61 % إنجاز المشروع و60 % من الموظفين مواطنون

برنامج الإمارات النووي ينال تأييداً واعجاباً عربياً

مؤتمر الطاقة يناقش تجربة الامارات النووية من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

نال برنامج الإمارات النووي السلمي تأييد وإعجاب المشاركين في فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر العربي العاشر للطاقة الذي تنظمه وزارة الطاقة ومنظمة الدول العربية المصدرة للبترول »أوابك« ويختتم أعماله اليوم في جزيرة ياس في أبوظبي، باعتباره أول برنامج عربي متكامل بدأ تنفيذه ويحقق نسب إنجاز مرتفعة.

وكشف المهندس إبراهيم الحمادي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الامارات للطاقة النووية في الجلسة الفنية الأولى لأعمال اليوم الثاني للمؤتمر أمس عن تفاصيل جديدة في البرنامج تتعلق بنسب إنجازه، حيث وصلت إلى 61% وعدد العاملين 1300 بينهم 60% من المواطنين.

وترأس الجلسة الدكتور عبد المحسن بن علي ميرزا وزير الطاقة في مملكة البحرين، وناقشت مستقبل الطاقة النووية في البلدان العربية كما ناقشت تجرية دولة الإمارات كنموذج مثالي لبرامج الطاقة النووية.

وأكد المهندس إبراهيم الحمادي في بداية حديثه على أهمية مؤتمر الطاقة العربي العاشر، مشيرا إلى أن قطاع الطاقة في العالم العربي هو جزءٌ لا يتجزأ من عملية التطوير والنمو المستمرة التي شهدناها في المنطقة في الأعوام القليلة الماضية. وبالطبع ستُساهم الطاقة النووية في عملية النمو.

وأوضح أن المؤسسة تعمل على إنشاء أولى محطات الطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات مع وضع السلامة على رأس قائمة الأولويات في المشروع، مشيرا إلى أن المؤسسة تعمل جاهدة على تسخير جميع مصادرها لتسليم المشروع في الوقت المحدد وتوفير طاقة نووية آمنة وفعالة وموثوقة لدولة الإمارات العربية المتحدة ابتداء من عام 2017.

وذكر أن صناعة الطاقة النووية هي صناعة متنامية تستخدم تقنيات حديثة، وستوفّر فرصا وظيفية مميزة للكفاءات الإماراتية لأعوامٍ كثيرة قادمة، مشيرا إلى أنه منذ تأسيس المؤسسة في عام 2009 حتى الآن، وصل عدد الموظفين لدينا إلى أكثر من 1300 مع العلم بأن أكثر من 60% منهم هم من مواطني الدولة، وهذا ما يتوافق مع خططنا وأهدافنا.

وأوضح هناك دراسات مستفيضة تمت قبل البدء بالمشروع وخصوصا على أنواع المفاعلات الموجودة بالسوق تركز سياسة الامارات على الاستعانة بمفاعلات نووية تم تجربتها في عدة بلدان وموثوق بها من ناحية الأمان لذا استقر الأمر على اختيار مفاعلات من الجيل الثالث لوجود أعلى مواصفات للأمان بها خصوصا أنها تنوي تشغيل المفاعل النووي الأول بحلول 2017 .

واستعرض الحمادي مراحل انشاء المشروع قائلا إنه بحلول 2020 تسهم الطاقة الكهربائية المحولة باستخدام المفاعلات الأربعة بحدود 25% من استهلاك الكهرباء داخل الدولة. منوها أن لجنة الطاقة المنضوية تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي تقوم بتنسيق السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بأنواع الطاقة ومنها الكهربائية باستخدام الطاقة النووية.

وأضاف أنه تم طرح مناقصة أمنت الوقود للمفاعلات النووية الأربع لمدة 15 عاما من خلال عقود تغطي عددا من الدول في مناطق مختلفة من العالم.

وأشار الحمادي إلى أن المؤسسة تسلمت مؤخرا رخصة ببدء الأعمال الانشائية في المحطتين الثالثة والرابعة من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وقال: بدأنا بأعمال صب الخرسانة حسب الجدول الزمني المحدد. وكما هو الحال في جميع أعمالنا نحن ملتزمون بضمان السلامة القصوى في جميع الخطوات المتخذة لبناء محطات الطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات. وقال إن نسبة الانجاز في المشروع وصلت حاليا إلى 61% تقريبا.

تقليل الانبعاثات

وأوضح أن المشروع النووي السلمي سيجنب الإمارات 12 مليون طن من انبعاثات الكربون الضارة.

