عبدالعزيز الغرير رئيس اتحاد مصارف الإمارات لـ«البيان الاقتصادي»:

توسيع الإقراض يخدم البنوك والتنويع يحصنها

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عبدالعزيز عبدالله الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات، قوة وتماسك القطاع المصرفي الوطني، وعدم تأثره بصورة مباشرة من جراء التراجعات الحادة في أسعار النفط العالمية، وأن من مصلحة المصارف توسيع عملياتها الإقراضية للسوق المحلية.

وأشار الغرير في حوار مع (البيان الاقتصادي) إلى أن نجاح الدولة في تنويع مصادرها الاقتصادية، يقلل من الآثار السلبية للتراجعات التي شهدتها أسواق النفط خلال الفترة الأخيرة، ويحمي الاقتصاد الوطني من أي تقلبات خارجية، في الوقت الذي يتواصل فيه إنجاز المشروعات الوطنية العملاقة.

ورأى الغرير أن الانخفاضات الكبيرة في أسعار النفط هي ظرف عالمي مفاجئ فُرض على الاقتصاد الوطني كما فرض على اقتصادات العالم بأسره، ما يوجب على الجميع التعامل معه بكل حكمة.

وأعرب الغرير عن تفاؤله بالآفاق المشرقة للاقتصاد الوطني خلال العام الجديد في ضوء تحقيقه سجلاً مبهراً من النجاحات، ما جعله نموذجاً يحتذي به من جانب الدول الأخرى في المنطقة التي تنهج النهج ذاته في تقليل الاعتماد على النفط، مشيراً إلى أن هذا النهج أثمر الكثير من الفوائد بشكل أدى إلى تراجع مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، وبالتالي غدا الاقتصاد أكثر حصانة في مواجهة التراجعات الكبيرة التي طرأت على أسعار النفط، بفضل ازدهار قطاعات حيوية غير تقليدية كالسياحة والتجارة والاستثمار العقاري.

وقال الغرير: إن القطاع المصرفي قادر على مواجهة تحديات انخفاض النفط حتى لو استغرق هذا الانخفاض فترة طويلة من الزمن، مؤكداً أنه لن يتأثر بشكل مباشر، إنما سيكون التأثير في القطاع في حال ما حصل تباطؤ في نمو الاقتصادي الوطني، وهو أمر مستبعد في ظل إقرار ميزانيات كبيرة للعام الجاري على المستوى المحلي لكل إمارة أو على المستوى الاتحادي، ما يشير إلى استمرار قوة عجلة الاقتصاد الوطني، فإلى تفاصيل الحوار:

آفاق مشرقة

ما توقعاتكم لنمو الأصول المصرفية في ظل تراجعات أسعار النفط عالمياً؟

نحن متفائلون بالآفاق المشرقة لاقتصادنا الوطني خلال العام الجديد، في ضوء سجل النجاحات المبهر على صعيد تنويع مصادر الدخل، ما جعل الاقتصاد الوطني نموذجاً يحتذى به. وأثمر هذا الأمر الكثير من الفوائد أهمها تراجع مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي.

ونحن نتوقع تواصل نمو الاقتصاد في العام الجاري مدعوماً بتراجع اعتماد الدولة على النفط في ميزانيتها العامة. ورغم ما قد يطرأ من تراجع محدود في معدل النمو مقارنةً بـ2014، إلا أن النمو الاقتصادي سيتواصل بشكل قوي ومتماسك.

ويجب على القطاع المصرفي أن تتضافر جهوده مع مختلف القطاعات الأخرى لكي يواجه التحديات الناجمة عن تراجع أسعار النفط، والتي فرضت مضاعفات سلبية على الاقتصادات في العالم كله، وذلك من خلال تقديم الرؤى والسياسات الملائمة لمواجهة هذه التحديات العالمية بما يعيننا على الخروج منها بسلام.

ونحن على وعي وإدراك بأن المصارف الوطنية وضعت خططها وتوقعاتها بناء على تطورات 2014، لكن التغيرات التي طرأت على أسعار النفط والتطورات العالمية قللت من هذه التوقعات، ولكننا على يقين بأن ما نشهده هو مجرد ظرف عالمي طارئ.

ورغم أن النفط يسهم بحصة أكبر في ميزانية أبوظبي، إلا أن جهاز أبوظبي للاستثمار يمثل الضمانة لتحقيق التنمية الوطنية المستدامة، الأمر الذي يخفف من وطأة التأثيرات الجانبية لانخفاضات أسعار النفط العالمية، فالدخل الذي تحققه الدولة من أنشطة جهاز أبوظبي للاستثمار يغطي النقص الذي سببته تراجعات النفط العالمية، وهو ما يجسد الرؤية الثاقبة لقيادتنا الرشيدة.

