أكدوا تفاوت التأثيرات على اقتصاد الإمارات

خبراء: خفض اليوان سلاح ذو حدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد خبراء أن خفض اليوان الصيني يعتبر سلاحاً ذا حدين بالنسبة للأسواق العالمية والإقليمية. وتوقع الخبراء أن يؤثر قرار الحكومة الصينية بخفض اليوان في اقتصاد الدولة بشكل مباشر وغير مباشر كون الصين هي أكبر مصدر للدولة وثاني أكبر شركائها التجاريين، مشيرين إلى أن الاختلاف حول قراءة تأثير انخفاض اليوان كان السبب الرئيسي وراء ما حدث هذا الأسبوع في أسواق دبي والرياض ونيويورك.

وتضاربت آراء اقتصاديين حيال تأثير انخفاض اليوان والذي كان له وقع الصاعقة في الأسواق المالية العالمية وأسواق المواد الأولية. وفيما ينظر خبراء إلى خفض اليوان بمثابة إعلان «حرب عملات» من قبل الصين..

خصوصاً وأن التخفيض تجاوز المعدلات التي تعمل في نطاقها السياسة الصينية منذ وقت طويل، قال آخرون إن الخطوة تدل على وجود أزمة حقيقية تتعلق بتوقعات النمو الصيني، فيما دعا آخرون للبحث عن الأسباب التي هزّت الأسواق العالمية، خارج وليس داخل الصين التي قالوا إن خفضها لليوان سيساعد الصين في تحقيق اقتصاد أكثر استقراراً وتوازناً وهو أمر جيد للجميع.

وكان بنك الصين الشعبي خفض الأسبوع الماضي لليوم الثالث على التوالي السعر المرجعي لليوان مقابل الدولار بأكثر من 1%، وذلك دعما لصادرات البلاد المتعثرة. حيث من المقرر أن تخفض الخطوة قيمة الصادرات الصينية بنسبة 8.3% في يوليو.

وحدد المركزي الصيني سعر صرف اليوان المرجعي، وهو السعر الذي يسمح بالتقلب حوله ضمن هامش قدره 2% ارتفاعا أو انخفاضا، عند 6.4010 يوانات للدولار الواحد مقابل 6.3306 يوانات قبل يوم واحد.

وكان المركزي الصيني قد قام بخطوات مماثلة قبل أسبوع من ذلك بلغت نسبتها 1.9% و1.6% على التوالي، ما أثار مخاوف من حرب عملات عالمية واتهامات لبكين بإعطاء ميزة غير عادلة لمصدريها.

وقال داميان وايت، مدير الخزانة في نور بنك إنه لن يكون لانخفاض قيمة اليوان تأثير مباشر وفوري في دولة الإمارات، خصوصاً وأن الكثير من تبادلات التجارة مع الصين تتم بالدولار الأميركي. وأضاف أنه في حال حافظ الدولار على استقراره، فإن شركات التصنيع الصينية ستستفيد من ذلك.

إلا أن التأثير غير المباشر يتمثل في أن خفض قيمة اليوان يشير إلى متاعب في الاقتصاد الصيني، الذي كان ينظر إليه في السنوات الأخيرة على أنه مساهم رئيسي في النمو العالمي، وهذا أثار «شعوراً بالمخاطرة»، خصوصاً مع عمليات سحب الأموال التي تجري من الأسواق الناشئة، الأمر الذي ينعكس سلباً على أسعار الأصول.

من جانبه قال غاري دوغان – رئيس قسم الاستثمار في بنك أبوظبي الوطني: «لا يمكن أن يُنظر إلى انخفاض قيمة اليوان بإيجابية لأنه يضيف المزيد من المخاطر على الاقتصاد العالمي وأسواق المال. وعلى الرغم من أن حجم انخفاض قيمة اليوان متواضع جدا الا أنه أثر في السوق بشكل سلبي وساهم في اضافة ضغوط على العملات الآسيوية الأخرى.

وبرأيي فإن تأثير انخفاض قيمة اليوان على الاقتصاد والنظام المصرفي الإماراتي هو تأثير بسيط. هناك التزام واضح جدا للحفاظ على ربط الدرهم بالدولار الأميركي. ورغم انخفاض أسعار النفط، فقد توقع صندوق النقد الدولي أن يكون النمو لدولة الامارات في العام المقبل بنسبة 3% وهي نسبة كافية للحفاظ على الأسس القوية للنظام المصرفي الإماراتي».

