نائب رئيس البنك الأهلي المصري لـ « » الاقتصادي:

تعويم الجنيه «دواء مر» تأخر 40 عاماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد نائب رئيس البنك الأهلي المصري، المصرفي، يحيى أبو الفتوح، أن قرار تعويم الجنيه كان بمثابة «الدواء المر» لتحسين حال الاستثمار في مصر وقد تأخر 40 عاماً.

وقال في حوار خاص لـ«البيان الاقتصادي» إن تحويلات المصريين تضاعفت 10 مرات بعد التحرير، وإن البنوك ضخت أكثر من 2.5 مليار دولار منذ قرار التعويم لتلبية احتياجات استيرادية، ووردت شركات الصرافة للبنوك 3 ملايين دولار يومياً مؤكدا أن السوق السوداء في طريقها للزوال.

وذكر أن 80% من المصريين تنازلوا عن دولاراتهم مقابل الجنيه للبنوك.. حيث ارتفعت معدلات الثقة، خصوصا بعد قرض صندوق الدولي الذي منح شهادة للاقتصاد ومناخ الاستثمار في مصر، ولفت إلى أن دول التعاون هي أكبر داعم لمصر، وأن البنوك المصرية تولي أهمية كبيرة للمستثمر الخليجي.

وفيما يلي نص الحوار..

تحرير سعر الصرف

بداية كيف تفسر اتخاذ البنك المركزي قراراً بتعويم الجنيه في ظل تدهور حقيقي للظروف المعيشية؟

لا بد أن نكون صريحين، وضع وأداء الاقتصاد في مصر، كان يتطلب أن نقوم كنظام مصرفي، بتحرير سعر صرف الجنيه، للقضاء على السوق السوداء، ووجود سعرين للعملة لمحلية، أحدهما 8.90 جنيهات، بالسوق الرسمي، وآخر بالسوداء تجاوز الـ18 جنيهاً، فكل الظروف التي يعاني منها الاقتصاد المصري، كانت تقودنا إلى أهمية تحرير سعر صرف الجنيه، فالخلل الحاصل في المنظومة الاقتصادية، أنذر بتوقف في الاستثمارات المحلية بنسب مخيفة وتراجع في معدلات الاستثمارات الأجنبية إلى نسبة تقدر بـ 35%، بالإضافة إلى تراجع معدلات الثقة في السوق المصرية، لأنه وببساطة وقف التسعير كعائق أمام الشركات المحلية والعالمية، وحرمها من أبسط حقوقها في إثبات الأرباح أو الخسائر، نتيجة تغير سعر الصرف.

وهنا تدخل البنك المركزي والحكومة، لاتخاذ قرارات صعبة لأول مرة على الطريق السليم.. والمفارقة أن الحكومات التي تولت إدارة شؤون البلاد في مصر طوال 40 عاماً ناقشت فكرة تحرير سعر الصرف، ولم تستطع الاقتراب منه، لأنها دائماً ما كانت تصطدم بحال المواطن وما يعانيه من غلاء المعيشة، إلا أن الاقتصاد أنهك وتحمل فاتورة من الدعم للمواطن والعملة والمستثمر وتجرعت مصر مرارة الخسائر طوال هذه الفترة، وتحرير سعر الصرف ليس جريمة، ولكنه أداة مالية بمقتضاها أعطت الدولة الحرية للبنوك في تسعير العملة وفقاً لأسعار السوق.

التحويلات من الخارج

كيف أثر قرار تعويم الجنيه على حجم التحويلات من الخارج؟!

بالفعل قرار التعويم أثر على التحويلات من الخارج وارتفعت مسجلة 1.4 مليار دولار، في الـ 10 الأيام الأولى من قرار التعويم، بحيث تضاعفت التحويلات 10 مرات بالمقارنة بالسابق، كما بلغت نسبة التنازل من المصريين بالخارج للدولة عن الدولار مقابل الجنيه المصري 80 % مقابل 20 %، يفضلون الحصول على دولاراتهم لصرفها بالصرافات.