وتجلى هذا النجاح في حقيقة أن المشروعات التنموية في أبوظبي والتي هي قيد التنفيذ لم يتم إيقافها أو حتى تأجيلها، الأمر الذي يبشر بالخير ويؤكد قوة ومتانة الاقتصاد الوطني في ضوء المردودات الإيجابية الضخمة التي ستتحقق من جراء تنفيذ هذه المشروعات الضخمة التي ستلعب دور المحرك الاقتصادي الرئيس للتنمية الاقتصادي، وبالتالي تنهض الحكومة بدورها في تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال طرح مشروعات جديدة ضمن رؤية طويلة الأجل للفترة المقبلة.

مواجهة التحديات

هل القطاع المصرفي قادر على مواجهة مضاعفات التحديات العالمية؟

يمتلك القطاع المصرفي الوطني القدرات والإمكانيات التي تؤهله لمواجهة التحديات العالمية بكل سهولة.

وتتميز الإمارات بتنوع شركائها الاقتصاديين، ما يقوي مناعتها في مواجهة تحديات تراجع أسعار النفط العالمية، فعلى سبيل المثال تتزايد أعداد السائحين من الهند والصين على نحو يعوض النقص في أعداد السائحين الروس الناتج عن تراجعات أسعار صرف العملة الروسية الروبل، وبالتالي فإن الاقتصاد الوطني قادر على إدارة المخاطر من خلال تنويع سلة شركائه التجاريين، فإذا ما تراجع النمو الاقتصادي لأحد شركائه فإن تصاعد النمو لدى شريك آخر من شأنه أن يعوض الاقتصاد الإماراتي مضاعفات هذا التراجع.

نضج عالٍ

كيف تقيمون أداء القطاع وقدرته على مواكبة التطورات والمتغيرات على مختلف الصعد؟

حقق القطاع المصرفي في الدولة درجة عالية من النضج والتطور مقارنة بوضع هذا القطاع في مختلف البلدان العربية، فمن حيث الحجم، يعد القطاع المصرفي الإماراتي الأكبر على مستوى العالم العربي، حيث يتألف من 51 مصرفاً تتنافس في ما بينها على نحو يحفزها إلى الحفاظ على تطورها وتفوقها من خلال عملها الدؤوب على تطوير أدواتها وآلياتها المصرفية.

وهو ما يخالف وضع هذا القطاع في العديد من الدول التي تكتفي بعضها بحد أقصى للمصارف يصل إلى 20 مصرفاً على أقصى تقدير، حيث شجعت الأجواء التنافسية المصارف المحلية على تجويد خدماتها بهدف جذب أكبر عدد ممكن من العملاء الذين صاروا في وضع متميز نتيجة تنوع وتعدد خياراتهم.

ونؤكد أن قطاعنا المصرفي غدا في وضع يضاهي الكثير من القطاعات المصرفية في الدول المتقدمة على الصعيد الأوروبي والأميركي والآسيوي، نظراً لنجاحه المبهر والمتميز في تجويد خدمات ومنتجات مصرفية للأفراد والشركات، وبهذا أصبح هذا القطاع في مصاف القطاعات المصرفية عالمياً.

سياسات تطويرية

كيف تقيمون التطور الضخم الذي حققته الصناعة المالية في الدولة؟

حققت الصناعة المالية الوطنية قفزات كبيرة منذ تأسيس الدولة، فالقطاع المصرفي الإماراتي شهد عبر مسيرته الطويلة تطورات نوعية وكمية، بفضل انتهاج سياسات وطنية تطويرية رائدة ومتميزة، تنفيذاً للرؤية الثاقبة والحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

فنحن نستلهم من سموه الأفكار الإبداعية والابتكارية على المستويات والصُّعُد كلها، الأمر الذي يدفع للارتقاء بالبيئة المحفزة إلى التطوير المستمر والمستدام، بما يعزز قدرات وإمكانيات القطاع المصرفي الوطني على مواكبة مختلف المستجدات والتطورات على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وفي هذا الإطار، نهض المصرف المركزي بمسؤوليات وأدوار بارزة ورائدة في إرساء بنية تحتية تشريعية من الطراز العالمي، والتي تعزز قدرة مصارف الدولة على التميز في أدائها واكتساب الكفاءة العالية في إحراز مستويات عالية من التحسن والتطوير، بما يعكس رسوخ مفهوم التطوير كمنهج حياة في إدارة المجالات كلها، بما يعزز السمعة الطيبة للدولة كحاضنة للتطوير والابتكار والإبداع.

