الألمنيوم الإماراتي الذي يمتاز بنوعيات عالية جداً من الجودة والكفاءة. ويقول «غالبية نوعيات الألمنيوم الصيني الموجود في الأسواق غير آمنة وتشكل خطورة حقيقية على المستهلكين، وهذه المنتجات تشكل تهديداً حقيقياً لصناعة الألمنيوم الوطنية».

وتضخ شركة الإمارات للألمنيوم نحو 200 ألف طن من إنتاجها السنوي البالغ 2.4 مليون طن في سوق الإمارات وتصدر غالبية إنتاجها (2.2 مليون طن) إلى أكثر من 30 سوقاً عالمياً. ويرى يوسف بستكي أن الشركة تخطط لفتح المزيد من الأسواق ولا تخطط حالياً لزيادة حصتها في السوق المحلي لأن الكميات التي تضخها كافية وتهمها الأسواق الدولية.

ويشير إلى أن الصناعات الوطنية وفي القلب منها صناعة الألمنيوم تحتاج إلى إجراءات حماية حقيقية من قبل الحكومة لافتاً إلى أن عدداً من البلدان الأوروبية تفرض ضرائب بنسبة 6% على الألمنيوم الإماراتي الوارد إليها بهدف دعم صناعتها الوطنية، وعلى الرغم من ذلك الشركة تتوسع في أوروبا ومنتجاتها تلاقي إقبالاً كبيراً لأنها تتميز بالجودة والقيمة المضافة والتي تفتقر إليها غالبية المنتجات الأخرى وخاصة المنتجات الصينية.

ويؤيد يوسف بستكي بقوة إصدار قانون محاربة الإغراق مشدداً على ضرورة أن يتضمن القانون نصوصاً واضحةً وقويةً تحمي الصناعات الوطنية من المنافسة غير العادلة، وأن يتضمن فرض رسوم جمركية على الواردات قد تصل إلى 5% أو أكثر إضافة إلى ضرورة وقف الإعفاءات الجمركية للمنتجات المستوردة، التي يثبت إضرارها بالصناعات الوطنية عبر ممارسات الإغراق، إضافة إلى وسائل لدعم الصناعات الوطنية عن طريق إعطاء الأفضلية في المشتريات الحكومية الاتحادية والمحلية للمنتجات الوطنية وتخفيض أسعار المياه والكهرباء والغاز الطبيعي والإيجارات ورسوم العمالة للشركات الوطنية.

ويشدد على أن صدور القانون الجديد لا يتنافى مع حرية الأسواق بل العكس حيث يعزز القانون قدرة الدولة على اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة الإغراق، وخاصة أن الصناعات الوطنية تتعرض لممارسات ضارة في السوق المحلي كما تواجه مصاعب كبيرة في أسواقها التصديرية.

مياه الشرب والمواد الغذائية

يعد قطاع مياه الشرب والمواد الغذائية من أهم القطاعات التي تزدهر فيها ظاهرة الإغراق، حيث تستشري المنافسة غير العادلة بين منتجات الشركات الوطنية والأجنبية.

ورغم أن الشركات والمصانع الوطنية تعاني من صعوبات حقيقية إلا أنها نجحت في تطوير منتجاتها والاستحواذ على حصة جيدة من السوق المحلي وأسواق الشرق الأوسط كما يؤكد لنا عبدالرحمن الهاشمي مدير مجموعة أغذية للسلع والتي تعد إحدى كبريات شركات حكومة أبوظبي المتخصصة في المشروبات والأغذية ولديها 12 علامة تجارية، على أن الشركة أقرت سياسة تقوم على تطوير منتجاتها باعتبار ذلك الطريقة المثلى لمواجهة المنتجات الأخرى في السوق، وعلى أية حال فهي تعمل لمصلحة المستهلك الذي ينشد في النهاية السلعة الأجود والأقل سعراً وتسعى لتلبية مطالب المستهلكين بذلك.

ويقول نواجه منافسة شديدة جداً في السوق المحلي من المنتجات الأجنبية المدعومة من دولها، ونتمنى دعماً حكومياً أكبر علماً أن نسبة 70% على الأقل من مشترياتنا من المواد الخام تأتي من داخل الدولة، كما أن 60% من حجم إنفاقنا يتم في الإمارات ولنا دور مجتمعي بارز كما أننا نسعى إلى الشراكة مع أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدولة.

