فيرناندز: لا نجاح اقتصادياً حقيقياً من دون شراكة حقيقية

مجلس دبي الاقتصادي يبحث مستقبل العلاقات مع أميركا

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بحث مجلس دبي الاقتصادي أمس في فندق الإنتركونتنينتال بدبي، وبشراكة استراتيجية مع القنصلية الأميركية في دبي ووزارة الخارجية الأميركية جلسة حوار اقتصادي على شرف جوس فيرناندز، مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون الاقتصادية والأعمال.

والتي استعرض فيها مرئياته حول واقع العلاقات الاقتصادية الثنائية بين الإمارات وأميركا، وآفاقها المستقبلية، وسبل تعزيز مشاركة مجتمع الأعمال الأميركي في الدولة في المشاريع الاقتصادية والتنموية التي تشهدها الإمارات في مختلف الميادين.

وحضر الجلسة معالي جمعة الماجد رئيس مجلس دبي الاقتصادي، وعبد العزيز الغرير رئيس مجلس إدارة سلطة مركز دبي المالي، وهاني الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، وروبرت وولر القنصل العام الأميركي بدبي، وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدين في الدولة. كما حضر الجلسة ممثلو عدد من مراكز صنع القرار في الدولة، والعديد من الفعاليات الاقتصادية الذين يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى الشركاء الاستراتيجيين لمجلس دبي الاقتصادي.

وفي مستهل جلسة الحوار التي أدارها د. أحمد حسن بن الشيخ، أشاد جوس فيرناندز، بمبادرة مجلس دبي الاقتصادي بتنظيم هذا الحدث، مؤكداً أهمية إجراء الحوارات الاستراتيجية بين ممثلي مجتمع الأعمال لكل من الإمارات وأميركا، حول سبل تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دبي/ الإمارات وأميركا، والعمل على بلورة الأفكار والتصورات حول مختلف القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية لاقتصاد الإمارات ودبي، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين.

العمل المطلوب

وحول أولويات العمل المطلوب من قبل الحكومة لتحقيق الشراكات، أكد السيد فيرناندز أن عمل الحكومة سيكون نمطياً من دون شراكة استراتيجية مع القطاع الخاص، وأضاف أن جميع الخدمات التي تقدمها الحكومات لا بد أن تصب في مصلحة أفراد المجتمعين، من هنا لا بد أن يكون للقطاع الخاص دور جوهري في المشاريع التنموية التي تقوم بها الدولة.

طرق جديدة

أشار فيرناندز إلى سلسلة الحوارات التي تجريها وزارة الخارجية الأميركية مع مراكز صنع القرار في الإمارات، بهدف مناقشة واقع ومستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، والبحث عن طرق جديدة لتعزيز هذه العلاقات، وبما يخدم مصلحة البلدين.

وأكد فيرناندز أهمية متابعة التطور الحاصل في هذه العلاقات بمختلف نواحيها، والعمل على تقييمها بصورة دورية، وذلك من خلال تبني الأفكار الجديدة من قبل مختلف الشركاء في البلدين بالاتجاه الذي يكفل أكبر قدر ممكن من القواسم المشتركة في إطار العلاقات والمصالح الاقتصادية المتوازنة.

وفي هذا السياق، أشار فيرناندز بمتانة وعراقة العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والولايات المتحدة طوال السنوات الماضية، واصفاً إياها بالمتميزة والاستراتيجية، ليس بسبب تنوعها، بل في الرؤية المشتركة لدى البلدين بشأن حيوية مفهوم الشراكة كمرحلة متطورة للتعاون القائم بين البلدين. وساق السيد فيرناندز دلالات هذا التطور بالنمو الكبير الذي شهدته التجارة بين البلدين، والذي بلغ معدل 40 % العام الماضي، تركزت في منتجات مختلفة كمواد البناء والملاحة الجوية، وتقنية المعلومات، والعديد من المنتجات المصنعة.

كما أشار إلى أن حجم هذه التجارة يفوق حجم التجارة بين الولايات المتحدة والكثير من دول العالم والمنطقة. وعرج فيرناندز على أهمية الاستثمارات الإماراتية في أميركا، حيث أشار إلى المشاريع الهامة التي تقوم بها شركة "مبادلة" في الولايات المتحدة، والتي ساهمت في تعزيز سوق العمل الأميركي. وأضاف أن هذا النمو في المبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية ستخلق العديد من الوظائف لأفراد المجتمع، فضلاً عن زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وبالتالي تأثير كل ذلك إيجاباً لصالح رفاهية أفراد المجتمع.

العولمة والتكامل

على هامش جلسة الحوار، أدلى هاني الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، بتصريح صحافي، أشار فيه إلى أن العالم يشهد منذ أكثر من نصف قرن اتجاهات متعاضمة نحو العولمة والتكامل عبر الحدود، فلم يعرف العالم تداخلاً وتكاملاً بين دوله ومؤسسات الأعمال مثلما يشهده اليوم، فالمشهد الاقتصادي العالمي الراهن ينطوي على حركة واسعة النطاق للسلع والخدمات والتقنية ورؤوس الأموال والاستثمارات والعمالة عبر الحدود.

كذلك لوحظ تنامي عدد التحالفات والشراكات الاستراتيجية التي تربط الحكومات ومؤسسات الأعمال في إطار المصالح المشتركة. ولعل من الجدير ذكره في هذا السياق أن هذه الشراكات لا تقتصر على دول الشمال لوحدها، أو دول الجنوب لوحدها، بل أضحت تجمع بين هاتين المجموعتين من الدول.

