على خلفية توقعات بإدراج »تداول« في مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة

أسعار الأسهم السعودية مهددة بتجاوز قيمها العادلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

توقع تقرير لشركة جدوى للاستثمار، بعنوان «فتح سوق الأسهم السعودي أمام المستثمرين الأجانب»، أن يؤدي إدراج البورصة السعودية «تداول» في مؤشر مورغان استانلي للأسواق الناشئة، إلى زيادة مخاطر تقييم الأسهم بأعلى من سعرها العادل في المديين القصير والمتوسط.

مشيراً إلى أنه في ظل السيطرة الكبيرة للمستثمرين الأفراد، ورغبتهم الأعلى للمخاطر، فهناك احتمال قوي أن تتجاوز أسعار الأسهم السعودية مستوياتها العادلة.

وقال إن فتح السوق السعودي أمام المستثمرين، يعتبر أمراً إيجابياً بصفة عامة، ولكننا نعتقد أن الطريق الأفضل للسير قدماً، هو تبني أسلوب يتم اختياره بحذر وبعد تمحيص، كالنموذج الصيني.

حيث كانت اللجنة الصينية للإشراف على الأوراق المالية شديدة الانتقائية في خيارها بالسماح فقط للمستثمرين المؤسساتيين الكبار ذوي الخبرة. وأضاف: يتوقع أن يتم إدراج البورصة السعودية في مؤشر مورغان استانلي للأسواق الناشئة بحلول عام 2017، وربما يتكرر نمط الوقائع التي حدثت عند انضمام سوقي الإمارات وقطر.

وقال التقرير: ارتفعت قيم أسواق الأسهم القطرية والإماراتية قبل إدراج مؤشراتهما في مؤشر مورجان استانلي للأسواق الناشئة في مطلع يونيو 2014، ثم هبطت مباشرة بعد ذلك.

وارتفع مؤشر قطر القياسي إلى أعلى مستوى له خلال خمسة أعوام تقريباً في مطلع يونيو 2014، ثم هبط بعد ذلك، بينما هبطت الأسهم في المؤشر العام لسوق دبي المالية بنسبة 22 % في نهاية يونيو 2014.

وأوضح التقرير قائلاً: حالياً، هناك إشارات تدل على أن مؤشر سوق الأسهم السعودي «تاسي»، يتجه للارتفاع بأكثر مما ينبغي، حيث زاد بأكثر من 10 % منذ الإعلان في 21 يوليو عن عزم الجهات المختصة فتح السوق.

علاوة على ذلك، فإن مكرر الربحية الحالي يتجاوز متوسط الربحية لفترة ماضية طويلة، حيث بلغ هذا المكرر في مطلع أغسطس 20,4 مرة، رغم أنه لا يزال دون مستوياته القياسية السابقة التي سجلها في منتصف عام 2006، عندما بلغ 27,4 مرة.

الإنفاق الحكومي

وتابع: من المهم جداً الإشارة إلى أن الزيادة الكبيرة في مستوى التفاؤل التي ساهمت في الارتفاع الحالي لمؤشر «تاسي» ليست ناتجة بالكلية من أعمال المضاربة أو بسبب إيجابية مؤشرات الثقة، بل هي تعود كذلك إلى ازدهار الاقتصاد السعودي المدعوم بمعطيات اقتصادية قوية.

فالإنفاق الحكومي مقروناً باستقرار الأسعار العالمية للنفط، سيعملان على الإبقاء على مستويات الثقة مرتفعة، سواء لدى الشركات أو المستثمرين.

القطاعات التي ترتبط بدرجة كبيرة بالاقتصاد المحلي، مثل التشييد والنقل وتجارة التجزئة والصناعة، ستواصل أداءها القوي، وكذلك هو الحال بالنسبة لأكبر قطاعين في السوق البنوك والبتروكيماويات.

فقطاع البنوك حقق نجاحات قوية بسبب الزيادات الهائلة في القروض الشخصية، كما أن التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، ستعزز مستويات الربحية لهذا القطاع في المستقبل. أما قطاع البتروكيماويات، فسيظل يستفيد من انخفاض أسعار اللقيم، ما يعني أن القطاع في وضع جيد للاستفادة من الازدهار المتوقع للطلب، نتيجة لنمو الاقتصاد العالمي.

المشاركة الأجنبية

وقالت جدوى في تقريرها: كان فتح سوق الأسهم السعودي متوقعاً بشدة منذ فترة من قِبل المستثمرين الأجانب، وهم محقون في ذلك.

ويضم السوق عدداً من الشركات الاستثنائية، على رأسها عملاق البتروكيماويات «سابك». وحالياً، تبلغ حصة الأجانب في سوق الأسهم السعودي نحو 8 مليارات دولار، أو ما يعادل 1,4 % من القيمة السوقية للبورصة التي تصل قيمتها الإجمالية 580 مليار دولار.