وماذا عن الوضع فيما يخص السوق السوداء؟ وعلاقة البنوك بشركات الصرافة؟

قرارات التعويم حصرت السوق السوداء في أضيق الحدود، وأنا أؤكد أنها في طريقها للزوال، فقد تراجعت معدلات العمل فيها لأقل من 15 %، وبالنسبة للعلاقة مع شركات الصرافة، انتظمت علاقة شركات الصرافة بالبنوك، وبدأت الشركات في توريد الفائض، اليومي عنها وبيعه للبنوك، مما رفع الحصيلة البنكية، ونستطيع أن نقول وبكل صراحة إننا أغلقنا دائرة السوق السوداء.

تفعيل الصفقات الاستيرادية

كيف استغلت البنوك هذا الفائض من العملة الصعبة؟

بدأت البنوك بالفعل في ضخ هذا الفائض من العملة الصعبة مرة أخرى للعملاء؛ لتفعيل الصفقات والعمليات الاستيرادية، والبنوك ضخت أكثر من 2.5 مليار دولار، فنحن كبنك أهلي قمنا بتوفير ومنح موافقات بقيمة 550 مليون دولار لعمليات استيرادية منذ تعويم الجنيه، كما أخذت البنوك على عاتقها دفع مستحقات شركات الأدوية والمصانع.

هل هذه الإجراءات أثرت بالفعل على أداء سوق العملة؟

نحن في الطريق الصحيح، ومشكلاتنا لن تحل غداً، لكننا وضعنا السوق المصرية على الطريق الصحيح، وتقبلت الأسواق قرار التعويم بصدر رحب رغم ما يصحبه من عقبات.. وبالنسبة لسوق العملة فهناك تذبذب في سعر العملة، وبدأت أسعار الجنيه تميل للاستقرار النسبي.

قلتم إن شركات الصرافة بدأت التعامل مع البنوك وتوريد الفائض، فكيف يتم توريد الفائض وحجم التوريدات؟

وفقاً للقانون فشركات الصرافة لا يجوز لها أن تبقي على مبالغ كبيرة في خزينتها ولا بد من أن تبيع للبنك في النهاية فائضها، ووصلت معدلات التوريد لـ3 ملايين دولار، يومياً، وتزيد على دفعات.

تدفقات النقد الأجنبي

وماذا عن تدفقات النقد الأجنبي في ضوء القرارات المصرفية الأخيرة؟

هناك زيادة كبيرة في تدفقات النقد الأجنبي منذ تعويم الجنيه، ونحن الآن أصبحنا نلبي العمليات الاستيرادية واحتياجات الشركات والمصانع والمستثمرين وعمليات السفر، وزودنا الكروت الائتمانية وأصبحنا نغطي احتياجاتنا من الدولار بنسبة 98%.

الشارع في مصر ساخط على القرارات البنكية نظراً لتأثيرها على ارتفاع الأسعار واختفاء عدد من السلع؟

فيما يخص الأسعار، فالأسعار بالفعل ارتفعت قبل قرارات تعويم الجنيه، على خلفية ارتفاع أسعار الدولار في السوق السوداء، والحكومات في مصر خشت منذ ما يقرب من 40 عاماً من الاقتراب من قرارات التعويم وسياسات الدعم «لحد ما غرقنا»، ونحن كنظام مصرفي ندير عملية إصلاح شاملة بهدف الوصول للمواطن وتقديم الخدمة له بأسعار مناسبة، وتحسين مستوى الدخول على المدى البعيد، ولا يجب أن ينظر المواطن عند موضع قدمه.. وللعلم الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي؛ هي إجراءات طالب بها معظم الاقتصاديين والشارع أيضاً طالب وإن كان الخلاف على توقيت تطبيقها لكن لا بديل أمام القطاع المصرفي عن تعويم الجنيه.

فالشارع يطالب بتحويل الدعم من عيني لنقدي، ومازال الدعم قائماً بالفعل، رغم أعباء الاقتصاد وضغطه على ميزانية الدولة، نتيجة لارتفاع أسعار المواد البترولية وغيرها، في أعقاب تعويم الجنيه، فالدولة وكذلك القطاع المصرفي حريصون على مصلحة المواطن والاقتصاد على حد سواء.

