الابتكار مفتاح المستقبل

جاسم محمد البلوشي

ت + ت - الحجم الطبيعي

«التطلّع نحو المستقبل»، عبارة تشجيعية لطالما نكرّرها في ذاتنا لتحفيزنا على مواصلة السير قدماً نحو تحقيق أهدافنا في الوصول إلى أعلى مستويات التميّز والريادة.

ولعلكم توافقوني الرأي بأن هذا هو النهج الذي سار على هديه الآباء المؤسّسون لدولة الإمارات العربية المتّحدة، مستشرفين المستقبل برؤية طموحة لبناء دولة متّحدة تعمل بقلب واحد للتغلّب على جميع التحديات المحتملة والنهوض بالبلاد إلى مصاف كبرى الدول المتقدّمة في العالم. واليوم، تواصل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات السير بخطى واثقة على هذا النهج والالتزام به من أجل توفير مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة على كافة الصعد، ودفع عجلة النمو الاقتصادي والاستدامة والتنمية الشاملة لتصبح دولة الإمارات نموذجاً يحتذى به عالمياً في كافة المجالات.

وفي العام 2014، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «الاستراتيجية الوطنية للابتكار» التي تهدف إلى جعل الإمارات ضمن الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم خلال السنوات السبع المقبلة، تماشياً مع الرؤية الثاقبة لسموه في بث روح الابتكار والإبداع في نفوس أفراد المجتمع وجعله المحرّك الأساسي نحو التميّز والتفوّق ضمن سبعة قطاعات رئيسية هي الطاقة المتجدّدة، والنقل، والتعليم، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا، والمياه، والفضاء.

وتتمثّل المرحلة الأولى من الاستراتيجية، والتي تمتد على مدار السنوات الثلاث الأولى من هذه الخطة السبعية، في تطوير وتنفيذ 30 مبادرة وطنية منها إقرار مجموعة من التشريعات الجديدة، وإنشاء حاضنات الابتكار، والاستثمار في المهارات والكفاءات المتخصّصة، وتوفير مجموعة من المحفّزات للقطاع الخاص، وبناء الشراكات العالمية في مجال البحوث، وإطلاق حملة لدفع القطاع الحكومي نحو المزيد من الابتكار.

ومن المقرّر تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية للابتكار» وفق نهج قائم على أربعة مسارات أساسية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة خلال المهلة المحدّدة الممتدة للسنوات السبع القادمة. وتفصيلاً، يهدف المسار الأوّل إلى توفير بيئة محفّزة للابتكار من خلال إنشاء منظومة مؤسّسية وتشريعية داعمة لمختلف مجالات الإبداع والابتكار. أما المسار الثاني..

فيتمحور حول دفع عجلة الابتكار الحكومي عن طريق مأسسة الممارسات المبتكرة في العمل الحكومي وتطوير منظومة متكاملة من الأدوات الحديثة التي من شأنها المساهمة في تحقيق ذلك. ويركّز المسار الثالث على توجيه القطاع الخاص نحو الاستخدام الأمثل للابتكار والمساعدة في إنشاء مراكز للابتكار والبحث العلمي وتبنّي أحدث التكنولوجيات المتقدّمة وتطوير المنتجات والخدمات المبتكرة..

بينما يرتكز المسار الرابع والأخير حول تدريب الأفراد وتأهيلهم بالمهارات العالية في مختلف مجالات الابتكار وتحديداً مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة وعلم الحساب، بالإضافة إلى استحداث مواد تعليمية مبتكرة في المدارس والجامعات.

وبدوره، يسير «منتدى الشارقة للتطوير» وفق رؤية واضحة المعالم تتماشى والأهداف الطموحة المحدّدة في «الاستراتيجية الوطنية للابتكار»، إذ يتشارك الاثنان في الغاية والفعل نحو رسم ملامح التنمية المستدامة الشاملة في دولة الإمارات. وفي الواقع، يأتي الابتكار والتحوّل نحو اقتصاد قائم على المعرفة في مقدّمة الأولويات التي تحظى باهتمام المنتدى..

فضلاً عن تسهيل تنفيذ المشاريع الداعمة لمفهوم التنمية المستدامة، وتفعيل الشراكات البنّاءة بين المجتمع المدني والقطاعين الحكومي والخاص، والمساهمة في زيادة الوعي العام وتطوير البرامج المجتمعية التي تشجّع العمل التطوعي ومبادرات المسؤولية الاجتماعية.

وكما «الاستراتيجية الوطنية للابتكار»، يولي «منتدى الشارقة للتطوير» أهمية كبيرةً أيضاً لبناء الشراكات المتينة مع أصحاب الخبرات ومراكز البحوث والمؤسّسات الأكاديمية المحلية العالمية، في خطوة لضمان تنمية الجيل القادم من القادة وروّاد الأعمال.

وينتهج المنتدى خطّةً مؤلفةً من أربعة محاور رئيسية مفادها دعم مسيرة الابتكار في الدولة والتي من شأنها أن تسهم أيضاً في تمكين المبادرات وروّاد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الإمارات، إذ نعمل في المنتدى على إرساء مفهوم الابتكار وربطه بماهية «الاستراتيجية الوطنية للابتكار» ودورها في دعم الاقتصاد القائم على المعرفة.

فضلاً عن المساهمة أيضاً في رفع مستوى الوعي بالاتجاهات العالمية الناشئة في مجال الابتكار والشركات المبتكرة على المستوى العالمي، وتفعيل الشراكات بين القطاع الأكاديمي ومؤسّسات القطاع الخاص، والمساعدة على إنشاء «مركز المعرفة» في إمارة الشارقة كمركز رائد للبحث والتطوير.

وفي حين خارطة الطريق للابتكار تجري على قدم وساق، ندرك تماماً أن الأهداف المحدّدة لا يمكن تحقيقها بين ليلة وضحاها أو بشكل فردي، بل إنّها تتطلّب تضافر الجهود والعمل المشترك بروح الفريق الواحد بين كافة القطاعات والجهات المعنية، بما في ذلك «منتدى الشارقة للتطوير».

فما أفضل من النظر إلى «الاستراتيجية الوطنية للابتكار» على أنها مشروع مشترك يجمع بين القطاع الحكومي والخاص والأفراد تحت راية واحدة للتعاون والعمل معاً من أجل ترسيخ المكانة الريادية للإمارات كدولة مبتكرة يحتذى بها وبإصرارها على الخارطة العالمية.

 

رئيس مجلس إدارة «منتدى الشارقة للتطوير»

Email