الفعاليات المتنوعة تبحر بالزوار في رحلة عبر الزمن

«دبي للتسوق» .. إطلالة تراثية تخطف الأنــــــــظار وتأسر قلوب العالم

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت فعاليات مهرجان دبي للتسوق العديد من الفعاليات والعروض التراثية التي ساهمت بالتعريف بالتراث الإماراتي العريق وسط عشرات الجنسيات ومئات الآلاف من الزائرين والمقيمين في الدولة.

وساهم «أيقونة» المهرجانات بدور فاعل في دعم التدفق السياحي للدولة وتحقيق إطلالة مميزة للتراث الوطني..

حيث خطفت الفعاليات والبرامج التراثية والثقافية والفنية التي جرت فعالياتها على مدار دورته العشرين الأنظار وأسرت قلوب السائحين والزوار والمقيمين ليشكل الحدث منصة عالمية ترويجية للثقافة والفنون والتراث الإماراتي الأصيل والإسهام بشكل واسع في التعريف بالمكون التراثي الوطني وسط احتفالية عالمية تتفوق في نتائجها وثمارها عن المشاركة في العديد من المعارض أو القيام بالحملات الترويجية الخارجية أو إعداد البرامج والإعلانات عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع حرص أبناء الإمارات وتمسكهم واعتزازهم بهويتهم وتراثهم العريق تتنوع الأشكال والصور المشرقة لهذا التراث وهو ما يثير الفضول والإعجاب لدى زوار الدولة والمقيمين فيها طوال فعاليات المهرجان الذي يستمر بين أول يناير إلى أول فبراير الجاري للتعرف على أسرار وسحر العادات والتقاليد التي يتوارثها الأبناء ويتمسكون بها ويحرصون على تواصلها جيلاً من بعد جيل ليبقى سحر وتميز الإمارات لقدرتها على الجمع بين الإصالة والحداثة الأمر الذي يعكسه الإقبال من الزوار والسائحين على منطقة الشندغة والقرية التراثية وجناح الدولة في القرية العالمية.

وجبة دسمة

وعبر باقة متنوعة من الفعاليات أصبح التراث الإماراتي حاضراً بقوة على أجندة المهرجان حيث قدمت الفعالية التراثية وجبة دسمة للزائرين من أنحاء العالم فيما تمتع الزوار وعشاق المهرجان بباقة من الفعاليات المميزة في القرية التراثية بالقرية العالمية فضلاً عن سلسلة من الفعاليات التي استضافتها المنطقة التراثية في الشندغة وعلى خور دبي وغيرها من المناطق والمراكز التجارية.

ومع إضاءته لشمعته العشرين في عمره المديد قدم «مهرجان التسوق» عرضاً شاملاً لمكونات التراث الإماراتي واستغل الحدث العالمي لينهل من تراث وعادات وتقاليد الآباء والأجداد ويذكر بالموروثات والثقافة ويستحضر عبق الماضي.

وعبر باقة من الفعاليات المتنوعة استلهم «المهرجان» روح الأجداد وحضارتهم وإرثهم العريق وعاش شباب اليوم تجربة مفعمة تمزج الحاضر بحداثته وتقنياته ومبتكراته مع الماضي بعراقته وأصالته.

رحلة عبر الزمان

وأبحر زوار المهرجان في رحلة عبر الزمان لسنوات طويلة إلى الوراء مع معايشتهم للعادات واستحضارهم التقاليد الأصيلة حيث مكنت الفعاليات الزوار من معايشة حياة الأجداد عبر زيارتهم للقرية التراثية في القرية العالمية حيث الحياة البدوية البسيطة والبيوت والخيام القديمة فيما تعرف الجمهور على أدوات المعيشة والمائدة والمفروشات والمهارات والحرف اليدوية القديمة.

وتعد صناعة الخوص من بين الصناعات المشهورة المعتمدة على سعف النخيل صناعة الخوص حيث كان للمرأة الحظ الأوفر منها حيث تقوم بتجميع الخوص ونشره في الشمس لتغيير لونه ثمّ تجمعه في قطعة من القماش بعد تنظيفه من الأتربة.

ويمكن صبغ الخوص بعدة ألوان تحقيقاً للتنوع والمنظر الجميل كما تتعدد منتجاته بحيث تناسب أغراض الفرش وتغطية الإرضيات بالإضافة إلى سجادة الصلاة وهي تتميز ببعض النقوش الهندسية كما تصنع من الخوص أسرّة الأطفال الرضع وكذلك السلال والأقفاص وبعض أنواع الحبال.