ونوه إلى الدور الكبير للشركات الوطنية في تلبية احتياجات المجتمع لافتاً إلى أن علامة مياه العين توفر كميات كبيرة من المياه رخيصة السعر وعالية الجودة للمواطنين والمقيمين كما أن شركة المطاحن تقدم أنواعاً متميزةً من الدقيق والمخبوزات بأسعار تنافسية وبجودة عالية جداً، كما أن الشركة منفتحة على دول العالم وتستورد مواد خاماً من الأرجنتين وأميركا وآسيا والبرازيل وتمتلك أصولاً في الإمارات ومصر وتركيا، وتوفر لسوق أبوظبي سنوياً مليون طن من الطحين، كما يعمل لدى مجموعة أغذية أكثر من 3000 موظف يضطلعون بمسؤولية تصنيع وتوزيع وتسويق مجموعة متنوعة من منتجات الأطعمة والمشروبات وحققت الشركة نمواً في حجم أعمالها بنسبة 17%، كما تعد إحدى دعائم الاقتصاد الوطني لإمارة أبوظبي والإمارات. ويؤكد محمد غانم المنصوري نائب الرئيس التنفيذي لشركة الفوعة على أن الشركات الوطنية لا تحتاج لحماية حكومية تخالف قوانين وقرارات المنظمات الدولية لافتا إلى أن الشركات الوطنية قطعت شوطا في تطوير منتجاتها بحيث غزت عشرات الأسواق العالمية.

تحذير

أصدر الاتحاد العربي بياناً حذر فيه من التأثير المدمر للواردات الصينية تحديداً والتي تدخل المنطقة بأسعار تقل عن الأسعار العالمية وكذلك الأسعار المحلية بفارق كبير بما يهدد الشركات العربية بالاستحواذ على أسواقها المحلية ويؤثر في حجم إنتاجها وربحيتها وبالتالي يسبب ضرراً للاستثمارات الضخمة في تلك الصناعة سواء في المشروعات القائمة او المستقبلية. وحذر البيان من خطورة الفائض الصيني الهائل من حديد التسليح لعام 2015.

تعريف

حالة من التمييز في تسعير منتج ما، وذلك عندما يتم بيع ذلك المنتج في سوق بلد مستورد بسعر يقل عن سعر بيعه في سوق البلد المصدر، ويمكن التحقق من وجود الإغراق عند مقارنة الأسعار في سوقي البلدين المستورد والمصدر.

ومن الضروري معرفة التدابير المتبعة في مواجهة الإغراق ضمن تجارب عالمية مختارة، وما يمكن أن يتناسب مع السياسات التجارية المتبعة في الدولة، وأيضاً دراسة آثار الإغراق التجاري على الاستثمار المحلي والأجنبي.

كابلات

يعد قطاع الكابلات الكهربائية القطاع الثالث الأكثر تعرضاً لإغراق منتجاته في الدولة، ويرجع السبب في ذلك إلى وجود شركة دبي للكابلات الكهربائية (دوكاب) والتي تأسست 1979 كمشروع مشترك بين حكومتي أبوظبي ودبي، وتعد حالياً من أضخم الشركات المتخصصة بصناعة الكابلات والأسلاك في دولة الإمارات والمنطقة، وتصل طاقتها الإنتاجية إلى 110 آلاف طن سنوياً من قضبان النحاس عالية ومتوسطة ومنخفضة الجهد، والتي يتم تصديرها إلى 44 دولة.

إغراق الكلينكر يعرّض شركات الأسمنت الوطنية للخطر

يواجه قطاع الأسمنت في الدولة إغراقاً من مادة الكلينكر المادة الخام الرئيسية في تصنيع الأسمنت، وذلك يعرض السوق والشركات الوطنية للخطر.

ويؤكد عبدالعزيز أسد الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة أركان لمواد البناء أن كميات ضخمة من مادة الكلينكر تأتي للدولة من الصين وإيران بشكل خاص تؤديان إلى إغراق السوق بمنتجات الأسمنت بدرجة تفوق احتياجاته الأمر الذي عرض المصانع الوطنية لمصاعب حقيقية.

وأوضح أن غالبية شركات الأسمنت الوطنية تحصل على مادة الكلينكر بصورة شبه ذاتية عن طريق الحرق، وهذه الطريقة تستخدم طاقة بشكل كبير وبصفة خاصة الغاز الطبيعي مما يؤدي إلى ارتفاع التكلفة الإنتاجية للمصانع بشكل واضح، بينما تلجأ مطاحن كثيرة للأسمنت في الدولة إلى الخارج وخاصة إيران والصين للحصول على مادة الكلينكر بأسعار زهيدة وطحنها لإنتاج الأسمنت، وقد اشتدت ظاهرة استيراد الكلينكر في الفترة الأخيرة التي شهدت إنشاء مصانع صينية للأسمنت الأمر الذي أشعل المنافسة بين المصانع الوطنية والأجنبية في تخفيض سعر بيع الأسمنت كمنتج نهائي في محاولة للحصول على حصة أكبر من السوق المحلي لبيع منتجاتها.