توازن استثماري

ما تقديركم للتقييمات التي ترى أن بعض المصارف تتجاهل مسألة توازن محفظتها بتوجيهها قدراً كبيراً من الاستثمارات إلى الخارج؟

غير ممكن الأخذ بهذه التقييمات على إطلاقها فهي مشوبة بعدم الدقة، من المؤكد أنه من مصلحة المصارف الوطنية توسيع عملياتها الإقراضية للسوق المحلية، لكي تستفيد من العوائد الاستثمارية التي تتميز بالارتفاع مقارنة بما هو عليه الحال في الأسواق الأجنبية، والتي تتراجع فيها العوائد الاستثمارية إلى مستوى يتراوح بين 0.25-0.50% .

وهو عائد منخفض بكافة المقاييس على نحو يجعل الاستثمار المصرفي في هذه الأسواق غير مُجدٍ، بيد أن المصرف المركزي يشترط على المصارف المحلية الإبقاء على جزء من موجوداتها في استثمارات عالية الجودة، وهو خيار غير متوافر في السوق المصرفية المحلية.

وبالتالي يكون البديل المناسب المطروح لدى المصارف الوطنية هو التوجه نحو تعزيز استثماراتها الخارجية، ولهذا فمن المهم بمكان أن يتجه المصرف المركزي نحو التحفيز إلى توفير أذونات خزينة عالية الجودة، مصنفة من جانب وكالات التصنيف الائتمانية الرئيسية في العالم، ما يزيد من الفرص والخيارات الاستثمارية المتاحة أمام المصارف الوطنية.

الأصول عالية الجودة

كيف يمكن تحفيز المصارف إلى توجيه استثماراتها إلى الداخل عوضاً عن توجيهها إلى الخارج؟

يعتمد هذا الأمر على السياسات المتبعة من كل مصرف على حدة، حيث إنه من المتعارف عليه أن المصارف تحرص على استثمار جزء من محفظة أصولها في أدوات مالية عالية الجودة، تحوطاً ضد المخاطر، إذ تحتفظ هذه المصارف في محفظتها بودائع وأذونات استثمارية عالية الجودة (AA) و(AAA).

ونستطيع أن نجزم بأنه مهما بلغ تطور القطاع المصرفي، فإنه لن يكون بوسع المصارف استثمار الأموال الفائضة في عمليات الإقراض كلها، حيث تحتفظ المصارف بما نسبته 15 - 20% من ودائعها في استثمارات خارجية عالية الجودة، إلى جانب توجيه بعض استثماراتها إلى الصكوك وسندات الخزينة.

وهو ما يتجلى في توجه المصارف المحلية نحو شراء إصدارات الصكوك الصادرة من الحكومات المحلية، ثقةً منها في جودتها، لا سيما تلك الصادرة في إمارتي دبي وأبوظبي، والتي تحظى بتصنيف ائتماني من قبل وكالات التصنيف الائتمانية مثل (ستاندرد آند بورز) و(موديز).

ومن ثم فإنه من الضروري أن توظف المصارف المحلية أموالها في استثمارات خارجية ومحلية، كما أنه من المتعين عليها التركيز على تنويع محافظها الاستثمارية، بحيث لا تكون الاستثمارات مركزة في دولة بعينها أو إقليم جغرافي واحد، حتى لو كانت استثماراتها موجودة داخل الدولة، فإنه يجب أن تحرص على تنويع أوعيتها الاستثمارية وانتقاء مجالات الاستثمار الأكثر جودة وربحية.

٪9.3 نمو الأصول المصرفية في 10 أشهر

 

 

نمت أصول القطاع المصرفي في الدولة 9.3% خلال الشهور العشرة الأولى من 2014 بما يعكس قوة نمو الاقتصاد الوطني.

ومن المعتاد أن يسجل القطاع المصرفي نموًا بمعدل يصل إلى ضعف نمو الاقتصاد الوطني، وتجسد هذا النمو القوي في احتضان الدولة العديد من المؤسسات الإقليمية والعالمية بتوفيرها بيئة أعمال جاذبة لهذه المؤسسات، الأمر الذي عزز مكانتها الاقتصادية ومكانة قطاعها المصرفي.

ومن المتوقع أن يصل متوسط النمو السنوي للعام بأكمله إلى ما يتراوح بين 10-12٪، وهو أعلى قليلاً من معدل النمو المسجل في العام 2013 والذي بلغ 8 ٪ وأكثر من ضعف معدل النمو في العام 2012 الذي بلغ 4%.