توقعات

وحول تأثير تطورات اليوان الصيني على سعر صرف الدولار، قال دايفيد كول، نائب كبير المحللين الاقتصاديين في بنك جوليوس باير إن الدولار سيتمكن من تعزيز قيمته بمواجهة الأسواق الناشئة فيما لا نتوقع تأثيراً كبيراً بين أسعار صرف اليورو إلى الدولار الأميركي والأخير إلى الين الياباني. ومن المتوقع أن يزيد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدولار الأسترالي والنيوزلندي.

وأضاف: «الصين ليست بحاجة للجوء إلى استراتيجية حرب العملات التي تقضي باستعمال العملة مثل اليابان ومنطقة اليورو من أجل تحفيز النمو الاقتصادي. فهناك الكثير من الفرص من جهة أسعار الفائدة والسياسات المالية لإعادة انعاش الاقتصاد. لذلك لا يمكن اعتبار تراجع اليوان كخطة مقصودة لتحفيز الاقتصاد».

صدمة مؤقتة

من جانبه قال عدنان يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية إن قرار القيادة الصينية بخفض العملة الوطنية اليوان بالتأكيد قد احدث نوعا من الصدمة المؤقتة في الأسواق المالية..

مشيراً إلى أن أغسطس هو شهر الأزمات المالية، مضيفاً أنه من المؤكد أيضا أن معرفة تأثيرات هذا القرار في الاقتصاد العالمي لن تظهر بشكل واضح إلا على المدى الطويل بالنظر إلى قوة تأثير الاقتصاد الصيني في الساحة الدولية كثاني أقوى اقتصاد في العالم، وستبرز عدة أسئلة لعل أهمها التخوف من حدوث حرب عملات بين الاقتصادات الكبرى التي لديها نفس دوافع متخذ القرار الصيني ..

وذلك لجهة استخدام العملة كإحدى أدوات السياسة الاقتصادية من أجل الحفاظ على عزم النمو، وهو أمر مفهوم ويستخدم كثيرا من قبل الدول كما أسلفت بصورة استراتيجية من اجل الحفاظ على زخم النمو بالقدر الذي يسهم في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية الكلية الرئيسية ممثلة في النمو..

والتوظيف الكامل، وكذلك استيعاب الداخلين لسوق العمل سنويا، وفي حالة الصين التي تحتاج لإبقاء معدلات النمو في حدود 7 الى 8% سنويا، تعتبر كافية لاستيعاب الداخلين لسوق العمل الصيني والذين يقدر عددهم في حدود 5 ملايين وظيفة جديدة سنويا.

رافعة للنمو

وأضاف يوسف: القرار في حد ذاته لا يخرج من هدف حفز الصادرات كرافعة للنمو الاقتصادي، فهذا هو الهدف المعلن وغير المستغرب، في إطار كونه أداة من أدوات السياسة الاقتصادية لكن ما لم يكن متوقعا هو تجاوز التخفيض للمعدلات التي تعمل في نطاقها السياسة الصينية منذ وقت طويل وهو في حدود 1% ارتفاعا و1% انخفاضا، بمعدل اقترب من 2% (1.9%) ..

وتكرار التخفيض لأكثر من مرة خلال نفس الأسبوع وهو أمر يدل على وجود أزمة حقيقية تتعلق بتوقعات النمو الصيني.

هل نحن مقبلون إذاً على المدى الطويل على حدوث تغير كبير في هياكل وبناء الاقتصاد العالمي، امتدادا للمتغيرات المرتبطة بشهر أغسطس كما أشار لذلك احد الاقتصاديين البريطانيين في صحيفة الجارديان، وهو تعليق برغم طرافته إلا انه مرتبط بحقائق التاريخ ففي أغسطس من عام 1998 حدثت أزمة الديون الروسية..

وحدثت الأزمة المالية الحالية في أغسطس من عام 2007 واستمرت حتى أغسطس 2011 بمفاجأة وكالة التصنيف الدولية ستاندرد أند بورز والتي خفضت فيها التصنيف الائتماني الممتاز للولايات المتحدة الأميركية، ووصف وقتها باليوم الذي غير العالم.

عملة رئيسية

وأضاف يوسف إن قراءة التأثير يجب أن تأخذ في الاعتبار عاملا هاما آخر يضاف لدوافع صانع القرار الصيني الآنية ويتمثل في وجود سياسة صينية ثابتة تسعى منذ وقت طويل لجعل العملة الصينية إحدى العملات الصعبة الرئيسية وإدخالها ضمن سلة عملات صندوق النقد الدولي، المفارقة هنا أنه ..

وعلى الرغم من قوة الاقتصاد الصيني إلا أنه الاقتصاد الوحيد من ضمن الاقتصادات الستة الكبرى على مستوى العالم التي لا تستخدم عملتها كأداة للتبادل، هذا الهدف يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند دراسة التأثيرات..