وقال سوقنا يتعرض لإغراق كبير من الكلينكر الصيني والإيراني، والصناعة الوطنية تعاني الكثير، وحالياً الطلب المحلي على الأسمنت يتراوح بين 13 مليوناً و15 مليون طن سنوياً بينما الإنتاج الفعلي لجميع المصانع يصل إلى 43 مليون طن الأمر الذي أدى إلى تخفيض أسعار كيس الأسمنت في الآونة الأخيرة ما بين درهمين وثلاثة.

وأضاف: «هناك تنافس شديد بين المصانع المتواجدة في الدولة للاستحواذ على أكبر حصة من الطلب المحلي الأمر الذي يدخل السوق لممارسات حرق الأسعار وهي ممارسات تضر بالسوق والصناعة، والسبب في ذلك كله الكلينكر المستورد». ونوه إلى أن صناعة الأسمنت على المستوى المحلي تواجه حالياً تحدياً من نوع آخر يتمثل في الارتفاع الملحوظ لأسعار مصادر الطاقة كالغاز الطبيعي المستخدم في عملية الحرق لإنتاج مادة الكلينكر، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية، مما يؤثر في تكاليف إنتاج مادة الأسمنت، إلى جانب تباين معايير استخدام الوقود البديل على مستوى امارات الدولة، ولدينا مصانع اعتمدت الفحم الحجري وغيره من المواد في محاولة للتخفيف في تكاليف الإنتاج الا أن بعض إمارات الدولة لا تسمح باستخدام هذه البدائل لما لها من تأثير سلبي في البيئة، ونحن في مصنع العين ملتزمون بالحفاظ على البيئة تماماً.

حماية الأسواق من الكابلات غير المطابقة أولوية

يؤكد محمد عبدالرحمن المطوع المدير التنفيذي للعمليات التجارية لشركة دوكاب أن الشركة تواجه منافسة قوية داخل الدولة من شركات عالمية وآسيوية مشيراً إلى أن الشركة والشركات الوطنية الأخرى تحتاج إلى حماية حقيقية.

وقال نحن لا نحتاج لحماية مصانعنا بل نحتاج لحماية الأسواق المحلية والمجتمع من الكابلات غير المطابقة للمواصفات العالمية، ولا بد من حماية المستهلك في المقام الأول والأخير بحيث يحصل على المنتج الجيد الفعال الذي لا يؤذيه مطلقاً.

وأوضح أن ارتفاع أسعار منتجات الشركات الوطنية يرجع إلى أسباب عديدة أبرزها ارتفاع أسعار المواد الخام المتميزة عالمياً حيث تعمل الشركات الوطنية على الحصول على خامات أصلية ذات جودة عالية، وغالباً تكون أسعار هذه المواد مرتفعة، فضلاً عن أن الشركات الوطنية لديها التزامات تجاه المجتمع المحلي ولها دور وطني وإنساني عكس الشركات الأجنبية التي تدخل بلادنا بمنتجات مدعومة من حكومات بلدانها ولا يوجد لها أية مسؤوليات تجاه المجتمع الإماراتي، وبالطبع تطرح منتجاتها بأسعار أقل علماً أن غالبية منتجات هذه الشركات في قطاع الكابلات ليست ذات كفاءة عالية وغير آمنة.

ويرى المطوع أن شركة دوكاب قبلت التحدي والمنافسة في السوق المحلي وكذلك الأسواق الدولية لافتاً إلى أن الشركة توزع حالياً أكثر من 75% من منتجاتها داخل الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي والنسبة المتبقية في 44 سوقاً عالمياً.

ويقول المنافسة داخل الدولة شديدة للغاية وخاصة أن سوق الإمارات مفتوح للجميع والشركات الأجنبية المنافسة تبيع بأسعار أقل من أسعارنا بنسب تتراوح بين 15% و20% لكننا ننافس بالجودة العالية لمنتجاتنا والتي يعرفها الجميع.

ويؤكد المطوع أن حجم مبيعات الشركة يتزايد سنوياً مشيراً إلى أن نسبة الزيادة ستتراوح هذا العام بنسبة تتراوح بين 5% و10% مقارنة بالعام الماضي، ومن المؤكد أن الشركة ستحقق مبيعات أفضل لعام 2016 مقارنة بعام 2015، وتراجع أسعار النفط لن يؤثر في مشاريع ومبيعات الشركة للعام الجاري ولدينا عقود كثيرة لعام 2016 تم توقيعها بالفعل.

وأشار إلى أن الشركة تنافس بقوة في 44 سوقاً عالمياً مشيراً إلى أن أكثر الأسواق التي تعاني فيها الشركة هي أسواق دول مجلس التعاون الخليجي حيث تطبق هذه الدول نظام الأفضلية لشركاتها المحلية في مناقصات المشاريع غير الحكومية، عكس سوق الإمارات المفتوح للجميع من دون أفضلية لأحد وبلا شك فإن الشركات الخليجية تلاقي دعماً من حكوماتها بشكل مباشر أو غير مباشر ولها الأفضلية مما يصعب علينا التواجد بقوة في السوق الخليجي .