وأضاف أنه في خضم التفاعلات الاقتصادية والتجارية الدولية، تبرز العلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية، بوصفها مثالاً للعلاقات المتنامية والاستراتيجية، والتي تغطي العديد من المجالات والأنشطة. وتعد الإمارات اليوم أحد أهم الأسواق للصادرات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط. كما تحتضن الدولة مجتمع أعمال أميركي مزدهر، يعمل في العديد من القطاعات والأنشطة، ويسهم بصورة فاعلة في برامج التنمية التي تضطلع بها الإمارات.

وانطلاقاً من هذه الرؤى، فقد تبنى مجلس دبي الاقتصادي استراتيجية إبرام شراكات مع العديد من مراكز صنع القرار، وكبرى مؤسسات الأعمال ومراكز الاستشارات الاستراتيجية في العالم، من أجل تبادل المشورة والخبرات في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك. وتعد الولايات المتحدة في مقدم شركاء دبي في العديد من المجالات.

وقد قام المجلس بتأسيس اتفاقيات تفاهم وتعاون استراتيجي مع كبرى المؤسسات الأميركية، بهدف القيام بمشاريع مشتركة تفضي إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بين دبي والولايات المتحدة، وبما يصب في مصلحة نموهما الاقتصادي.

وأشار الهاملي إلى التقرير الأخير الذي أصدره مجلس دبي الاقتصادي حول التجارة الخارجية لدبي، لا سيما في ما يتعلق بالمبادلات التجارية بين دبي والولايات المتحدة، والتي شهدت نمواً مستمراً خلال العقدين الماضيين.

حوارات استراتيجية

هذا، وأبدى الحضور العديد من التساؤلات إلى فيرناندز، تركزت حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات الأميركية العاملة في الدولة لدعم عملية التنمية الاقتصادية التي تشهدها الإمارات في مختلف المجالات. حيث أكد السيد فيرناندز وجود مجالات عدة يمكن من خلالها أن تقوم الشركات الأميركية بدور حيوي في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق طفرات في عملية التنمية، من قبيل برامج التدريب والتعليم، وتقديم المساعدات الفنية للمؤسسات المحتاجة.

وفي سؤال آخر عن دور الشركات الأميركية في المساهمة برفع معدلات التوطين في الإمارات، أشار السيد فيرناندز إلى أن التوطين تعد إحدى أهم القضايا الاستراتيجية في أجندة دولة الإمارات، ونحن نعتقد أن على الشركات الأميركية أن توفر طرقاً مبتكرة لدعم جهود التوطين، ليس على الصعيد الكمي فحسب، بل على الصعيد النوعي أيضاً، بحيث يتم توفير أيدٍ عاملة وطنية مدربة ومؤهلة وتحمل روح المبادرة والريادة، لكي تدلو بدلوها في برامج التنمية الشاملة التي تشهدها الإمارات في العديد من الميادين.

وفي سؤال ذي صلة عن دور الشركات الأميركية من جهة وبنك التصدير-الاستيراد الأميركي من جهة أخرى، في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في الدولة، أشار السيد فيرناندز إلى أن الحكومة الأميركية تولي اهتماماً كبيراً في هذا الموضوع، حيث نعتقد أن هذه الشركات هي العمود الفقري للكثير من الاقتصادات، بما فيها المتقدمة منها.

ولعل من بين أهم الأدوار التي يمكن أن تقدمها هذه المنشآت، هي خلق فرص العمل، إضافة إلى تطوير الإنتاج، مشيداً بالمبادرات الهامة التي تبنتها حكومة دولة الإمارات في هذا الخصوص، سواء من خلال برامج التدريب والتأهيل وتعزيز الكفاءة وجلب التكنولوجيا الحديثة، وبالتالي هناك المزيد من العمل لصالح تطوير هذه المنشآت.

وفي سؤال لاحق عن دور الشركات الأميركية في تطوير عنصر الريادة في مجتمع الأعمال الإماراتي، أشاد السيد فيرناندز بالتوجه الحالي الذي تتبناه حكومة دولة الإمارات في ترسيخ مفهوم ريادة الأعمال في الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أهمية توفير مقومات لتحقيق هذا الهدف، مثل تطوير برنامج معد للريادة، وبالتالي دور جهات الاختصاص في هذا المجال، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة مهتمة بموضوع الريادة في منطقة الشرق الأوسط، وقد قامت بالفعل ببرامج معينة لتطوير هذا المفهوم في دول المنطقة.

مجالات للشراكة

 وفي سؤال ذي صلة عن مجالات الشراكة الاقتصادية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، أوضح السيد فيرناندز أنها متنوعة وذات أبعاد اقتصادية وثقافية وعلمية وتقنية، مثل الطاقة، والتعليم والصحة والسياحة.

وفي نهاية اللقاء، أكد السيد فيرناندز على أهمية التنويع من أجل محاكات التطورات المتلاحقة الحاصلة في الأسواق العالمية، لا سيما في ظل اشتداد حمى المنافسة بين الدول للحصول على نصيب أوفر من الفرص التي توفرها تلك الأسواق المعولمة، ما ينعكس بالتبعية إيجاباً على النمو والازدهار، مسترشداً بتجربة الصين التي استطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة في هذا المجال، لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

كما أكد الحضور على أهمية تحقيق قفزة نوعية في أنماط العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والولايات المتحدة، بحيث تشمل جانب عمليات البحث والتطوير، وخلق التكنولوجيا، والتنويع الاقتصادي، إضافة إلى قضايا البيئة والتنمية المستدامة.

Email