وعلى صانع القرار في المنطقة أن يضع ذلك في الاعتبار عند دراسة التأثيرات على دول المنطقة ومعظمها شريك تجاري رئيسي للصين، وبصفة خاصة القطاع المصرفي، الذي أتوقع أن يستفيد ويكتسب الكثير من الزخم الإيجابي في حال اعتمدت العملة الصينية كعملة رئيسية او صعبة من عملات التبادل التجاري المعتمدة دولياً.

تأثيرات

وقال ستيف راسين مدير في شركة سيدر للاستشارات والخبير في شؤون الاقتصاد الصيني إن خطوة الصين بتخفيض قيمة اليوان ستؤثر في الإمارات كون الصين هي أكبر مصدر للدولة وثاني أكبر شريك تجاري للبلاد..

لكن ذلك التأثير سيكون بشكل غير مباشر أكثر من مباشر. وسوف يأتي التأثير المباشر الأكثر وضوحا على شكل انخفاض قيمة الواردات من الصين، وخصوصاً المنتجات الاستهلاكية، مما سيعود بالنفع على المستهلكين المحليين والتجار والموزعين على حد سواء.

ولكن التأثير غير المباشر للانخفاض قد يكون أكبر تأثيراً، وأكثر سلبية. وأضاف: مثل انخفاض الأسهم ومحاولات الصين غير الفعالة في بكين لدعم الأسواق، يعتبر الانخفاض في بعض الأوساط بأنه علامة على أن التباطؤ في الصين هو أكثر خطورة مما كشفت عنه الحكومة. فالاعتقاد بأن الاقتصاد الصيني على شفا أزمة أو على الأقل ركود يغذي الذعر في الاسواق العالمية ولكن أيضا في السلع.

كما أن التحولات الهيكلية في أسواق النفط العالمية خلقت بالفعل احتمال أن النفط الرخيص هو «الوضع الطبيعي الجديد»، وعلاوة على ذلك وجود احتمال أن الطلب الصيني قد ينهار. وعلى المدى القصير، فإن هذه التصورات تدفع الأسواق، كما فعلوا هذا الأسبوع في دبي والرياض ونيويورك.

أسباب للتفاؤل

وأضاف راسين ولكن يبقى هنالك ما يدعو للتفاؤل على المدى الطويل، فالاقتصاد ما زال ينمو. وأسعار العقارات قد استقرت حتى إنها تتحرك صعوداً من جديد. وقطاع الخدمات - الذي فاق أداؤه قطاع التصنيع منذ سنوات عدة – يمستمر في النمو وما زال يشكل الجزء الأكبر من الاقتصاد.

وأضاف: هناك الكثير من الابتكار والطاقة الإبداعية. كان هناك توافق واسع في بكين على الأقل منذ عام 2011 بأن النمو السريع في العقود الثلاثة الماضية لا يمكن تحمله. فأتت الإصلاحات المالية بهدف توفير المزيد من الخيارات للمدخرين الصينيين، مثل خطط التمدين..

والجهود المبذولة لفطم الشركات الكبيرة المملوكة للدولة بهدف التخلص من ديونها الرخيصة وتمهيد الطريق لتحول الصين من اقتصاد قائم على الاستثمار والتصدير إلى اقتصاد أكثر توازناً يحركه الاستهلاك المحلي. وحتى خفض قيمة اليوان، والتي ينظر إليها في ضوء آخر، كانت عبارة عن محاولة لزيادة الصادرات ودفع العملة نحو التعويم الحر بهدف تطبيع الاقتصاد الصيني.

وعلى الرغم من الاضطرابات في الأسواق خلال من الأسابيع الماضية هو بالتأكيد مثير للأعصاب ولكن أسبابه يمكن العثور عليها خارج الصين وليس داخلها. وعلى المدى الطويل، فإن تحقيق الصين لاقتصاد أكثر استقراراً وتوازناً هو أمر جيد للجميع.

حقوق السحب

قال خبراء إن الصين بخفضها لقيمة اليوان تسعى لأن يصبح اليوان من ضمن العملات المدرجة في صندوق النقد الدولي والتي تتمتع بحقوق السحب الاحتياطي (SDR). وكانت الضوابط على اليوان تمثل حجر عثرة في سبيل انضمام اليوان إلى نادي الدولار الأميركي واليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني. وتعتبر زيادة شفافية تحديد سعر صرف اليوان اليومي نوعاً من تخفيف الضوابط، وخطوة إضافية في اتجاه تلبية متطلبات صندوق النقد الدولي الدخول.

Email