وبلغت نسبة القروض إلى الودائع في مجمل القطاع المصرفي الإماراتي بلغت 97 ٪ في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2014، وكانت النسبة في أكبر عشرة مصارف محلية منخفضة قليلاً عند مستوى 90 ٪ في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2014.

وسجل إجمالي القروض في القطاع المصرفي نمواً بنسبة 7.9٪ منذ بداية العام، أما القروض الشخصية للمقيمين فقد حققت معدلاً أعلى للنمو بلغ 11.2٪.

ويتماشى نمو صافي القروض في أكبر عشرة مصارف محلية يتماشى مع نمو مجمل القطاع، والذي بلغ 7.7 ٪ في الأشهر التسعة الأولى من العام حتى سبتمبر 2014، كما سجل الدخل التشغيلي نموًا بنسبة 14.7 ٪، في حين نمت الأرباح الصافية بنسبة 24.9 ٪ مدفوعةً بنموٍ منخفض نسبيًا للتكاليف 12.8 ٪ وتراجع مخصصات الديون المعدومة (-3.7 ٪).

25 % نمو القطاع

تمثل الشركات الكبرى الجديدة أحد أهم المحركات الرئيسة التي ستقود نمو القطاع المصرفي ليسجل معدلًا يتراوح بين 20% إلى 25%. وتسجل المشروعات الصغيرة والمتوسطة نموًا كبيرًا بما يزيد مساهمتها في نمو الاقتصاد الوطني.

وتتزايد أهمية قطاع التأمين المصرفي والتأمين الأمر الذي يجعل هذا القطاع أحد محاور اهتمامات اتحاد المصارف، علاوةً على أن قسم إدارة الثروات قد تطور بشكل كبير خلال السنوات الخمس الأخيرة نتيجة دخول أثرياء وأصحاب أعمال الساحة الاقتصادية في الدولة، وفي هذا الإطار يعرض اتحاد المصارف خدماته عليهم ومساعدتهم في التعرف إلى أفضل الطرق والخيارات الاستثمارية.

توجه

الإنفاق الحكومي يرتفع ودبي تحافظ على زخم استثماراتها

يستمر الإنفاق الحكومي في الارتفاع بالرغم من الانخفاضات الأخيرة في أسعار النفط. وخصصت حكومة دبي 13% من ميزانية العام 2015 لمشروعات البنية التحتية، بينما تخطط دبي للمحافظة على حجم استثماراتها في البنية التحتية على مدى السنوات الخمس المقبلة، الأمر الذي سيؤدي حتمًا إلى تحسن بيئة الأعمال بشكل عام.

ويرتبط الائتمان في القطاع المصرفي بالاقتصاد غير النفطي بشكل أكبر من الاقتصاد النفطي، ويتواصل النمو الاقتصادي غير النفطي في الدولة بقوة على الرغم من الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية.

ومن العوامل التي ستدعم نمو الاقتصاد غير النفطي في الفترة القادمة، المشروعات الاستثمارية العامة، وقوة قطاعات الخدمات مثل السياحة والخدمات اللوجستية والتمويل والعقارات وتجارة التجزئة والضيافة، وقد يؤدي هبوط أسعار النفط المستمر على المدى المتوسط دون مستوى 55-60 دولارًا للبرميل إلى إعادة النظر في بعض المشروعات الثانوية، دون أن تتأثر معظم المشروعات الرئيسة.

دعم

5.5 % نمو الناتج الغير نفطي

مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 5.5 ٪، أحد العوامل الرئيسية الداعمة لأداء القطاع المصرفي، بالإضافة إلى التطورات التنظيمية عبر تقييد التعرضات الكبيرة، وتحديد سقف لنسبة القرض إلى القيمة في قروض الرهن العقاري، وإنشاء مكتب جديد للائتمان.

وهذه العوامل مُجتمعة ستسهم في تحسين جودة الأصول، من خلال توافر نسب قوية لكفاية رأس المال. ومن شأن التوليد الداخلي الجيد لرأس المال وكفايته أن يعزز قدرة المصارف على استيعاب أي خسائر ائتمانية محتملة.

ومن المتوقع أن يتمتع النظام المصرفي بمستويات سيولة عالية، مدعومة بالنمو القوي للودائع، مما سيؤدي إلى تحسين الربحية، نظراً لانخفاض المخصصات وتحسّن استرداد الديون ونمو الأصول، كما أن تحسّن ثقة المستهلك تؤدي إلى زيادة الإنفاق في قطاع التجزئة.

Email