وتحدث الدكتور عبد المجيد المحجوب المدير العام بالهيئة العربية للطاقة الذرية، مشيدا ببرنامج الإمارات النووي، مؤكدا على أهميته الكبيرة.

وأوضح أنه مع تزايد الحاجة للكهرباء وشح المياه في المنطقة العربية والنقص المتزايد في احتياطيات النفط والغاز يصبح اللجوء إلى خيار الطاقة النووية كمصدر لتوليد الكهرباء وإزالة ملوحة المياه خيارا استراتيجيا بالنسبة للدول العربية يجب الإعداد له على المدى البعيد والمتوسط.

وأوضح أن معظم الدول العربية أعلنت أخيرا رغبتها في إدراج خيار توليد الكهرباء وإزالة ملوحة المياه ضمن استراتيجياتها لتنويع مصادر الطاقة، وهناك العديد من الأسباب التي تدعو الدول العربية إلى بناء محطات نووية لعل من بينها الزيادة في الطلب على الطاقة وشحّ المياه، والنقص المتزايد في احتياطيات النفط والغاز وتذبذب أسعارها وعلاقة الطاقة بالتنمية والرغبة في تأمين التزود بالطاقة والاكتفاء الذاتي، كما أن الطاقة النووية أثبتت وثوقيتها، رغم حادثة فوكوشيما، من حيث الأمان والأمن العاليين الذي تمتع بها سجلُّها في الربع قرن الأخير، ناهيك عن أنه لا ينبعث منها غازات مسببة للاحتباس الحراري وكونها كذلك ذات تكلفة منافسة مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى، كما أنه يمكن للدول النفطية الحفاظ على هذه الثروة وبيعها وقد تم التعبير عن رغبة الدول العربية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وخاصة توليد الكهرباء من خلال قرارات القمة العربية والتي توّجت باعتمادها للاستراتيجية العربية للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حتى عام 2020.

وأشار المحجوب إلى أن معظم الدول العربية تفتقر إلى المعرفة المطلوبة والمهارات والموارد البشرية والمالية اللازمة للشروع في بناء محطات نووية لتوليد الكهرباء، ولذلك فهي في حاجة إلى تأسيس وتطوير للبنى التحتية الأساسية التي تمكنها من بناء محطات نووية.

دراسات

ونوه إلى أن بعض الدول العربية أجرت خلال العقود السابقة دراسات جدوى من أجل تأسيس برنامج للقدرة النووية، ومع ذلك ففي أغلب الحالات لم تستمر الأنشطة ولم يتم الحفاظ على المعرفة التي تم اكتسابها من خلال تلك الأنشطة، بما في ذلك القدرة البشرية التي تمّ بناؤها، وها هي معظم الدول العربية الآن تدرس إمكانية إدراج خيار توليد الكهرباء بالطاقة النووية ضمن استراتيجيتها الوطنية لخليط الطاقة وتطلب المساعدة الفنية من الوكالة الدولية للطاقة والهيئة العربية للطاقة الذرية.

وشدد على أن خيار توليد الكهرباء بالطاقة النووية كما بينت الدراسات العالمية، مجدٍ اقتصاديا وبيئيا ومنافس قوي للتقنيات الأخرى، وكذلك فهو الخيار الأنسب لتغــــطية الأحمال القاعدية، كما أن تصاعد أسعار الوقود الأحفوري والتناقص في احتياطاته، يؤكد أن إدخال الخيار النووي ضمن الاستراتيجيات الوطنية للتزود بالطـــاقة وتحلية المياه أصبح مسألة بقاء وليست من باب الترف أو المزايدة.

وشدد على أن استخدام الطاقة النووية يوفر مليارات الأطنان من الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الانطلاق في الجو وبالتالي التقليل بشكل كبير من الغرامات والضرائب على الغازات الملوثة للبيئة الناتجة عن توليد الكهرباء وتحلية المياه بالوقود الاحفوري.

كما أن مادة اليورانيوم المستخدمة كوقود نووي تستمر لآلاف السنين، حسب تقارير الوكالة الدولية، إذا ما تم استخدام المفاعلات السريعة، وهذا على النقيض من الوقود الأحفوري الذي من المتوقع نضوبه في مئات قليلة من السنوات، كذلك في المحطات النووية لا يتأثر سعر الكهرباء بزيادة أسعار الوقود كالمحطات الأحفورية نظرا لأن تكلفة الوقود مقارنة بتكلفة التشغيل والصيانة في المحطات النووية يشكل فقط حوالي 25% في حين أن سعر الوقود في المحطات الغازية يشكل حوالي 95% من تكلفة التشغيل والصيانة والفحم 22%، واذا ما نظرنا إلى تكلفة الكهرباء المنتجة بالطاقة النووية نجد أنها الأرخص من بين المصادر الأخرى.