الشهادات الادخارية

ننتقل إلى الشهادات الادخارية والتي طرحتها البنوك بمناسبة تعويم الجنيه، كم وصلت حصيلتها؟

وصلت حصيلة بيع الشهادات البنكية، إلى نحو 60 مليار جنيه، مقسمة على 80% لصالح الشهادات الادخارية من فئة 20%، الـ20% المتبقية تخص الشهادات فئة الـ 16%.

هل هناك عملاء جدد وضعوا أموالهم في البنوك بعد قرارات التعويم، وهل تم كسر شهادات قناة السويس؟

نعم هناك عملاء جدد دخلوا البنوك، وتصل نسبتهم لما يقرب من 20%، من الحصيلة الحالية من العملاء، وهذا يعزز ثقة العميل في الجهاز المصرفي، و80 % من العملاء المتعاملين على الشهادات ذات الفائدة 16%، 20% من العملاء القدامى.. بالفعل حدث كسر لشهادات قناة السويس وشهادات أخرى لتحويلها للنظام الجديد لكن بنسب لا تذكر.

حل مشكلات السيولة

بالنسبة لما يخص البنوك مثل التوسع في سياسة الاقتراض وآخرها قرض صندوق النقد الدولي؟

قرض صندوق النقد الدولي، ليس بـ«عصا موسى» التي ستبدل حال الاقتصاد المصري، فمبلغ الـ12 مليار دولار ليس بالمبلغ الذي يحل مشكلات السيولة في مصر، لكن أهميته أنه يعتبر وثيقة وشهادة لقوة الاقتصاد المصري عالمياً، وهو ما يحسن رؤية العالم، لمصر كقوة اقتصادية وسوق واعد، فخبراء الصندوق وصلوا مصر واطلعوا على الدخل والإيرادات ومعدلات النمو، وأكدوا أن مصر بلد يمكن الثقة فيه استثمارياً، وقادر على السداد «لأنه ليس الـ12 مليار دولار هي القادرة على إصلاح الأحوال الاجتماعية والاستثمار في البلد» ونحن كبلد معدلات الاقتراض لدينا ضمن حدود الأمان وأقل من النسب العالمية.

في حال كان الصندوق قد رفض إقراض مصر هل كان النظام المصرفي سيتخذ هذه الإجراءات؟

نعم، بدون قرض صندوق النقد، كان النظام سيتخذ هذه الإجراءات، لأن الاقتراض الخارجي بالنسبة لمصر هو أقل النسب الخارجية في الاقتراض ويمثل 17% من معدلات الدخل، وهي نسب مقبولة وضمن حدود الأمان، ويتم توجيه هذه القروض لتطوير البينة التحتية والمدن وتطوير الصناعة.

سعر واحد للعملة

كيف ترى الخطوات الاستثمارية المترتبة على القرارات الاقتصادية الأخيرة وأثرها في عودة ثقة المستثمر المحلي والخليجي؟

المستثمر المحلي والخليجي لا بد أن يثق في الاقتصاد المصري، سيكون هناك سعر واحد للعملة المصرية، وسوقنا ممهد له وأتوقع على مدار الـ4 شهور القادمة، أن يحقق الاستثمار السريع في أذون الخزانة والسندات والأسهم والاستثمار في البورصة أرباحاً، ربما لم تحققها مؤشرات النمو والربحية من قبل.. وهذا يؤكد أننا في الطريق الصحيح.. وهناك قوانين لتذليل العقبات الاستثمارية وكذلك إزالة المعوقات الروتينية والبيوقراطية.

