تجربة "البريكس"

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم البون الشاسع بينها من حيث اللغة والحضارة والديانات، إضافةً إلى البعد الجغرافي والتباين الكبير في الكثافة السكانية والقوة الاقتصادية، تمكّنت منظومة دول "البريكس" من الجمع بين خمسة أقطاب مختلفة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، تحت كنف شراكة تحالفية واحدة تمخّض عنها ولادة كتلة اقتصادية هي الأسرع نمواً في العالم حالياً والأقل تأثراً بالأزمة المالية الأخيرة.

وإنه لأمر يدعو إلى التفاؤل أن تتمكّن الدول الخمس، وهي موطن لحوالي 43 % من سكان العالم والحاضن الأكبر للإمكانات الاقتصادية غير المستغلة، من تنظيم بنية اقتصادية عالمية قادرة على التصدّي لأكثر التحديات التي تواجهها، بغض النظر عن اختلاف حقائق التاريخ والبعد الجغرافي، .

حيث أصبحت كياناً هاماً يستأثر بأكثر من ثلث السوق العالمية ويستحوذ على 18 % من الاقتصاد العالمي ونحو 15 % من إجمالي التجارة العالمية.

كما تعد دول البريكس المصدر الرئيس لربع إجمالي الناتج العالمي، بعد أن حققت مجتمعة حوالي 13.6 تريليون دولار أميركي خلال العام المنصرم.

ولا بد من الإشارة إلى المشروعات الطموحة التي تعتزم هذه الدول تنفيذها، وذلك من خلال تكوين احتياطات مشتركة من العملات الصعبة أو ما يسمى بـ"عملات الملاذ الآمن" لمواجهة التقلبات المتأججة في السوق المالية العالمية، .

إضافةً إلى جمع احتياطات من عملات كل من الدول الخمس بقيمة 4400 مليار دولار أميركي لمساعدة بعضها البعض في وقت الشدة؛ الأمر الذي سيتيح لها الاستغناء عن "البنك الدولي".

وتدرس "البريكس" حالياً مشروع إنشاء مصرف تنموي مشترك برأس مال قدره 50 مليار دولار، يمكن من خلاله توظيف الأموال في مشروعات البنى التحتية، وعلى رأسها بناء كابل بحري بقيمة 1.2 مليار دولار يربط بين دول المجموعة.

ويُتوقَّع أن تصل مساهمات هذه الكينونة إلى 50 % في دفع عجلة النمو الاقتصادي بحلول العام 2020، لتنافس بذلك أكبر الاقتصادات العالمية بحلول 2050.

وفي نهاية المطاف، ولنجاح أي نظام عالمي اقتصادي موّحد، يجب وضع آليات تعاون وتنسيق بين الدول المعنية على المستوى الاقتصادي والمالي والتنموي.

ويتعيّن علينا جميعاً أن ندرك ضرورة مواكبة التغيّرات الجذرية الحاصلة في المشهد الاقتصادي العالمي والذي يدعو إلى وضع أسس وركائز جديدة للوصول إلى الهدف الأسمى، ألا وهو تحقيق النماء المتوازي في أنحاء العالم كافة.

Email