ضرورة التنويع الاقتصادي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشير المعطيات الراهنة إلى أنّ الطاقة الصخرية بدأت تُحدِث تحوّلاً واضحاً في السياسات الاقتصادية الخليجية التي باتت أكثر تركيزاً على زيادة مستويات الإنفاق الحكومي وتعزيز التنويع الاقتصادي عبر الاستثمار على نطاق واسع من قطاعات التجارة والسياحة والنقل والخدمات اللوجستية، في خطوة لتسريع وتيرة النمو المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 6% سنوياً.

وفي الوقت الذي ينظر فيه العالم بترقب حَذِر إلى تبعات إعلان الولايات المتحدة عن قرار الحد من اعتمادها على نفط الشرق الأوسط بالتزامن مع ظهور ما بات يُعرف بـ«الطاقة الصخرية»، يرى البعض أنّ تطوّر الإنتاج النفطي الصخري في السوق الأميركية يمهّد لمرحلة مفصلية لا بدّ من الاستعداد لها بالشكل المناسب عبر تسريع وتيرة تنفيذ سياسة التنويع الاقتصادي. وبالمقابل، يقلل البعض الآخر من خطورة التداعيات السلبية للقرار على الاقتصادات النفطية الخليجية التي تعتبر المصدر الرئيسي للنفط إلى أسواق آسيا وفي مقدمتها الصين.

ولعلّ الإمارات تمثّل النموذج الأبرز في قيادة مسيرة التنويع الاقتصادي الخليجي على مدى العقد الماضي، لا سيّما وأنها حققت تقدّماً لافتاً على صعيد تخفيض مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى أقل من 30% في العام الفائت مقارنةً بأكثر من 47% في العام 2000. وأثمرت سياسة تنويع القاعدة الاقتصادية المحلية نتائج ملموسة لا سيّما على مستوى تعزيز التنافسية العالمية واضعةً الإمارات ضمن قائمة أفضل 10 اقتصادات عالمية في الأداء التنافسي في 85 مؤشراً اقتصادياً، وهو ما يجعل الاقتصاد الإماراتي في منأى عن التداعيات المحتملة نتيجة أي تقلبات حادة في أسعار النفط العالمية على المدى المتوسط.

وبعيداً عن النفط، نجحت دبي في بناء مكانة ريادية كمركز حيوي للتجارة الإقليمية والعالمية ووجهة رئيسية للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منطلقة من الرؤية القائمة على تنويع مصادر الدخل لتشمل المشاريع السياحية والصناعية وقطاعات التجارة وإعادة التصدير والطاقة البديلة والبنى التحتية والمناطق الحرة. وبالفعل تُرجم نجاح النهج الاقتصادي في دبي بنمو ملحوظ بمعدل 16% في قيمة التجارة الخارجية غير النفطية للإمارة التي بلغت 679 مليار درهم خلال النصف الأول من العام الجاري. وفي ظل وجود مشاريع عالمية الطراز مثل «مترو دبي» و«ميناء جبل علي» و«مطار آل مكتوم الدولي»، تسير الإمارة في الاتجاه الصحيح نحو بناء المستقبل متحليةً بالمرونة الاقتصادية اللازمة للتعاطي بإيجابية مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.

 

 

Email