وتشكل صناعة « الفخار » إحدى الصناعات التقليدية في الإمارات حيث ترتبط بالحياة البسيطة وغير المتكلفة والمناسبة للبيئة قديماً وعبر خام «الطين» عاشت صناعة الفخار عقوداً مع الإماراتيين وتطورت مع تطور حياتهم ومجتمعاتهم حيث يتكون الطين كخام مناسب للصناعة من قطع من الصخور في بطون بعض المنحدرات، وعلى القمم الجبلية.

وتتعدد استخدامات الصناعات الفخارية لدى المجتمع الإماراتي القديم فهي تشمل- الخرس- وهو وعاء ضخم يستخدم لتخزين التمور ذو فتحة واسعة تسمح بإدخال التمر بسهولة كما يستخدم في تبريد الماء خلال فصل الصيف وأيضاً - المدخن - ويستخدم كبوتقة لإشعال العود والبخور فيما يستخدم -المصبّ – في صناعة القهوة العربية.

أما التنور- الموقد- فيتم بناؤه على شكل حفرة في الأرض ويستخدم في طهى وإعداد الطعام. وتعد الزهريات وأصص الزراعة والمجامر والأشكال الفنية والانتيكات ومستلزمات الزينة من المنتجات الرئيسية لصناعات الفخار.

وخلال الرحلة إلى الزمان القديم يعايش الزوار حياة البادية ومهارات ركوب الخيل والجمال والصيد والفروسية وتربية الإبل والماشـــية واستغلال ألبانها وأصوافها وأوبارها وتوظيــفها في خدمة معيشة الإنسان.

وتشكل القرية التراثية عالماً من الماضي للزوار والسائحين والمقيمين وأيضاً المواطنين فهي تأخذهم من زحام العولمة وغابة التكنولوجيا عالم الاتصالات والترفيه الرقمي والتكنولوجي والعنكبوتي إلى بساطة الماضي وسهولة الحياة القديمة عبر بيوت من طابق واحد واثنين على الأكثر مبنية من الطين أو المصنوعة من سعف النخيل فيما تستمر- الجمال- سفين الصحراء وسيلة التنقل الآمنة بحركتها البطيئة أو بالخيل كوسيلة أكثر رفاهية وسرعة لطالما استخدمها الآباء والأجداد.

تجارب مميزة

كما تغوص الرحلة في الماضي وعبر قرون خلت من الزمان للتعمق في تراث الأجداد لتعايش تجاربهم المميزة في الصيد البري وصيد اللؤلؤ وترويض الخيول إلى جانب استحضار أبرز وأفضل الأكلات الإماراتية والتراث الفني حيث أهدت عروض رقصة «العيالة» السائحين والزوار الفرصة للعودة إلى زمن الإبداع والفن الجميل..

حيث يستخدم مجموعات من المواطنين يرتدون الزي الوطني - العباءة والغترة والعقال- عصاة الخيزران لأداء العروض الفلكلورية والرقصات التراثية على أنغام مميزة تهز الوجدان وتلامس المشاعر والنفوس.

تقول نهى العاني من سوريا إن الاستعراضات الفلكلورية الإماراتية تتسم بالبساطة ودقة الخطوات فيما تبدي كارلا من الفلبين ووشانور وزوجته من الهند الإعجاب بتواصل العادات والفنون والرقصات الإماراتية وعبر العصور والمحافظة عليها في دبي رغم التنوع الثقافي والمجتمعي في المدينة العالمية التي تضم مئات من الجنسيات من مختلف العالم.

وخلال رحلة الغوص في التراث والتي أتاحها مهرجان التسوق لزواره كانت المائدة الإماراتية حاضرة بقوة حيث نافست الأكلات والأطباق الوطنية بقوة لتغازل عشاق النكهات الطيبة والباحثين عن المذاق المميز.

وتسابقت المطابخ في القرية العالمية ومنطقة الشندغة التراثية وغيرها في أنواع مختلفة الطعام والأكلات الوطنية لتعكس طعم الهوية الوطنية ومذاق العراقة والتراث.