3 أنواع حسب الطبيعة والتأثير

توجد 3 أنواع من الإغراق الأول هو العارض والذي يحدث في ظروف طارئة كالرغبة في التخلص من سلعة معينة في فترة آخر الموسم، حيث تطرح في الأسواق الدولية بأسعار منخفضة. ويعتبر هذا النوع من الإغراق الأكثر خطورة لأنه يبدأ متخفياً في صورة انخفاض أسعار ثم يظهر كارتفاع أسعار حاد. والثاني هو قصير الأجل، حيث يسعى لتحقيق هدف معين ينتهي بمجرد تحقيقه، ومن أمثلته: التخفيض المؤقت لأسعار البيع بقصد فتح سوق كبيرة، إلا أنه يقبل تحملها حتى يتحقق الهدف ثم يعود المنتجون لتعويض ما أصابهم. والنوع الثالث والأخير هو الدائم، ويتميز بأنه لا يمكن أن يقوم على أساس تحمّل الخسائر، ويفترض وجود احتكار في السوق المحلية، ويعتمد الاحتكار على وجود حماية لتخفيف حدة المنافسة الدولية.

شرطا الإغراق

هناك شرطان لحدوث الإغراق، يتمثل الأول في وجود إنتاج تسيطر عليه الاحتكارات الصناعية، أي وضع احتكاري بين المنتجين للسلعة، إذ إن عدم وجود مثل هذا الاحتكار لا يؤدي لبيع السلع في الأسواق بسعر أقل من التكلفة. أما الثاني فيفترض إمكانية البيع في السوق المحلية بسعر يحقق أقصى أرباح ما يؤدي إلى فرض ضرائب جمركية على الاستيراد بشكل يمنع الاستيراد ويرفع أسعار السلع .

متى يحدث؟

يتحقق الإغراق إذا كان سعر تصدير المنتج أقل من قيمته العادية، ويكون الفرق بينهما هو هامش الإغراق. ويمكن معرفة القيمة العادية للمنتج بمعرفة سعره في مجرى التجارة العادي عندما يخصص للاستهلاك في سوق البلد المصدر، ولكن في حالات عديدة قد يكون من غير الممكن تحديد القيمة ، لذا يلجأ إلى سعر مقارن للمنتج المثيل عندما يصدر لدولة ثالثة ، أو يمكن اللجوء إلى حسابات القيمة العادية المركبة.

أركان الإثبات

هناك 3 أركان لإثبات الضرر، وهي أن تثبت التحقيقات وجود إغراق. وأن تثبت وقوع ضرر مادي على الصناعة المحلية التي تنتج منتجاً مثيلاً لذلك المنتج المغرق. وأيضا أن يكون وقوع ذلك الضرر بسبب وجود ذلك الإغراق، أي أن لا يكون الضرر قد وقع بسبب عوامل أخرى (وهو ما يسمى بعلاقة السببية). وإذا ما تحققت تلك الأركان تتخذ رسوماً لا تزيد على هامش الإغراق عند دخول المنتج من المنافذ الجمركية .

6 مخاطر

تتمثل مخاطر الإراق في إغلاق المصانع المحلية وانخفاض طاقتها الإنتاجية، وارتفاع البطالة. ونزف العملات الأجنبية إلى خارج البلاد. الأخطار الصحية خاصة بالمواد الغذائية. وأخطار على الاقتصاد الوطني من خلال إخلال التوازن بميزان المدفوعات. وعلى اقتصاد المستهلك من حيث جودة المنتجات بسبب انخفاض أسعارها والتهافت على شرائها.

الضرر المبرر لاتخاذ إجراء مكافحة

إذا أوقعت الواردات المغرقة آثاراً على الصناعة المحلية، على شكل ضرر مادي أو مجرد التهديد بوقوع مثل هذا الضرر، أو تأخير مادي في إقامة تلك الصناعة، فإن كل تلك الآثار تعتبر مبرراً كافياً لاتخاذ إجراء لمكافحة تلك الواردات المغرقة، ولكن بشرط أن يكون تحديد الضرر مؤسسا على أدلة إيجابية وأن يكون ذلك على أساس الفحص الموضوعي لحجم الواردات المغرقة وتأثيرها على الأسعار، والأثر الناتج من تلك الواردات على المنتجات المحلية المثيلة.

أما في حالة التهديد بالضرر المادي فيجب أن يتم التحقق منه على أساس البحث الموضوعي لمعدل الزيادة في الواردات المغرقة، وطاقة المصدرين، والتأثيرات المحتملة على أسعار الواردات المغرقة، والمخزون، بشرط أن يتم تحديد هذا التهديد على أساس من الحقائق، وليس مجرد ادعاءات أو احتمالات بعيدة.

Email