طلب متزايد

وتحدث المحجوب عن خيار الطاقة النووية في الوطن العربي، مشيرا إلى أن استهلاك العرب للكهرباء يصل إلى حوالي 810 تيرا وات /ساعة في سنة 2014 ومن المتوقع مضاعفته بحلول سنة 2030 نتيجة للنمو الاقتصادي (10%) والسكاني والطلب المتزايد على الطاقة، حيث نقدر القدرة المركبة للدول العربية بأجمعها حوالي 213 جيجا وات أي ما يعادل 4% من القدرة المركبة العالمية، وهناك اعتماد جائر على مصادر الطاقة الأحفورية والمساهمة المتواضعة للطاقات الجديدة والمتجددة، حيث إن مساهمات مصادر الطاقة كالآتي: بخاري 26%، غازي 35%، مركب 25%، ديزل 3%، جديد ومتجددة 0.5%، ومائية 5% وأخرى 5.5%، وإذا ما توقعنا زيادة في النمو الاقتصادي والاجتماعي في الدول العربية في العقود المقبلة، وكذلك تضاعف عدد السكان بحلول 2030 لا بد أن نتوقع أيضاً زيادة الحاجة إلى الطاقة، وبزيادة الحاجة للطاقة يصبح التفكير في تنويع مصادرها أمرا ضروريا.

وأوضح المحجوب أن هناك هوة كبيرة بين الدول العربية ودول العالم، فإجمالي استهلاك جميع الدول العربية من الكهرباء يقارن باستهلاك دولة واحدة هي كوريا الجنوبية، كما أن المنطقة العربية تقع في حزام صحراوي يمتد شرقاً من العراق والشام والجزيرة العربية مرورا بمصر والسودان والمغرب العربي، وفي هذه المساحة الشاسعة تندر مصادر المياه، وبعض الدول العربية يوجد بها أنهار لا تكفي احتياجات الدول التي تمر بها، أما الدول الأخرى فتعتمد على المياه الجوفية والأمطار التي لا تغطي إلا الجزء القليل من احتياجاتها.

وتوقع المحجوب أن تتضاعف الاحتياجات المائية من مياه للشرب وللزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي، مشيرا إلى ضرورة تطوير المصادر الحالية للطاقة وإيجاد مصادر أخرى للمياه ولاسيما إزالة ملوحة مياه البحر بالطاقة النووية، وإلا أصبح أمننا المائي مهددا، كما أن الاعتماد على النفط والغاز وحدهما لتوليد الكهرباء في ظل الزيادة المضطردة للحاجة للكهرباء قد يعتبر خللاً استراتيجيا على مستوى العالم العربي، كما أنه من المعلوم أن دولاً عربية عديدة تنتج مياه البحر مزالة الملوحة بكميات كبيرة مستخدمة النفط والغاز كمصدر للكهرباء.

 

المحجوب: ضرورة دراسة القدرة النووية خيار استراتيجي عربي

أشار الدكتور عبد المجيد المحجوب أن الهيئة العربية للطاقة الذرية تدرك ضرورة دراسة واستكشاف القدرة النووية كخيار عربي إستراتيجي لأمن الإمداد بالطاقة. وقال: نأمل في إبراز فهم أفضل للمظاهر الرئيسية اللازمة لتخطيط برنامج قدرة نووية عربية، بما يشمل تقييما شاملاً للطاقة مع التأكيد على تأسيس البنية التحتية الأساسية لإنشاء محطات نووية وعلى الخصوص من حيث الهيكلية التشريعية والرقابية والموارد البشرية وشروط اختيار الموقع الأمثل والأمان والقبول الجماهيري وزيادة الوعي لدى صناع القرار بشأن المتطلبات والشروط الأساسية والالتزامات التشريعية والمالية والإدارية الأخرى التي تصاحب قرار الشروع في برنامج القدرة النووية.