الأكلات الشعبية

وشكلت الأكلات الشعبية الإماراتية وجهة لزوار منطقة الشندغة والقرية العالمية حيث أغرى ركن المطبخ الإماراتي زائريه بأشهى الحلويات والأكلات الشعبية التقليدية فيما واصلت القهوة العربية هوايتها في استقطاب الباحثين عن المذاق الطيب بجودتها وحسن صناعتها ولتؤكد مكانتها كعلامة للضيافة والكرم العربي الأصيل.

تقول سحر محمود من مصر إن المهرجان منحنا الفرصة للتعرف على المطبخ الإماراتي وتذوق أصنافاً جديدة من الطعام تتمتع بمذاق مميز.

وتشاركها الرأي ضحى حسين من المغرب وترى أن الأطباق الإماراتية تتمتع بمذاق فريد إلا أنها لاتبتعد كثيراً عن كثير من أكلاتنا الشعبية في الوطن العربي.

ومع تنوع وجاذبية المطبخ الإماراتي يمنح المهرجان الفرصة للزوار لتناول أجمل الأطعمة واشهى الأطباق والاستمتاع بألذ مذاق ويعتبر التمر والرطب من المكونات الأساسية للطبق الإماراتي.

تنوع الأطباق

وتتنوع الأكلات والأطباق ما بين الأصناف الحلوة أو الخفيفة بالإضافة إلى الوجبات الأساسية والأطباق الدسمة والتي لايزال الكثير منها ضمن الوجبات الأساسية للإماراتيين حتى الآن ..

ومن أشهرها العيش المحمر بلونه الأحمر الفاتح بعد إضافة عسل التمر -الدبس - أو بإضافة السكر المحروق أو عصارة التمر المنقوع في الماء أما الغموس هي –الشوربة- المرق شهية المذاق وكثيرة الدسم ويميل لونه إلى البياض وهو منتج من لحم الماعز ويجيد طهيه أهل أصحاب البادية.

وتعتبر مدي الطاهر من فلسطين أن اللقيمات من الأطباق الإماراتية المميزة حيث جذب طعمها الشهي الكثير من الزوار وكان محلاً للثناء والاقبال من الجميع خاصة العرب وإن كان الاستحسان قد تعداهم إلى من سواهم من الأجانب.

واللقيمات أقراص صغيرة مستديرة وتعتبر من الأكلات الشهيرة المحببة لمذاقها الطيب وبساطة مكوناتها كالعسل والدبس وبعض الدهن فيما يتكون البثيث من بودرة الرز أو الحنطة والتمر يحمص ويقلى ثم يضاف إليه التمر والدهن ويخلط الجميع وهذه الأكلة ترافق القناص والمسافر والغواص وهي لا تتأثر ولا تفسد إلا بعد مدة طويلة.

تظاهرة فنية

وسعت صناعة الازياء الاماراتية إلى الاستفادة من التظاهرة الفنية والثقافية التي يجمعها« مهرجان التسوق » على مدار فعالياته التي تجري من أول يناير الى أول فبراير 2015 لحجز مكانتها على ساحة الأناقة لاسيما وأن المهرجان يعد بوابة الموضة ونافذة المصممين والعارضين والمنتجين للنفاذ إلى أسواق الدولة والمنطقة والعالم لاسيما مع الخطوات الكبيرة التي قطعتها دبي في هذا المجال.

وكانت الأزياء الإماراتية حاضرة بقوة خلال فعاليات المهرجان لاسيما مع قيام مراكز تجارية بعروض للأزياء استلهم الكثير منها التراث الإماراتي الأصيل.

كما جذب الزي الوطني زوار المنطقة التراثية في القرية العالمية حيث تبدو السيدات في الأزياء التقليدية مع ارتداء الشيلة والعباءات والبرقع حيث تتمتع الأزياء الشعبية الإماراتية بروعة وجمال التطريز الذي يتركز حول الرقبة وتزين الصدر والأكمام ويسمّى التطريز والذي يزداد على الثوب إن كان للأعراس أو الاحتفالات أو الاعياد.

وترى محاسن صبحي صاحبة محل للأزياء أن العباءة النسائية الاماراتية أصبحت تمتلك تصميمات عديدة الآن وأصبحت خياراتها وأذواقها متعددة لترضي كل الاذواق إلا أنها في الوقت نفسه لازالت تحتفظ بأصالتها وملامحها الأساسية خاصة فيما يتعلق بالطول بحيث تتسم بالحشمة وتستر كافة البدن.

