النفط الصخري

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينظر العالم في الوقت الراهن بترقب حَذِر إلى تبعات إعلان الولايات المتحدة عن قرار الحد من اعتمادها على نفط الشرق الأوسط بالتزامن مع ظهور ما بات يُعرف بـ "الطاقة الصخرية.

" والتي تشكّل نقطة تحوّل هامة في ملامح الاقتصاد العالمي. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أنّ تطوّر الإنتاج النفطي الصخري في السوق الأميركية يمهد لمرحلة مفصلية لا بدّ من الاستعداد لها بالشكل المناسب عبر تسريع وتيرة تنفيذ سياسة التنويع الاقتصادي، ..

يقلل البعض الآخر من خطورة تداعياته السلبية على الاقتصاديات النفطية الخليجية التي تعتبر المصدّر الرئيسي للنفط إلى أسواق آسيا وفي مقدمتها الصين.

وبالنظر إلى المعطيات الراهنة ضمن الأسواق الخليجية، يمكن القول إنّ الطاقة الصخرية بدأت تُحدِث تحوّلاً واضحاً في السياسات الاقتصادية الخليجية التي باتت أكثر تركيزاً على زيادة مستويات الإنفاق الحكومي والاستثمار.

ولعلّ الإمارات النموذج الأبرز في قيادة مسيرة التنويع الاقتصادي الخليجي على مدى العقد الماضي، لاسيّما وأنها حققت تقدّماً لافتاً على صعيد تخفيض مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى أقل من 30% في العام الفائت مقارنةً بأكثر من 47% في العام 2000.

وأثمرت سياسة تنويع القاعدة الاقتصادية المحلية نتائج ملموسة لاسيما على مستوى تعزيز التنافسية العالمية واضعةً الإمارات ضمن قائمة أفضل 10 اقتصادات عالمية في الأداء التنافسي في 85 مؤشراً اقتصادياً، وهو ما يجعل الاقتصاد الإماراتي في منأى عن التداعيات المحتملة نتيجة أي تقلبات حادة في أسعار النفط العالمية.

وبعيداً عن النفط، نجحت دبي في بناء مكانة ريادية كمركز حيوي للتجارة الإقليمية والعالمية ووجهة رئيسية للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منطلقة من الرؤية القائمة على تنويع مصادر الدخل لتشمل المشاريع السياحية والصناعية وقطاعات التجارة وإعادة التصدير والطاقة البديلة والبنى التحتية والمناطق الحرة.

وبالفعل تُرجم نجاح النهج الاقتصادي في دبي بنمو ملحوظ بمعدل 16% في قيمة التجارة الخارجية غير النفطية للإمارة التي بلغت 679 مليار درهم خلال النصف الأول من العام الجاري.

وفي ظل وجود مشاريع عالمية الطراز مثل "مترو دبي" و"ميناء جبل علي" و"مطار آل مكتوم الدولي"، تسير الإمارة بوتيرة سريعة نحو مكانة عالمية جديدة. لا أحد يستطيع أن ينكر أنّ دول الخليج العربي تخطو خطوات متقدمة باتجاه تنويع الاقتصاد الشامل.

ولكن لاتزال الحاجة ملحّة لتبني سياسات أكثر شمولية لخفض الاعتماد على الصادرات النفطية وإيجاد إطار عمل مشترك للاستثمار في تعزيز التنافسية.

Email