وبما أن «تداول» يعتبر واحداً من آخر أسواق الأسهم العالمية الرئيسة التي يتم فتحها أمام المستثمرين الأجانب، فنتوقع أن تكون التدفقات الأجنبية كبيرة مباشرة، بعد فتحه للمستثمرين الأجانب المؤهلين في النصف الأول من عام 2015، وذلك للأسباب التالية.

اتفاقيات المبادلة

وأحد المؤشرات الرئيسة التي تدل على اهتمام الأجانب بفتح السوق الارتفاع الكبير في قيمة الأسهم التي اشتراها المستثمرون الأجانب، عن طريق اتفاقيات المبادلة، بعد إعلان هيئة سوق المال في يوليو 2014، حيث بلغت مشتريات اتفاقيات المبادلة مستويات قياسية في يوليو.

ويشير الارتفاع الكبير في المشتريات من خلال اتفاقيات المبادلة، أن المستثمرين الأجانب قد اتخذوا مواقعهم قبل حدوث عمليات التملك المباشر، وذلك لإدراكهم أن الأسعار ربما تصبح أقل جاذبية بمجرد فتح السوق.

انخفاض تكلفة التداول

ورجح التقرير أن يحقق المستثمرون المؤسساتيون الأجانب رسوم تداول أقل، بمجرد أن يصبحوا قادرين على شراء الأسهم السعودية بطريقة مباشرة. اتفاقيات المبادلة تكلف رسوم أعلى بالنسبة للمستثمرين الأجانب عند مقارنتها بالتداولات المباشرة، حيث يشتري الوسطاء المحليون الأسهم نيابة عن المستثمر الأجنبي، ويتقاضون منه رسوماً عن أعمال الحفظ والوساطة.

تملك البنوك العالمية رخصاً، بحيث تعرض رسوم مبادلة بنحو 25 نقطة أساس (0,25). عند فتح السوق، سيستفيد المستثمرون الأجانب من التكلفة المنخفضة للتعاملات، من خلال التداول المباشر للأسهم، وسيؤدي ذلك إلى هبوط رسوم التداول إلى 12 نقطة أساس (0,12 %).

إضافة إلى ذلك، سيستفيد الأجانب الذين يستثمرون في سوق الأسهم السعودي من عدم وجود ضرائب على الأرباح الرأسمالية، وكذلك من انخفاض الضريبة على عائدات توزيعات الأرباح التي لا تتعدى 5 %، والتي تعتبر من بين الأدنى على مستوى العالم.

بعد المدى القصير نتوقع أن يصل إجمالي التدفقات الأجنبية إلى 40-50 مليار دولار، ولكن ذلك سيحدث في حالة شعر المستثمرون النشطون، أن هناك قيمة سيحصلون عليها من الأسهم السعودية.

المستثمرون الأفراد

ويسيطر المستثمرون الأفراد المحليون على نشاط التداول في سوق الأسهم السعودي، حيث بلغ عددهم في نهاية 2013، وفقاً لبيانات هيئة السوق المالية، نحو 4,3 ملايين مستثمر، ويملكون نحو ثلث إجمالي قيمة الأسهم المدرجة في السوق. حالياً، يسيطر المستثمرون الأفراد في السعودية على نسبة من حجم التداول مرتفعة، مقارنة بالأسواق الناشئة الكبيرة الأخرى.

ففي الصين، يملك المستثمرون الأفراد 60 % من حجم التداول، مقارنة بنسبة 90 % في عام 2003، قبيل فتح السوق أمام الأجانب، بينما تشكل أحجام تداولات الأفراد في الهند نحو 34 %، أما في الولايات المتحدة، فإن أحجام تداولاتهم منخفضة جداً، حيث تشكل فقط 2 % من إجمالي التداولات.

ويميل المستثمرون الأفراد، بصفة عامة، للإقدام على المخاطر بدرجة أكبر، كما أن آفاقهم الاستثمارية أقصر، مقارنة بنظرائهم من المستثمرين المؤسساتيين.

ونلاحظ في السوق السعودية، أن المستثمرين الأفراد يميلون إلى جني الأرباح على المدى القصير، وذلك بالتركيز على القطاعات الصغيرة في السوق، التي تعتبر أسعارها أكثر قابلية للتغير، وبهذه الطريقة يتسببون في زيادة مستوى التذبذب في تلك الأسهم. على سبيل المثال، تعرضت أصغر ثلاث قطاعات في مؤشر «تاسي»، قياساً بصافي الدخل، لمستوى تذبذب مرتفع، مقارنة بالقطاعات الكبيرة.

وأتاح مشروع القواعد التي أعدتها هيئة السوق المالية، والخاصة بفتح السوق فرصة التداول فقط للمستثمرين المؤسساتيين وليس المستثمرين الأفراد.

