في ظل احتمال نشوب حرب عملات بين الصين وأوروبا

خبير: التنويع والتعويم خياران أمام المصرف المركزي

ت + ت - الحجم الطبيعي

قدر سايمون ديريك المسؤول عن استراتيجية العملات لدى بي إن واي ميلون، أن هناك خيارات مطروحة أمام المصرف المركزي الإماراتي أسوة بالمصارف المركزية الأخرى حول العالم للتعامل مع الاضطرابات، التي تسود أسواق صرف العملات الرئيسة.

مشيراً إلى أن هذه الخيارات، تتضمن التوجه نحو المزيد من تنويع مكونات الاحتياطي النقدي، وتعويم سعر صرف العملة ليعكس قيمتها الحقيقية، وتوقع أن تمثل هذه السياسات النقدية خيارات منطقية في ظل احتمالات نشوب حرب عملات بين العملة الأوروبية الموحدة «اليورو»، والعملة الصينية «الرنمينبي»، كما توقع أن تستقر أسعار النفط عند مستوى يتراوح بين 60 و70 دولاراً للبرميل، خلال الأمد المنظور.

وقال ديريك في مؤتمر صحافي عقد أمس لعرض تقرير بشأن اضطرابات أسواق صرف العملات في العالم، إن أسواق صرف العملات حول العالم تشهد تطورات وتغييرات متسارعة على مدى الأشهر الستة الماضية، سواء في ما يتصل بتطورات أسعار الفائدة الأميركية وسياسات التيسير الكمي المُتبعة من جانب المصرف المركزي الأوروبي.

وتصاعد مكانة العملة الصينية (الرنمينبي)، وتراجع أسعار النفط، بما تضمنه من تأثيرات على صناع السياسات النقدية في العالم، وتغييرات سعر صرف عملة الفرنك السويسري،مشيراً إلى أن سياسات التيسير النقدية قادت إلى سيطرة الاضطرابات على أسعار صرف العملات في العالم.

التيسير النقدي

وأفاد بأن اتباع سياسات التيسير النقدية ليست قاصرة على منطقة اليورو، ولكن يمتد الأمر إلى نوايا مجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي) بخصوص مواصلة سياسة التيسير النقدي، حيث تحوم الشكوك حول نوايا مجلس الاحتياط الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة الأميركية، بعدما راجت التوقعات في هذا الشأن،

وقال إن التفاوت الحالي في توجهات السياسات النقدية يقود إلى سلكها مسارات متباينة، بما يجعلها محركاً رئيساً لأسواق أسعار الصرف في العالم، مشيراً إلى أن أسواق أسعار الصرف في العالم شهدت منذ العام 2002 حتى العام 2014 تدفقات منتظمة لعملة الدولار، مدفوعة باتباع مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي سياسات التيسير النقدي، حيث اتجه قدر من هذه التدفقات إلى الأسواق الصاعدة، ما أستوجب على صناع السياسة النقدية بذل جهوداً ضخمة للحفاظ على ربط هذه العملات بالدولار.

والحفاظ على أسعار صرف تنافسية لعملاتهم، من خلال قيام المصارف المركزية في هذه الأسواق بالشراء المكثف لعملة الدولار، الأمر لذي انعكس على زيادة الاحتياطات النقدية للدول النامية والصاعدة من 800 مليار دولار في عام 2002 إلى 8 تريليونات دولار، بنهاية العام 2014، مشيراً إلى أن عملة الدولار مثلت نحو 25 % من الاحتياطات النقدية لهذه الدول، وتوزعت النسبة المتبقية على العملات الأخرى، في مقدمتها اليورو والدولار الكندي والجنية الاسترليني.

أزمات اليورو

وأوضح أن تصاعد أزمات منطقة اليورو، قلل من جاذبية العملة الأوربية الموحدة (اليورو)، حيث اتجه مديرو الاحتياطات النقدية نحو شراء عملة الدولار، توقعاً من جانبهم أن أسعار الفائدة الأميركية ستتجه نحو الصعود، الأمر الذي أدى إلى تعزيز جاذبية الدولار الأميركي، مدعوماً بتحقيق الاقتصاد الأميركي معدلات أداء جيدة.

كما راكم البنك المركزي الصيني قدراً كبيراً من الاحتياطات المقومة بعملة الدولار، حيث ارتفع الاحتياط النقدي لدى البنك المركزي الصيني من220 بليون دولار في نهاية العام 2012 إلى 4 تريليونات دولار بنهاية العام الماضي، مشيراً إلى أن مكانة العملة الصينية كونها عملة قد تعززت نتيجة اتجاه الحكومة الصينية نحو تحرير أسعار صرف «الرنمينبي».

