آندرو سكوت نائب عميد كلية لندن لإدارة الأعمال لـ«البيان الاقتصادي»:

دبي مركز عالمي للصيرفة الإسلامية بحلول 2020

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال البروفيسور آندرو سكوت، نائب عميد كلية لندن لإدارة الأعمال والأستاذ في الاقتصاد في حوار مع «البيان الاقتصادي» على هامش زيارته لدبي: إن اقتصاد الإمارات نما بقوة في عام 2014، متوقعاً أن يُسجّل نمواً بنسبة 4% في العام الحالي 2015. من جانب آخر توقع البروفيسور سكوت أن تتجاوز دبي ماليزيا كمركز للصيرفة الإسلامية بحلول عام 2020، مضيفاً أن الإمارات تمتلك سجلاً ناجحاً جداً في قدرتها على جذب شركات المال الأجنبية لأراضيها.

كيف تقيم أداء اقتصاد الإمارات في 2014 وما توقعاتكم في 2015 في ظل تراجع أسعار النفط وتراجع اليورو؟

برأيي أن الخطوات التي اتخذت على اثر الأزمة المالية العالمية، وكذلك التحسن الذي شهدته أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية إلى جانب الإصلاحات التي شهدتها المنطقة قادت جميعها إلى تحقيق النمو في عام 2014، ولو أخذنا في الاعتبار ثراء الإمارات فبإمكاننا القول إن النمو الاقتصادي للإمارات في عام 2014 كان قويا جدا.

وأتوقع أن ينمو اقتصاد الإمارات بنسبة 4 % في العام الحالي 2015. ومع تراجع أسعار النفط الكبير في الاسواق العالمية أتوقع أن يكون عام 2015 عام التنوع الاقتصادي في الإمارات، ولو نظرنا إلى دبي فإن قوتها تكمن في السياحة والتجزئة وخدمات الأعمال وأتوقع أن يتواصل النمو والتوسع في هذه القطاعات خلال العام الحالي.

أما بالنسبة للتراجع الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية فأرى بأنه سيكون له اثنين من التأثيرات المتناقضة، فبطبيعة الحال سيكون لتراجع أسعار النفط الكبير تأثير على نمو إجمالي الناتج المحلي، ولكن الخبر الجيد.

فيما يتعلق بتراجع أسعار النفط هو أنه سيكون جيداً للنمو في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، وبما أن هاتين المنطقتين متصلتان بشكل قوي مع المنطقة بالتالي هذا النمو سيكون إيجابيا للمنطقة بشكل عام. أيضا تراجع أسعار النفط سيسهم في عودة تدفقات رؤوس الأموال من المنطقة للغرب مجددا وهذا بطبيعة الحال سيكون له تأثير.

أعتقد أن المشكلة التي تواجهها المنطقة هي خارج نطاق النفط فإن توسع الإنفاق في البنية التحتية هو من يقود النمو في إجمالي الناتج المحلي وهو أمر ليس بالسيئ، حيث ان البنية التحتية مهمة لمستقبل المنطقة ولكن لا يجب على الاعتماد كليا على البنية التحتية.

إكسبو متميز

هل تتوقع تضاعف الإنفاق على مشاريع إكسبو ومشاريع البنية التحتية، وتدفق مزيد من الشركات والمستثمرين؟

أنا من المتحمسين جدا لإكسبو 2020 ، وبرأيي فهو يمثل فرصة عظيمة جدا للإمارات. ولو نظرنا إلى أحداث استضافة كأس العالم ومعارض إكسبو بشكل عام وما تعنيه هذه الاستضافة، فسنجد بأن الدول التي تستضيف هذه الأحداث الكبرى عادة ما تكون متحمسة جدا لهذه الاستضافة كونها اختارت استضافة هذه الأحداث العالمية.

وما يحدث عند استضافة أي دولة لتلك الأحداث هو أننا نرى نموا كبيرا لإجمالي الناتج المحلي للدول المستضيفة للحدث ولكن هذا النمو يتراجع بعد انتهاء الاستضافة، كما أن تلك الأحداث العالمية تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار من العالم وهو أمر إيجابي، ولكن هناك تحدي الحفاظ على الأسعار وضمان عدم خروجها عن نطاق السيطرة في توقيت الاستضافة.

كما انه عادة ما تخرج كلفة استضافة تلك الأحداث عن الميزانية المخصصة لها، وعادة ما يتم بناء مشاريع خاصة باستضافة الحدث تصبح بدون فائدة عند الانتهاء من الاستضافة، ورأينا ذلك يحدث في دول عديدة استضافت أحداث عالمية، ولكن بالرغم من سجل الاستضافات تلك غير الجيدة في الكثير منها .

ولكن كان هناك استضافات جيدة جدا لتلك الأحداث في بعض دول العالم في فرنسا وفي بريطانيا وتركت تلك الاستضافة إرثا غنيا، وهناك فوائد رمزية من تلك الاستضافات، فمن المهم جدا إرسال رسالة مفادها بأن الدولة المستضيفة للحدث مفتوحة أمام الأعمال وبأنها مركز عالمي.

