افتتاح اجتماع الاتحاد العربي للنقل الجوي بدبي

أحمد بن سعيد: نموذجنا فريد في صناعة الطيران

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة الطيران المدني بدبي، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، أن المنطقة العربية تعد اليوم في طليعة الأسواق من حيث حجم النمو في النقل الجوي.

وقال سموه في كلمة ألقاها أمس في افتتاح الجمعية العمومية السابعة والأربعين للاتحاد العربي للنقل الجوي التي تستضيفها دبي، إنه ووفقاً لتوقعات الأياتا، فإن صناعتنا سوف تواصل النمو بقوة خلال السنوات العشرين المقبلة. وبحلول عام 2034، فإن عدد المسافرين جواً سوف يصل إلى نحو 7 مليارات راكب.

وقال سموه إن منطقة الشرق الأوسط ستستأثر بأعلى معدلات النمو، وبنسبة 4.9 % سنوياً، ويماثلها منطقة حوض المحيط الهادي الآسيوية، على الرغم من أنه ليس لدينا في المنطقة أعداد سكان توازي الصين أو الهند مثلاً. كما ستشهد أفريقيا نمواً بنسبة 4.7 % سنوياً، موضحاً سموه أن المنطقة ستحتاج إلى أكثر من 2000 طائرة جديدة خلال السنوات العشرين المقبلة، يقدر ثمنها بنحو 550 مليار دولار على الأقل. ولنا أن نتخيل تأثير مثل هذه المبالغ الضخمة في الدورة الاقتصادية، وفي سلسلة صناعة الطيران العالمية من حيث توفير فرص العمل وغيرها.

وأشار سموه إلى أنه قبل سبعة وأربعين عاماً، أي في سنة 1967، لم يكن عدد المسافرين على متن الطائرات يتجاوز 300 مليون راكب. بل إن طائرة البوينغ 747 لم تكن قد دخلت الخدمة بعد، في حين نرى اليوم أكثر من 240 ناقلة جوية مسجلة لدى الأياتا، وتخدم ما يقدر بنحو 3.3 مليارات راكب.

الناقلات العربية

وفي ما يتعلق بالمنطقة العربية، فإن الناقلات الـ 31 الأعضاء في الاتحاد العربي للنقل الجوي، تلعب الآن دوراً أكبر بكثير من ذي قبل في صناعة النقل الجوي العالمية. ووفقاً لأرقام إيرباص، فإن عدد الركاب الذين نقلتهم شركات طيران شرق أوسطية وشمال أفريقية، ارتفع بنسبة 300 % خلال عشر سنوات، بين عامي 2003 و2013.

لقد لعبت المطارات الأوروبية في الماضي دور المحور الرئيس في حركة السفر جواً بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب. أما اليوم، فإن أعداداً متزايدة من المسافرين أصبحت تختار السفر عبر مراكز في منطقتنا، لأننا نوفر تجربة سفر أفضل، ولأن مواصلة الرحلات لدينا تتم بمنتهى السلاسة واليسر. ويشكل هذا التحول الهائل في صناعة الطيران المدني العالمية قصة نجاح لنا. فقد أرست ناقلاتنا ودولنا، معايير رفيعة، اضطر العالم إلى احترامها واتباعها.

محرك

وقال سموه إن قطاع الطيران المدني في العديد من دولنا محرك رئيس للاقتصاد الوطني، فقد كشفت طيران الإمارات ومطارات دبي بالأمس النقاب عن نتائج أحدث دراسة اقتصادية. وأظهرت هذه النتائج أن قطاع الطيران المدني ساهم بنسبة 26.7 % في الناتج الإجمالي المحلي لإمارة دبي، ودعم أكثر من 400 ألف فرصة عمل.

وتوقعت الدراسة أن تصل مساهمة الطيران المدني في ناتج دبي المحلي إلى 37.5 %، أو ما يقدر بنحو 53 مليار دولار أميركي. وأن ترتفع هذه المساهمة إلى 88.1 مليار دولار في عام 2030.

وتمثل هذه الأرقام برهاناً قوياً على التأثير الإيجابي الهائل لقطاع الطيران في الاقتصادات إذا كان هناك رؤية استراتيجية واضحة وبيئة داعمة.

نموذج خاص

وأكد سموه أن لدبي نموذجها الخاص في هذا الشأن، لكننا بالتأكيد لسنا وحدنا في المنطقة الذين نرى في الطيران المدني محركاً اقتصادياً رئيساً. فالكثيرون في هذه القاعة دائمو البحث عن طائرات جديدة ذات كفاءة عالية، وتقنيات جديدة، ويعكفون على تطوير منتجات وخدمات جوية أفضل.

