استثمارات خليجيين فيها تقدّر بالمليارات وتحذير الشباب منها

خبراء: 90% من العملات الرقمية ستؤول إلى الزوال

ت + ت - الحجم الطبيعي

توقّع خبراء تقنية أن يؤول نحو 90% من العملات الرقمية اليوم، وعددها قرابة 1400، إلى الزوال، مؤكدين أن سوق هذه العملات غير المدعومة في معظمها بنشاط اقتصادي حقيقي.

والتي أوقعت في شباكها العديد من المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً من فئة الشباب الساعين إلى الثراء السريع، تحمل جميع مؤشرات الفقاعة الكلاسيكية التي لن ينجو من عواقبها سوى قلة قليلة من الشركات التي لا تقدم عملتها الرقمية كوسيلة للمضاربة فحسب.

بل وضعت استراتيجية مستقبلية واضحة تقوم على الاستفادة من العملات الرقمية كأداة لتقديم القيمة المضافة ودعم انخراط وتفاعل العملاء في رسم مستقبل تلك الشركات.

وحذّر خبراء التقنية في تصريحات خاصة لـ"البيان الاقتصادي" الشباب من التسرّع في الاستثمار في هذه العملات، مقدرين حجم استثمارات المنطقة في العملات الرقمية المتداولة الرئيسية وهي "بتكوين" و"ريبل" و"إيثيريوم" بمليارات الدولارات، وأن فيروس الاستثمار غير الواعي في هذه العملات وصل إلى شباب أعمارهم لا تتجاوز 15 عاماً.

في المقابل قال الخبراء إن استخدامات العملات الرقمية لا تنحصر فقط في التداول فحسب، مؤكدين إمكانية الاستفادة من تلك العملات كأداة لتبادل القيمة والوصول إلى خدمات عدة، مشيرين إلى وجود فجوة معرفية لدى معظم مسؤولي التقنية في الشركات الكبرى والبنوك حول العملات الرقمية.

وكانت هيئة الأوراق المالية والسلع حذّرت المستثمرين، أمس، من كافة أنشطة جمع الأموال القائمة على الاستثمار في الأصول الرقمية المشفرة داخل الإمارات، بما فيها عمليات "الإصدارات الأولية للعملات" أو "الإصدارات الأولية للأدوات الرمزية" أو ما يعرف بـ"توكن" token، فيما حظرت بنوك كبرى في الولايات المتحدة، استخدام بطاقات الائتمان في شراء "بتكوين" أو غيرها من العملات الرقمية، من أجل الحد من المخاطر المالية والقانونية.

وبدأ "بنك أوف أمريكا" حظر مشتريات العملات الرقمية منذ الجمعة الماضية، فيما اتخذ بنك "جيه بي مورغان" نفس الإجراء بعده مباشرة. وقال بنك "سيتي جروب" إنه سيوقف شراء العملات الرقمية باستخدام الائتمان، وفعل نفس الشيء كل من "كابيتال وان" و"ديسكفر"، وبنك لويدز في بريطانيا.

تنظيم الأصول

وقال هنري بيرغستورم، المستشار ومسؤول تطوير الأعمال في سوق أبوظبي للأوراق المالية، إنه يجب فهم طريقة عمل بلوك تشين والعملات الرقمية للاستفادة منها والابتعاد عن المخاطر المرتبطة بهذه التقنية، لافتاً إلى أن ذلك سيؤدي إلى توظيف هذه التقنيات بالطريقة المثلى.

مشيراً إلى نجاح سوق أبوظبي للأوراق المالية العام الماضي في تطبيق توظيف تقنية "بلوك تشين" في "التصويت الإلكتروني" التي تمكن الشركات المدرجة في السوق في التصويت للقرارات المتخذة خلال اجتماع الجمعيات العمومية.

وأضاف: "من الضروري تنظيم عملية الأصول الرقمية وليس التقنية بحد ذاتها، فـ"بتكوين" على سبيل المثال مجهولة المصدر، في حين أن التداول في أسواق المال يخضع إلى ضوابط وتشريعات وقوانين لحماية حقوق المستثمرين، وأعتقد أن السوق حالياً ما يزال يخوض مرحلة فهم طريقة عمل بلوك تشين والعملات الرقمية.