دول مجلس التعاون أكبر الداعمين

قال يحيى أبو الفتوح إن دول مجلس التعاون الخليجي قدمت لمصر الكثير ونشكرها على ما تقدمه. والنظام المصرفي في مصر يولي الخليج أهمية خاصة لما يقدمه لمصر من دور بناء، وحان الوقت لأن نعتمد على أنفسنا ونصلح مشكلاتنا ونمهد سوقنا بحيث يكون صالحاً للاستثمار الخارجي. فالمستثمر الخليجي يبحث عن الأمان والربحية وأعتقد أننا كبلد مربح جداً ولنا أدوار نقوم بها على أكمل وجه حتى نطمئن المستثمر الخليجي، سواء في قانون الاستثمار أو تعديلات قوانين الإفلاس والتخارج أو تعديلات قوانين تأسيس الشركات. فالسوق واضح للمستثمر القادم من الخارج وهو ما يحدث أكثر الآن بتوسيع القاعدة الاستثمارية وتشجيع الصناعة والسياحة.

تحسن

وأضاف: الشعور العام في مصر سيتغير، مع نهاية 2018، وبدأنا في وضع إصلاحات حقيقية على الأرض، وستظهر نتائج مشروعات أخرى وضعنا لبنتها الاستثمارية سواء في محطات الطاقة الكهربائية وإعادة إصلاح طرق مصر بالكامل .

وتابع : إن البنك الأهلي بالتعاون مع البنوك الأخرى أخذ خطوات فعالة لدمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، فلا بد من توسعة المسجلين في الضرائب أو القروض، ففي النهاية نحن كبنوك نستثمر أكثر في دعم الشركات والكيانات الرسمية، ولا نقصر دورنا على الاقتراض المجرد فقط، والدليل على ذلك أننا حققنا طفرة في الاستثمار العقاري.

المصانع المتوقفة

أكد نائب رئيس البنك الأهلي المصري أن هناك خطة داخل البنك الأهلي، لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة في مصر، ونعمل على دراسة العميل، وهل لديه القدرة على الاستمرار أو التوسع.. وغير القادر نحرص على دخوله في مشروعات جديدة عن طريق خبراء تابعين للبنك يشاركون في وضع خطط ودراسات جدوى للعميل ومتابعتها.. ففي النهاية التعثر شيء طبيعي لكننا نحاول أن نتداركه.

3 مليارات دولار تلقتها مصارف البلاد منذ التعويم

قال طارق فايد وكيل محافظ البنك المركزي المصري أمس: إن بنوك البلاد تلقت نحو ثلاثة مليارات دولار منذ تعويم الجنيه في وقت سابق هذا الشهر.

وفي الثالث من نوفمبر أعلن البنك المركزي تخليه عن ربط العملة عند نحو 8.8 جنيهات للدولار، في خطوة يأمل بأن تجذب تدفقات النقد الأجنبي وتقضي على السوق السوداء للدولار.

وقال فايد خلال مؤتمر مصرفي في القاهرة: إن التعويم ساهم في عودة تدفقات النقد الأجنبي إلى النظام المصرفي.

وأضاف أنه لم يكن بالإمكان تأجيل قرارات البنك المركزي أكثر من ذلك.

وأدى ربط العملة وتراجع الاستثمار الأجنبي بعد انتفاضة 2011 إلى استنزاف الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي، بما اضطره إلى ترشيد الدولارات وفرض قيود .

وتسببت القيود في استحواذ السوق السوداء على جزء كبير من تجارة العملة؛ إذ نزل فيها الجنيه إلى نحو 18 جنيهاً للدولار في الأسابيع السابقة للتعويم.

وانخفضت العملة المصرية في البنوك منذ تحرير سعر الصرف لتصل إلى ما بين 17.70 و18 جنيهاً للدولار أمس.

من جانبه قال نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر عاكف المغربي خلال المؤتمر: إن البنك الحكومي اشترى 400 مليون دولار منذ التعويم.

وقال هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي في البلاد، إن مصرفه جمع نحو 85 مليار جنيه (4.8 مليارات دولار) من بيع شهادات إيداع جديدة بفائدة 16 و20 % لآجال ثلاث سنوات و18 شهراً على الترتيب منذ تحرير سعر الصرف وحتى الآن.

وأضاف عكاشة إن نحو 15 مليار جنيه من إجمالي ما جمعه مصرفه من الشهادات هي «أموال جديدة» وليست مدخرات في أوعية أخرى حوَّلها أصحابها لشراء الشهادات الجديدة. القاهرة- رويترز

Email