إكسبو 2020 سيسرع من بناء مزيد من مشاريع البنية التحتية في دبي، ولو نظرنا إلى سجل دبي في البناء سنرى بأنه سجل جيد للغاية فيما يتعلق بتسليم المشاريع وعلى رأسها المشاريع العملاقة. اليوم هناك الكثير من المنافسة ما بين بلدان مجلس التعاون الخليجي فكل البلدان الخليجية تتنافس لتكون المركز ودبي هي مركز التجارة والأعمال اليوم، وأتوقع أن تقدم للعالم إكسبو متميزا.

هل ستصبح أوروبا أكثر جاذبية للمستثمرين بفعل تراجع اليورو والذي يعد الأكبر منذ 9 سنوات؟

عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية رأينا رؤوس الأموال تغادر الغرب نحو الأسواق الناشئة واليوم ومع تعافي السوق الأميركي، إلى جانب أن سوق المملكة المتحدة يشهد أيضاً تعافياً فهذا يعني بأن معدل الفائدة في طريقة للعودة إلى مستوياته الطبيعية وبالتالي سنشهد عودة لتدفقات رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة للغرب.

أما فيما يتعلق بأوروبا فالأمر أكثر تعقيدا وخاصة بأنه لا توجد أية إشارة على أن معدل الفائدة في أوروبا سيرتفع كما أنه يبدو واضحا بأن اليورو سيبقى منخفضا لفترة من الوقت إذا ما استمرت أوروبا في «التيسير الكمي».

هل تتوقع أن تصبح دبي بوابة لتدويل عملة «رنمينبي» الصينية؟

هذا يشكل تحديا كبيرا. اليوم نشهد تحولا في جغرافية الاقتصاد العالمي، حيث ان مركزية العالم كانت في الغرب واليوم تتجه شرقا واليوم تحلق فوق منطقة الشرق الأوسط. وليس كل بلدان المنطقة غير مستقرة سياسياً أو أمنياً، فالإمارات تنعم بالاستقرار السياسي والأمني الكبير.

دبي والإمارات بشكل عام تستفيد من موقعها الجغرافي المتميز ومن كونها مركزاً عالمياً، وأيضاً من قربها من الصين، دبي بالتأكيد ستنمو كمركز مالي، وستنمو باتجاهين أحدهما في مجالي التمويل المتخصص وعلى رأسه التمويل الإسلامي والآخر تعزيز مكانتها في التمويل الدولي، وهناك فرصة كبيرة لنموها كمركز مالي عالمي.

نحو العالمية

هل تتوقع أن تتفوق دبي على ماليزيا كمركز مالي بحلول 2020 ؟

بالتأكيد دبي اليوم تنافس ماليزيا في التمويل الإسلامي، نحن نعلم علم اليقين بأن دبي سوق ينمو بسرعة كبيرة وهناك الكثير من دول العالم بما فيها بريطانيا تعتمد التمويل الإسلامي، والبلدان الإسلامية لديها مستويات كبيرة من المدخرات وبالتالي الكثير من الأنظمة المالية ستتنافس لجذب تلك الأموال وبالتالي سنرى نمو دبي محققا. وأرى بأن دبي يمكنها تجاوز ماليزيا في أن تصبح مركز التمويل الإسلامي عالميا بحلول 2020.

فيما يتعلق بأسواق رأس المال فهي تحتاج إلى ضرائب منخفضة وتشريعات أقل ومؤسسات مستقرة قادرة على جذب الموظفين المناسبين، وبوجود الشركات الصحيحة والعاملين الصحيحين يمكن تغيير الأمور بسرعة كبيرة، دبي استطاعت أن تصبح المركز المالي للمنطقة وباستطاعتها أن تسحب البساط من تحت أقدام ماليزيا وبإمكانها أن تصبح المركز المالي الأول ولكن عليها أن تقوم بجذب الشركات والموظفين المناسبين لتحقيق ذلك. ما هو مثير بالنسبة لدبي هو أنها وحتى يومنا هذا تمتلك سجلا جيدا للغاية في جذب الشركات المالية الأجنبية إلى أراضيها.

نزيف أسواق المال والتقلبات المقبلة

 يعتقد آندرو سكوت أن العالم مر بفترة غير اعتيادية أعقبت اندلاع الأزمة المالية العالمية، حيث أسواق الأصول تم تقييمها بالكامل، والاقتصاد العالمي تعافى ولكن يبدو أن أسواق المال بالغت في قوة التعافي تلك. في الغرب هناك «التيسير الكمي» ومعدل فائدة منخفض جدا، والبنوك المركزية تقول إنها ستستمر في تبني سياسة «التيسير الكمي» حتى ولو تعافى الاقتصاد.

في الوقت ذاته هناك المستثمرون العالميون الذين قالوا إن الأسواق الناشئة تبدو قوية لنضع أموالنا هناك في ظل تمويل دولاري رخيص فيما يتعلق «بالتيسير الكمي»، وفي واقع الأمر فإن جميع اسواق الأصول جرى تقييمها بالكامل ولا أعتقد أن ذلك يعكس قوة الاقتصاد، وبالتالي نحن اليوم نعيش مع هذا الوضع الغريب.