كما أن التقلب الحاد للعملات الرقمية حالياً يجعلها وسيلة غير صالحة لتبادل السلع في الوقت الراهن، وبالنسبة لنا في سوق أبوظبي للأوراق المالية ما زلنا في مرحلة السعي لفهم هذه التقنيات الحديثة وسبل الاستفادة منها، وإضافة القيمة لعملائنا.

وبالنسبة للعملات الرقمية، ما يزال هنالك العديد من التساؤلات حول عملية "الطرح الأولي للعملات ICO"، للعديد من العملات خصوصاً التي لا تقدم قيمة اقتصادية للعملاء، ومن وجهة نظرنا، فإننا ننظر إلى هذه الأصول الرقمية، ولكن من خلال منظور عملي ومدروس بعناية وضمن مظلة تشريعية".

ضجيج الفقاعات

وأكّد طارق الرفاعي الرئيس التنفيذي في مركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا، أن العملات الرقمية دخلت في هذه الآونة فعلاً مرحلة الفقاعة، وأنه قريباً لن يتبقى سوى عدد قليل جداً من العملات التي تركز فقط على المضاربة، مشيراً إلى أن العملات الرئيسية اليوم تتصرف في نمط فقاعة الكلاسيكية.

فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر بتكوين من أقل من دولار واحد في عام 2009 إلى ما يقرب من 20 ألف دولار في أواخر العام الماضي، لتعود وتخسر أكثر من 50% من قيمتها في بضعة أيام. ونفس الأمر ينطبق على عملات أخرى مثل "ريبل" و"إيثريوم"، وهذه كلها تحتاج إلى الارتفاع إلى مستويات جديدة، وإلا فإنها سوف تتجه إلى المزيد من الانخفاض.

وأعتقد أن معظم العملات المتداولة وعددها نحو 1400 اليوم، هي في طريقها نحو الزوال، ولكننا سوف نرى جيلاً جديداً من العملات التي ستنجح في تقديم القيمة عبر "بلوك تشين" وفي العديد من القطاعات والصناعات.

وأضاف: "ما تمر به العملات الرقمية اليوم يشبه إلى حد كبير فقاعة "دوت.كوم" التي بدأت في منتصف التسعينيات وانتهت في عام 2000، وانتهى معها ذكر الكثير من الشركات، في حين أن الشركات التي تمكنت من النجاة أصبحت ناجحة جداً اليوم، مثل "أمازون"، في حين أن كبرى شركات الإنترنت الموجودة اليوم لم تظهر إلا بعد انتهاء الفقاعة، مثل "غوغل" و"فيس بوك" و"تويتر".

واليوم معظم مؤيدي العملات الرقمية لا يريدون مواجهة هذا الواقع. والمهم في الأمر أن الكثير يتورطون في الضجيج الذي يصاحب بروز الفقاعات، وتصبح الأهواء النفسية والأماني هي ما يغذي المزيد من عمليات التداول وارتفاع الأسعار، إلى أن يفقد المستثمرون اهتمامهم أو يقررون الخروج من الفقاعة والاستثمار في شيء آخر، ما يؤدي إلى انهيار كارثي وسريع للسوق.

وأوضح الرفاعي أن الكثيرين ما يزالون يخلطون بين هذه العملات والتقنية الرائعة التي تدعمها وهي "بلوك تشين"، التي تتمتع بالعديد من الاستخدامات، والتي من المؤكد أننا سنرى ثمارها قريباً في مجالات عدة مثل تسديد عقود الاستيراد والتصدير، ومبيعات العقارات ونقل الملكية، وحتى التصويت في الانتخابات السياسية.

نموذج متحّول

من جانبه، توقع فيكتور وانلي الرئيس التنفيذي لمنصة الألعاب العالمية "كينجوين" التي ستقوم قريباً بطرح عملتها الرقمية "كرونز"، وافتتاح فرع لها في دبي، إن العملات الرقمية دخلت بالفعل مرحلة الفقاعة وأن السوق في مرحلة تصحيح ضرورية، متوقعاً اختفاء 90% من العملات الرقمية المتداولة حالياً، من ضمنها "بتكوين" خلال تلك المرحلة.