وشدد المحجوب على أن التخطيط الدقيق في المراحل المبكرة للبرنامج النووي لنطاق واسع من عناصر البنية التحتية الوطنية يمكن أن يساعد في غرس الثقة في قدرة الدولة على تشريع وتنظيم وإنشاء وتشغيل محطّة قدرة نووية بأمن وأمان عاليين، كما أن التعاون العربي والتشارك في مجال الاستعداد لبناء محطات نووية لتوليد الكهرباء يصبح ضرورة ملحة، والتعاون أيضاً مطلوب في تطوير ودعم الربط الكهربائي والتبادل الطاقي بين أجزاء الوطن العربي فيما بينها وبين الأقاليم المجاورة.

وذكر أن الهيئة العربية للطاقة الذرية وضمن خطتها لتنفيذ الإستراتيجية العربية للاستخدامات السلمية حتى العام 2020 تسعى لتعزيز البنية التحية لبرامج القدرة النووية في الدول العــربية وبناء قدراتها من أجل الشروع في برنامج ناجح وآمن وسليم لإنشــــاء محطات قدرة نووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، كما أن الهيئة على تــــعاون وثيق مع الوكالة الدولية للطــاقة الذرية والمنظمات الإقليمية ذات العلاقة من أجل تحقيق هذه الأهداف.

ونوه المحجوب إلى أن الهيئة العربية للطاقة الذرية شرعت في تنفيذ هذه الإستراتيجية منذ بداية 2010، حيث باشرت بالفعل في تنفيذ ما تيسّر لها من الأنشطة المنبثقة عنها والتي ساهمت بإحداث حِراك ملموس في الأربع سنوات الأخيرة انعكس على تعزيز البنى التحتية لبرامج الدول العربية النووية، كما تلعب الهيئة العربية للطاقة الذرية دورا محورياً في الاستعداد والجهوزية العربية من أجل بناء القدرات واعداد الكوادر البشرية اللازمة تحت مشاريعها الإستراتيجية خاصة على صعيد تعزيز البنية الأساسية للدول العربية من أجل إنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء، وتعزيز الأطر التشريعية والرقابية للأنشطة النووية والإشعاعية في الدول العربية، وتعزيز القدارت الوطنية والعربية للاستجابة للطوارئ النووية والإشعاعية وادارة النفايات المشعّة، إضافة إلى إدخال العلوم النووية في المؤسسات التعليمية، وزيادة الوعي الشعبي بأهمية الطاقة الذرية وفوائدها.

 

%25

بحلول عام 2020، ستحتاج مؤسسة الامارات للطاقة النووية، إلى نحو 2500 موظف لتشغيل محطة براكة للطاقة النووية، التي ستوفّر ما يصل إلى 25 % من احتياجات دولة الإمارات للكهرباء. وقال المهندس إبراهيم الحمادي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الامارات للطاقة النووية إن هذه الصناعة تتطلب الابتكار والخبرة، فقد وضعنا برنامج روّاد الطاقة الذي نستطيع من خلاله توفير الفرصة للكوادر الإماراتية ليصبحوا قادةً عالميين في هذا المجال المتخصص والمميز، كما سيكون للطاقة النووية دورٌ مهم في تنويع مصادر الطاقة في الدولة والاقتصاد، وستُساهم أيضا في تعزيز استقلالية الطاقة.

وبما أن الطاقة النووية ستوفّر نسبةً كبيرة من الطاقة بين مصادر الطاقة الأخرى، فستُساهم بذلك في تخفيض الانبعاثات الكربونية بالدولة وتوليد طاقة كهربائية من مصدر آمن وموثوق وفعّال وصديق للبيئة.

 

تهيئة وإعداد

قال الدكتور عبد المجيد المحجوب ربما يُنظر إلى التكلفة العالية لبناء المحطات النووية على أنها العائق الأكبر الذي يحول دون الشروع في بنائها، ولكن بمجرد دخولها للخدمة تصبح رخيصة التشغيل والصيانة على مدى يقارب الستين سنة، ولذلك لابد من تهيئة وإعداد البنى التحية الضرورية واللازمة لإقامة مشروعات نووية تسهم في إنجاح تلك المشروعات، خاصة وأن أحد تلك الوسائل لمساعدة الدول العربية في ذلك هو إيجاد آليات عربية مشتركة تسهم فى خلق برامج عربية ناجحة من حيث الجدوى والايجابيات والتغلب على الصعوبات الحالية، بالتخطيط طويل الأمد لتلك المشروعات، وان يكون هناك التزام قوي ومستمر من قبل الحكومات العربية تجاه تلك البرامج لا يتغير بتغير الحكومات ويتم تجنيبه للتقلبات السياسية، باعتبار أن الطاقة هي مشكلة العصر، وهي في نفس الوقت مشكلة حياة يومية ومستقبلية للمواطن العربي.

Email