فمع تعافي الاقتصاد الغربي تشعر أسواق المال بالقلق لأنها لا تريد أن تكون مدعومة بعد اليوم بالسياسات النقدية، ما يحدث في أسواق المال مبني على أسس اقتصادية، فعادة عندما تتعافى الاقتصادات تتعافى تبعا لها أسواق المال، ولكن لأن صناع السياسات استعانوا بأسواق المال لتحقيق التعافي الاقتصادي ليس الأمر بالسهل هذه المرة.

ولو وضعنا فوق كل ذلك الأسواق الناشئة بعيدا عن الغرب سنرى بأن عودة التدفقات المالية من الأسواق الناشئة مجددا إلى الغرب ستخلق تراجعا في أسواق المال أضف إلى ذلك عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة والعالم، كل هذه العوامل برأيي ستسهم في مزيد من التراجع في أسواق المال.

برأيي أن السيناريو الأسوأ سيكون في أن يكون عام 2015 عاما سيئا وأن نشهد مزيدا من الخسائر في أسواق المال.

برأيي أن المستثمرين يحتاجون لأن يتعودوا على حصول اضطرابات أكبر، حيث انهم عايشوا فترة من التقلبات المنخفضة في ظل دعم صناع السياسات للأسواق وبالتالي على المستثمرين أن يكونوا مستعدين للعودة مجددا لفترة التقلبات. أتوقع أن نرى أزمة في الأسواق الناشئة في عام 2015 ولا أعتقد بأننا سنرى هذه الأزمة في هذا الجزء من العالم.

أعتقد بأن العالم اعتاد على التمويل الدولاري الرخيص، فالكثير من الأسواق الناشئة والتي استدانت الكثير من الأموال بالدولار بمعدل فائدة منخفض، ومع ارتفاع قيمة اليورو يرتفع معها معدل الفائدة وبالتالي تجد هذه البلدان صعوبة في تسديد ديونها.

مستقبل

منطقة اليورو ليست نهائية وثابتة

 

حول مستقبل اليورو والاتحاد الأوروبي وسط احتمال مغادرة اليونان لوحدة اليورو، ومع استفتاء بريطانيا على مستقبل بقائها في الاتحاد الأوروبي، يقول آندرو سكوت: دعيني أعطيك الإجابة السهلة وهي أنه خلال السنوات العشر المقبلة سنشهد مغادرة دول أوروبية وحدة اليورو وانضمام دول جديدة لها.

فمنطقة اليورو ليست نهائية وثابتة، برأيي بأنه ينبغي على اليونان أن تغادر منطقة اليورو، لو غادرت ألمانيا منطقة اليورو فستموت منطقة اليورو بالتأكيد، الدول التي أداؤها جيد سترغب في البقاء في منطقة اليورو، ولن أستغرب إذا ما أعلنت اليونان مغادرتها لليورو.

علينا أن ننتظر، فما يقوله الساسة قبل الانتخابات قد يتغير بعد الانتخابات وعلينا أن ننتظر لنرى ردة فعل منطقة اليورو وكيف ستتعامل مع اليونان إذا ما طلبت مغادرة وحدة اليورو.

العام المقبل 2016 سيكون عاما أكثر صعوبة، لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحدث في اليورو، اقتصاديا نحن ندرك ما ينبغي عملة لإنقاذ اليورو، ونعلم لماذا قد ترغب دول في مغادرة اليورو وبالتالي هو سؤال مرتبط بالسياسة وعندما يكون هناك 32 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي يصبح من الصعب جدا معرفة كيف تسير السياسات.

أما بالنسبة للمملكة المتحدة فأنا ضد أن تغادر الاتحاد الأوروبي وأنا من المناصرين للوحدة الأوروبية. المملكة المتحدة دائما ما يتحداها الاتحاد الأوروبي لأسباب عديدة هي كوننا جزيرة ولسنا جغرافيا جزءا من أوروبا، فنحن هنا وهم هناك وذلك دائما ما أثر علينا، كما أننا لدينا تشريعات وفلسفة مختلفة ومازلنا نكافح من خسارتنا لإمبراطورية.

قوة

الدولار سيد عرش العملة المهيمنة

حول ما إذا كان الدولار معرضا لهبوط عن عرش العملة المهيمنة على اقتصاد العالم، يرى آندرو سكوت أنه على المدى البعيد نحتاج سلة عملات ولكن لن تنتهي هيمنة الدولار على المدى القصير.

خاصة لو نظرنا لـ 20 عاما مقبلة وللتحديات التي يواجهها النظام المالي في الابتعاد عن الاعتماد على الدولار، ولا أعتقد بأننا سنرى نهاية لهيمنة الدولار، وأعتقد بأنه إذا ما وضعت نهاية لـ «التيسير الكمي» في الولايات المتحدة في 2015 وبداية له في اليورو فسنرى ارتفاعا في الدولار وتراجع اليورو.

Email