وقال، إنه من المتعين على مديري الاحتياطات النقدية أن يعملوا على زيادة تنويع هذه الاحتياطات من خلال اقتناء سلة متنوع من العملات بما في ذلك اليورو والدولار والجنيه الاسترليني، وغير ذلك من العملات الرئيسة في العالم، حيث إنه من المتوقع أن تبقى السياسة النقدية الأوروبية ذات طابع تكيفي لفترة طويلة من الوقت.

كما أنه من المتوقع أت تصعد أسعار الفائدة الأميركية بوتيرة متباطئة ومنتظمة، وهو الأمر الذي يعزز قوة الدولار خلال الإثني عشر شهراً المقبلة، وبالتالي، فإن المزيد من التنويع في الاحتياطات النقدية سوف يشكل سياسة نقدية حصية في مواجهة الاضطرابات، التي تسود أسواق صرف العملات في العالم، مقدراً أن التوجه نحو المزيد من تنويع سلة الاحتياطات النقدية يشكل الخيار المنطقي والحصيف للقائمين على الإدارة الاحتياطات النقدية وليس فقط بالنسبة لمصرف الإمارات المركزي.

أسعار الذهب

وأعرب عن اعتقاده أنه قد يكون من غير الملائم زيادة مكون الذهب ضمن مكونات الاحتياط النقدي، مشيراً إلى أن الذهب لا يعد بمثابة ملاذ آمن، كما يتصور الكثيرون، فهو لم يكن كذلك خلال فترة تصاعد الأزمة المالية العالمية في العام 2009، وأن أسعاره تعكس سياسات أسعار لفائدة الموضوعة من قبل المصارف المركزية حول العالم.

وبالتالي، هناك في الوقت الحالي قوتان تتناقضان وتتحكمان في أسعار المعدن الأصفر، الأولى تتعلق بالتوقعات الخاصة بارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، وهو ما يؤثر بالسلب على أسعار الذهب، والثانية تتعلق بخفض أسعار الفائدة الأوروبية.

وهو ما يؤثر بالإيجاب على أسعار الذهب، وبالتالي فإنه من غير المتوقع أن تتجه المصارف المركزية نحو زيادة مقتنياتها من الذهب بشكل كبير، مشيراً إلى أن انخفاض أسعار الفائدة قد لا يحفز مديري الاحتياطات النقدية على تكريم هذه الاحتياطات، بل يمنحهم الوقت الكافي لتنويع مكونات احتياطاتهم النقدية القائمة بالفعل.

وفي معرض إجابته عن سؤال بما إذا كان من الأفضل للدرهم الإماراتي أن يكون عملة قوية أم ضعيفة، قال إنه يفضل بشكل عام أن يكون صرف أي عملة معبراً عن قيمتها الحقيقية.

أسعار النفط

قال سايمون ديريك: إن أسعار النفط تمثل قوة مؤثرة على السياسات النقدية حول العالم، فمع تراجع أسعار النفط إلى مستويات تقل عن 50 دولاراً للبرميل الواحد، أضحى النفط يمثل أحد التطورات البارزة في مشهد أسعار صرف العملات في العالم، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تستقر أسعار النفط عند مستوى يتراوح بين 60 و70 دولاراً للبرميل، خلال الأمد المنظور.

وتوقع أن يتراجع سعر صرف اليورو ، مع ضخ البنك المركزي الأوربي سيولة ضخمة من عملة ا من خلال تخطيطه لشراء سندات بقيمة تبلغ 60 مليار يورو شهرياً حتي شهر سبتمبر من العام 2016،وانخفاض أسعار الفائدة على الودائع إلى معدلات سالبة.

وذلك بغرض رفع معدلات التضخم لإنعاش اقتصاديات منطقة اليورو، كما ووقع أن ينخفض مكون الأصول المقومة بعملة اليورو ضمن مكونات الاحتياطيات النقدية، وأن يتجه مديري الاحتياطيات النقدية نحو اقتناء الأصول المقومة بالعملة الصينية، إلى جانب العملات الرئيسية للأسواق الرئيسية،

وأضاف: إن العالم يعيش في الواقع حرب عملات منذ العام 2002، وهي ليست الحرب الوحيدة التي شهدتها اسواق العملات في العالم، فالسياسة النقدية الأميركية اتجهت إلى خفض أسعار الفائدة بشكل متواصل ومنتظم.

Email