وقال سموه إن العالم العربي يشهد حالياً تنفيذ العديد من أكبر وأحدث مشاريع البنية الأساسية في قطاع الطيران على مستوى العالم، ولا شك في أن دورنا في صناعة الطيران المدني العالمي يشهد نمواً متواصلاً، وعليه، فإن صوتنا وآراءنا تكتسب مزيداً من القوة والزخم في مختلف القضايا العالمية المتعلقة بهذه الصناعة، خصوصاً أننا أصبحنا تحت مجهر الناقلات العالمية الرئيسة. فصناع السياسات وصناعة السفر والشركات الكبيرة والمنظمات التجارية، يراقبون الآن عن كثب كل ما نفعله.. بعضهم يريد العمل معنا، والبعض الآخر ينتهج سياسات حمائية، كما تواجه الصناعة أيضاً مخاطر انتشار الأوبئة والنزاعات المسلحة وتحديات أخرى عديدة.

وقال إنه، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الآفاق المستقبلية أمام الناقلات العربية لم تكن يوماً بمثل هذا الازدهار والنمو، إننا نتنافس مع بعضنا البعض في القضايا التجارية، فالمنافسة جيدة لنا وللصناعة عامة.

وأضاف أننا كممثلين لصناعة الطيران في العالم العربي، ندرك أن هناك أموراً لا بد من بحثها والتعامل معها جماعياً. وكلي أمل في أن نواصل العمل سوياً في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ومن جهته، قال عبد الوهاب تفاحة الأمين العام للاتحاد العربي للنقل الجوي في كلمته، إن أسواق الدول العربية التي تتأثر حالياً بالأحداث السياسية، تشكل نحو 22.1 % من إجمالي سوق النقل الجوي العربي، في حين يشكل المسافر الكيلو متري المنقول على شركات طيران هذه الدول 9.4 % من مجمل المسافرين.

وأضاف تفاحة أن سوق النقل الجوي العربي حقق نمواً في العام الماضي بنسبة 10 %، يرتفع إلى 12 % هذا العام، برغم استمرار التحديات السياسية والأزمات الاقتصادية في بعض دول العالم، مشيراً إلى أن السوق العربي سيصل إلى 271 مليون راكب بحلول عام 2020، مقارنة مع 156 مليون مسافر في العام الماضي، و65 مليون راكب فقط في عام 2000.

ودعا تفاحة إلى تعزيز الفرص المتاحة في هذه الصناعة الحيوية، من خلال فتح الأسواق وتحريرها وضخ الاستثمارات الملائمة في البنية التحتية والاستفادة من التكنولوجيا للوصول إلى المستهلك خصوصاً أن الموقع الجغرافي العربي يمثل أفضلية لهذه الشركات.

وقال إن أرقام العام الماضي أعطت شركات الطيران العربية فرصة نقل 153 مليون مسافر، فإن أرقام 2020 تحمل الكثير من التفاؤل مع وصول أعداد الركاب إلى 217 مليون مسافر، منهم 40 مليوناً عبر العالم العربي بنسبة 18 % من إجمالي المسافرين.

وأشار تفاحة إلى أنه، ومع هذه الفرص، إلا أن التحديات تبقى قائمة أمام القطاع، وتتمثل في إدارة الحركة الجوي، وخاصة في ما يتعلق بالسعة التي تتطلب أنظمة ملاحة حديثة، والتنسيق مع السلطات العسكرية لتحرير جزء من مجالها المستخدم للأغراض العسكرية، إضافة إلى تعزيز التنسيق الإقليمي.

كما دعا تفاحة إلى التخلص من إجراءات الحماية التي تفرضها بعض الدول، والتي تشكل مواطن ضعف لأسواقها، وتعيق تنافسية شركاتها، موضحاً أن اتفاقية دمشق تشير إلى ذلك، وتمهد لسوق جوي عربي موحد، يمنع السعة الإغراقية والتشغيل غير الاقتصادي، واعتماد سياسة تحررية في الأسواق وتسهيل انسياب الأشخاص والسلع، حيث تمثل التجربة الأوروبية مثالاً في هذا المجال، وخاصة التأشيرة السياحية التي ساهمت في نمو أعداد السياح من وإلى القارة الأوروبية.

وأشار تفاحة إلى استمرار الاتهامات الأوروبية للناقلات العربية، وتحول هذه الدول إلى سياسات الحماية، برغم مبادئ التحرير التي انطلقت منها، مشيراً إلى أن تنافسية شركات الطيران الأوروبية تراجعت، بسبب حجم الضرائب المفروضة عليها، والقوانين التي تعيق نموها وتوسعها، ومنها عدم تكوير بنيتها التحتية.

وكان تيم كلارك رئيس طيران الإمارات الرئيس الحالي للجمعية، قد رحب بوفود الاتحاد في دبي، مؤكداً أن هذه الاجتماعات تمثل فرصة للتشاور والتباحث لتعزيز التعاون في مجالات النقل الجوي.