وفي الحقيقة، يلعب المستثمرون المؤسساتيون دوراً هاماً في تطوير أسواق المال، حيث يمثلون قناة لضخ مدخرات الأفراد في أسواق رأس المال، من خلال رؤى استثمارية طويلة الأمد. لذلك، نعتقد أن فتح سوق الأسهم السعودي هو خطوة أولى لإيجاد سوق أسهم أكثر تطوراً بصورة تدريجية، يصبح فيه المستثمرون المؤسساتيون هم المسيطرون على نظرائهم الأفراد.

مؤهلات وشروط وقيود

وفقاً لمشروع القواعد المنظمة لاستثمارات الأجانب في سوق الأسهم السعودية، الذي نشرته هيئة السوق المالية، يشترط على أي مستثمر أجنبي مؤهل يرغب في الاستثمار في السوق، أن تكون تحت إدارته أصول لا تقل قيمتها عن 5 مليارات دولار (يمكن خفضها إلى 3 مليارات)، وأن تكون له خبرة في نشاطات الأوراق المالية والاستثمار فيها لا تقل مدتها عن 5 سنوات.

وهناك قيود أخرى تشمل الآتي:

• لا يحق للمستثمر الأجنبي المؤهل (والشركات التابعة له)، أن يحوز على نسبة تزيد على 5 % من الأسهم المصدرة لأي شركة واحدة مدرجة.

• الحد الأقصى لإجمالي ملكية المستثمرين الأجانب (بما في ذلك المقيمين وغير المقيمين واتفاقيات المبادلة والمستثمرين المؤهلين) في الأسهم المصدرة لأي شركة واحدة مدرجة هو 49 %.

• لا يحق للمستثمرين الأجانب المؤهلين مجتمعين امتلاك أكثر من 20 % من الأسهم المصدرة لأي شركة مدرجة واحدة.

• الحد الأقصى لملكية الأجانب من خلال اتفاقيات المبادلة وبرنامج المستثمرين الأجانب المؤهلين هو 10 % من القيمة الكلية لسوق الأسهم.

دخول الأجانب خطوة تجاه زيادة الكفاءة والشفافية

 

توقع تقرير جدوى للاستثمار، أن يسهم فتح سوق الأسهم للأجانب، في حدوث تحسن في الكفاءة الكلية التي تدار بها الشركات، خاصة من خلال زيادة فعالية استخدام الأصول. ظل العائد على رأس المال للشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي، منذ الأزمة المالية العالمية، يتجه إلى الأسفل.

كذلك تراجعت الهوامش الربحية، رغم أنها بقيت أعلى من مستوياتها في الولايات المتحدة وأوروبا، بينما كان العائد على رأس المال متوسطاً نسبياً. استفادت الهوامش الربحية في المملكة من انعدام المنافسة في قطاعات بعينها، والتي استفاد بعضها أيضاً من الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر.

قرارات استراتيجية

وقال التقرير: في هذا السياق، فإن انخفاض العائد على رأس المال وارتفاع الهوامش الربحية، يشير إلى عدم استخدام الأصول بصورة فعالة لزيادة المبيعات إلى الحد الأقصى.

وعلى المدى البعيد، عندما يحصل المستثمرون الأجانب على حصص في الشركات السعودية، ويستطيعون مساءلة الإدارة عن القرارات الاستراتيجية، فإن ذلك يؤدي بالتالي إلى تحسين مستويات الكفاءة، التي تشمل تحسين استخدام الأصول في زيادة المبيعات، وفي النهاية، زيادة العائد على رأس المال.

لذا، عندما تقوم الحكومة السعودية بخفض مستوى الدعم لبعض القطاعات بدرجة كبيرة، فإن هذه الشركات ستعمل جاهدة على تحقيق وضع مناسب يتيح لها المحافظة على الأرباح، لأن تحقيق مستوى مرتفع من العائد على رأس المال سيمكنها من جذب المزيد من المستثمرين.

وأضاف: سيكون فتح سوق الأسهم أيضاً مصحوباً بزيادة في الشفافية من قِبل الجهات الإدارية، من خلال توفير المعلومات الاقتصادية الموثوقة على المستوى الكلي. فعلى سبيل المثال، الدول التي توجد بها بعض أكثر أسواق الأسهم تطوراً في العالم اليوم، هي أيضاً التي توجد فيها هيئات مسؤولة عن نشر البيانات الإحصائية في فترات زمنية محددة مسبقاً تحددها جهات رسمية.

على وجه الخصوص، فإن توفر بيانات على المستوى الكلي تكون متاحة في الوقت المناسب، وبطريقة منتظمة، مثل الإحصاءات الاقتصادية والسكانية، سيسهم في جمع المعلومات الخاصة ونشرها، وكل ذلك سيصب في النهاية لمصلحة إيجاد أسواق أسهم ذات سمعة جيدة تعمل بكفاءة عالية.

Email