وأضاف: "نتوقع أن نرى تحولاً في نموذج عمل العديد من الشركات القائمة اليوم وفي قطاعات عدة نحو العملات الرقمية و"بلوك تشين"، وأن نرى قريباً مزيداً من عمليات التمويل القائمة على نموذج الطرح الأولي للعملات بعد وضع التشريعات اللازمة على غرار عمليات الطرح الأولي للأسهم القائمة اليوم.

وذلك بفضل مرونة عمليات الأولى، خصوصاً أن تقنية "بلوك تشين" تدعم تحويل نموذج الأعمال إلى منظومة لامركزية، وتمكّن كافة المشتركين من المشاركة في رسم مستقبل الشركة، مثل نوع المنتجات المقدمة على المنصة وطرق الدفع والتسليم، إلخ.

وأضاف أن "كينجوين" تمكن المستثمرين من تداول الألعاب الرقمية التي يصل عددها اليوم إلى 30 ألفاً، وتوثيق كافة تداولاتهم بتطبيق "بلوك تشين".

ندوات

من جانبه، قال جورج بتروني، مدير مكتب "أكتيف تريدس"لمنطقة الشرق الأوسط التي ستقوم بتنظيم ندوتين تثقيفيتين في كلٍ من أبوظبي ودبي، وذلك تحت عنوان "مقدمة إلى عملة البتكوين والعملات الرقميّة المشفّرة": "شهدنا منذ نهاية عام 2017 إقبالاً لافتاً من المتداولين على الاستثمار في عقود عملة البتكوين والعملات الرقميّة المشفّرة الأخرى.

ونؤكد أن قيمنا الأساسية تتمحور حول تقديم خدمات تداول آمنة لعملائنا والمتداولين لدينا، وكذلك المستثمرين الأفراد من منطقة الشرق الأوسط. وانطلاقاً من ذلك، وجدنا أنه من الضروري تثقيفهم حول الاتجاه الجديد للتداول في العملات الرقمية المشفرة، وسنحرص خلال الندوتين الجديدتين على تزويد المشاركين بالأدوات والمعارف اللازمة التي ستمكنهم من تداول العقود بأفضل الطرق الممكنة".

المزروعي: دبي ضمن أكبر أسواق «بلوك تشين» في العالم

أكدت رجاء المزروعي، نائب الرئيس التنفيذي لـ "فين تيك هايف" في مركز دبي المالي العالمي، سلطة مركز دبي المالي العالمي الذي يعتبر أحد مؤسسي "المجلس العالمي للتعاملات الرقمية - بلوك تشين"، أن دبي أصبحت اليوم أحد أهم أسواق "بلوك تشين" في العالم.

لافتة إلى أن الدعم الحكومي لهذه التقنية وتوجهات دبي بأن تكون معاملاتها معتمدة على تقنية "بلوك تشين" في 2020، يجذب في هذه الآونة العديد من الشركات العالمية الناشئة في قطاع التقنية الراغبة في تطوير أنشطتها إلى الإمارة.

وأضافت المزروعي في تصريحات خاصة لـ"البيان الاقتصادي"، إن "فين تيك هايف" طرحت أخيراً، مبادرة مخصصة للشركات الناشئة في قطاع "فين تيك" تمكّنها من العمل من داخل "فين تيك هايف" من خلال رخصة "اختبار الابتكار" التي تمنح لمدة عامين، وعلى أساس المشاركة في العمل.

ومن دون الحاجة كي تخضع لجميع المتطلبات التنظيمية التي تنطبق عادة على الشركات الخاضعة لرقابة سلطة دبي للخدمات المالية. ولفتت إلى أنه سيتم منح الشركات أسعاراً مدعومة للعمل من ضمن المركز على أساس شهري أو أسبوعي وحتى ساعي.

لافتة إلى أن هناك طلباً قوياً من الشركات للاستفادة من هذه المبادرة. وأضافت المزروعي: "هناك توجه كبير من المستثمرين للاستثمار في قطاع التقنية وخصوصاً "بلوك تشين"، ونحن مستمرون في تقديم الدعم لشركات "فين تيك" الراغبة في الاستفادة من تقنية "بلوك تشين" من المركز، وذلك من خلال دعم وصول تلك الشركات إلى الأسواق العالمية، إضافة إلى كبار المستثمرين".

 

Email