380 مليون مسافر في المنطقة 2034

قال بول ستيللر مندوب الأياتا، إن منطقة الشرق الأوسط ما زالت تحقق أعلى معدلات النمو في النقل الجوي مع تحول الطيران المدني إلى محرك رئيس للاقتصاد.

وقال إن أرباح ناقلات المنطقة ستصل إلى 1.6 مليار دولار في العام المقبل، مقارنة مع مليار دولار في العام الجاري، كما أن هامش ربحيتها يعد من بين الأعلى في العالم، حيث تصل ربحية المسافر إلى 8.9 دولارات، مقارنة مع 6 دولارات للمعدل العالمي.

وأشار ستيللر إلى أن أعداد المسافرين عبر المنطقة سيصل إلى 380 مليون راكب في عام 2034، بمعدل نمو سنوي يتجاوز 4.9 %، وهو أعلى من المعدل العالمي الذي يبلغ بحدود 4 %.

تحديات

ودعا ستيللر إلى معالجة التحديات لتعزيز النمو، ومنها تعزيز معايير السلامة والوصول بها الى المعدل العالمي، مشيراً إلى أن معايير أياتا للسلامة «ايوسا» تعد إجبارية لشركات الطيران الأعضاء فيها، وسيتم إضافة معايير خاصة للمناولة الأرضية بدءاً من العام المقبل لهذه الغاية.

وقال إن شركات الطيران العالمية نقلت خلال العام الماضي 3.1 مليارات راكب، من خلال 36 مليون رحلة طيران، الأمر الذي يستدعي مزيداً من العمل، وخاصة نظام تتبع الطائرات، حيث يعكف فريق متخصص على تبني هذا النظام، والاستفادة من تجربة الطائرة الماليزية.

وأشار ستيللر إلى جهود أياتا لتقليل انبعاثات الكربون، وتبني معايير عالية للمحافظة على البيئة، وصولاً إلى خفض ما نسبته 50 % من الانبعاثات بحلول عام 2050.

توعية

ومن جهته، دعا محمد إبراهيم شريف الأمين العام للهيئة العربية للطيران المدني، إلى رفع التوعية والتأهيل للعاملين في القطاع تجاه المخاطر الإرهابية التي تهدد الصناعة، وتعزيز إجراءات السلامة الجوية والتفتيش، والاستمرار في عملية تحرير الأسواق، وتطوير القطاع بما ينسجم مع المتغيرات في هذه الصناعة.

وأضاف أن الهيئة تعكف على وضع ركيزة للتفاوض الجماعي مع الاتحاد الأوروبي، كآلية للتعامل بين الطرفين، ووضع القواعد الاسترشادية في هذا المجال، وإيجاد إجراءات تسوية لنظام عالمي للتعامل مع البيئة، خصوصاً أن أوروبا ما زالت متمسكة ببعض الإجراءات التي تؤثر في قطاع الطيران.

وأشار إلى جهود الهيئة لمساعدة شركات الطيران العربية، وتخفيف القيود على الحريات الجوية، وتكثيف الرحلات البينية العربية وتطوير الممرات الجوية داخلها.

عولمة إنمائية

قال المنطقة العربية نمت في العام الماضي بنسبة 394 % في أعداد المسافرين، مقارنة مع عام 2000، ويمكنها أن تتطور بشكل أكبر مع استخدام التكنولوجيا الحديثة في الوصول إلى المستهلك، وتقديم قيمة مضافة في الخدمات والمنتجات.

وأشار تفاحة إلى أن استضافة الإمارات لهذه الاجتماعات، تأتي مع احتفال الطيران المدني في العالم بـ 100 عام من الطيران التجاري، في الوقت الذي تحتفل فيه طيران الإمارات التي انطلقت في عام 1985، بمرور 29 عاماً على تأسيسها، والتي تحولت اليوم إلى شركة عالمية، نقلت خلال العام الماضي 44.6 مليون راكب، وتحقق نمواً سنوياً في أعداد مسافريها بنسبة تزيد على 14 %، بفضل الاستثمارات المستمرة في مطارات دبي، التي تمتلك اليوم واحداً من أضخم مطارات العالم، بأعداد مسافرين بلغ 66.4 مليون مسافر في العام الماضي.

وقال تفاحة إن هذه الإنجازات التي حققتها دبي، تعود إلى تبنيها استراتيجية تتبنى قطاع النقل الجوي، كمحور هام وأساسي للتنمية المستدامة، والتي تحولت فيها دبي اليوم إلى أنموذج للعولمة الإنمائية، توفر فرص عمل لأكثر من 200 جنسية يعيشون فيها بانسجام وأمن.

Email