نقوش وزخارف

وتتعدد طرق ارتداء الأزياء الشعبية الإماراتية كما تتنوع ألوانها ونقوشها وزخارفها إلا أنها جميعاً سواء أكانت في الشكل العام، أو طريقة التفصيل تتشابه في الطول حيث لايعرف التراث الإماراتي الأزياء القصيرة كما أنها تتسم بالاتساع بحيث لا تظهر تفاصيل الأجسام وتضمن الحشمة والوقار.

صيد اللؤلؤ

وتقدم المنطقة التاريخية في الشندغة استعراضاً مميزاً تاريخ الدولة خاصة في الصناعات البحرية وأنشطة الصيد بالإضافة إلى حرفة صيد اللؤلؤ حيث يقوم الغواص أو ما يعرف باللهجة الإماراتية بـ«الغيص» بالغوص في أعماق الخليج العربي والسباحة تحت الماء مع حبس الأنفاس بوضع «مشبك» فوق الأنف في مغامرة تستمر عدة ثوان أو دقائق معدودة بحسب قدرة الغواص على البقاء تحت الماء لاصطياد كمية من الأصداف التي قد يزخر بعضها باللآلئ حيث تختلف أنواع اللؤلؤ ويتميز الكبير منها- الدانة – بالقيمة العالية فيما تكون– الحصيص- أكثر صفاءً ونقاءً.

ويعتبر الغوص المهن التي تعكس أصالة الإنسان الإماراتي حيث يستلزم الصبر والقدرة على التحمل مع العمل في منظومات جماعية حيث كان اللؤلؤ مصدراً أساسياً للأموال والثروة لاسيما مع تركز السكان حول الشواطئ.

ويقول مهند عبد الشهيد متخصص في تجارة اللؤلؤ إن اللؤلؤ يتكون من مهاجمة جسم غريب للأصداف والمحار حيث يتأذّى منها الحيوان الرخو الذي يسكن داخل المحارة ويقوم بالدفاع عن نفسة ضد المخاطر عبر إفراز مادة لؤلؤية تجعل ذلك الجسم أملساً ناعمًا مستديرًا تقريبًا حتّى لا يؤذيه..

حيث يكسوه بطبقات من إفرازه لتتكون اللؤلؤة تدريجياً من سلاح يدافع به المحار عن حياته ضد الأعداء وأن اللؤلؤ الطبيعي يختلف كثيراً عن نظيره الصناعي والذي تنتجه بعض الدول من عمليات تقليد لبيئة الحياة الطبيعية في معامل متخصصة إلا أن الطبيعي يكون دائماً أكثر جودة وأعلى في القيمة.

وترتبط صناعة اللؤلؤ بعمليات الصيد حيث تفننت الأنامل الإماراتية في تهذيب وصناعة اللؤلؤ لزيادة قيمته وتقديم أروع الإبداعات والتصميمات.

قرية الغوص

وخلال رحلة الإبحار في تاريخ الصناعة البحرية ومهنة الصيد في الإمارات توجد «قرية الغوص» حيث النماذج المتعددة للسفن الخشبية بالإضافة إلى متحف الأحياء المائية مما يمنح الزوار التعرف على صناعة القوارب والسفن الخشبية القديمة والتي لايزال العديد منها يعمل حتى الآن في دبي والشارقة وبعض موانئ الدولة.

تشهد منطقة الشندغة على فنون وتاريخ الغوص وصناعة السفن إنما تملك بعض المزارات والمتاحف التاريخية فضلاً عن معايشة العمارة التاريخية حيث بيت الشيخ سعيد آل مكتوم أحد أبرز العلامات المعمارية المميزة بتصميماته ومقتنياته إضافة إلى بعض المنازل والمباني الشامخة التي لازالت تحتفظ بتألقها وتقف شاهدة على تراث عريق وإبداع يعانق الخيال.

معايشة العمارة

لا تقتصر الرحلة إلى الزمن الجميل في منطقة الشندغة على فنون وتاريخ الغوص وصناعة السفن إنما تملك بعض المزارات والمتاحف التاريخية فضلاً عن معايشة العمارة التاريخية حيث بيت الشيخ سعيد آل مكتوم أحد أبرز العلامات المعمارية المميزة بتصميماته ومقتنياته إضافة إلى بعض المنازل والمباني الشامخة التي لازالت تحتفظ بتألقها وتقف شاهدة على تراث عريق وإبداع يعانق الخيال.

Email