الحكمة من خلق الأسنان اللبنية عند الأطفال

الحكمة من خلق الأسنان اللبنية عند الأطفال

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحدثنا في المرة السابقة عن وظائف الأسنان الحيوية وأهميتها البالغة في حياة الإنسان وقلنا إن للأسنان ثلاث وظائف حيوية هي مضغ وتقطيع الطعام وثانيا الكلام وثالثا إضفاء الناحية الجمالية على شكل الإنسان.

والآن نتحدث عن الحكمة التي من أجلها تم خلق الأسنان على مرحلتين: المرحلة الأولى وهي الأسنان اللبنية والمرحلة الثانية الأسنان الدائمة.

من المعروف أن أي مولود يولد يكون فمه خاليا من الأسنان وبعد ستة أشهر تقريبا تبدأ الأسنان اللبنية الأمامية السفلية بالظهور وتستمر عملية بزوغ هذه الأسنان حتى نهاية عمر السنتين حيث يكون قد اكتمل عددها عشرين سنا عشر في كل فك أو خمس في كل جانب تسمى على الشكل التالي ثنية في الوسط ثم الرباعية ثم الناب وبعدها الرحى الأولى وأخيرا الرحى الثانية.

الحكمة الأولى من خلق الأسنان اللبنية أولا عند الإنسان هي مواءمة وموافقة شكل الأسنان اللبنية لشكل وحجم عظم الفكين، حيث إن حجم وشكل عظم الفكين عند الطفل يكون صغيرا جدا لا يستطيع أن يستقبل الأسنان الدائمة ذات الشكل الكبير، ومن هنا تتجلى حكمة الله تعالى في خلق الأسنان اللبنية أولا لتكون مناسبة ومنسجمة مع عظم الفكين.

الحكمة الثانية بما أن للأسنان اللبنية شكلا صغيرا فإنها تعطي للطفل جمالا أخاذا وتضفي على وجهه إشراقة رائعة وتمنحه ابتسامة مضيئة حلوة تدل على طفولته وعلى براءته، وتظهر في ثغره الباسم وكأنها اللآلئ المنيرة تشع نورا وضياء مما تجعل كل من ينظر إليها وهي مرصوفة في شكلها البديع وكأنها عقد الجمان؛ يسبح الخالق جل وعلا لهذا الخلق البديع والصنع القويم وتدخل إلى قلبه الحب والحنان لهذا الطفل لما يحتويه ثغره الباسم من جواهر ودرر مكنونة.

الحكمة الثالثة أنها تحمي الأسنان الدائمة من خطر التسوس والتلف السريع فتكون هي بمثابة الخط الدفاعي الأول تتحمل ضربات وهجمات الجراثيم الكثيرة التي تكون عادة متواجدة في أفواه الأطفال أكثر من أفواه الكبار بسبب كثرة الحلويات والسكريات التي يتناولونها ثم ثانيا بسبب قلة العناية بتنظيف الأسنان وثالثا بسبب ضعف قوة المقلوعة الدفاعية لديهم التي هي عادة أقل من الكبار.

ويمكن أن ندرك ونفهم هذه الحكمة البالغة الأهمية أكثر وأكثر فيما لو تخيلنا أن الأسنان الدائمة بزغت في أفواه الأطفال منذ البداية ولم يكن لها بديل فكيف ستكون حالة أفواه الناس جميعا إذا ما بلغوا سن الرشد ؟!!! بالتأكيد لن يكون في أفواههم إلا أسنان قليلة حيث سيقضي على معظمها منذ السنوات الأولى لعمر الطفل. والذي يؤكد هذه الحقيقة أننا نشاهد أن الأرحاء الأولى الدائمة والتي تبزغ في السنة السادسة من عمر الطفل تكون أول الأسنان خرابا وبالتالي قلعا، فعدد غير قليل من الشباب في عمر الخامسة عشرة تقريبا يكون أحيانا قد قلعوا الأربعة أرحاء الأولى.

الحكمة الرابعة أنها هي المرشدة والموجهة لطريق بزوغ الأسنان الدائمة في مكانها الصحيح. وهذا ما يستدعي من أولياء الأطفال أن يفهموا أنه يجب عليهم المحافظة على أسنان أطفالهم حتى آخر لحظة من عمرها حينما تكون قد امتصت جذورها كاملا وبدأ رأس السن الدائم يشق طريقه عبر اللثة ويحل في نفس مكان السن اللبني. أما إذا تم خلع السن اللبني مبكرا قبل موعد سقوطه الطبيعي فان هذا سيؤدي إلى مشاكل كثيرة في بزوغ الأسنان الدائمة.

حيث أن الأسنان المجاورة لمكان فقد السن اللبني تميل باتجاه بعضها وتغلق المكان الذي سيبزغ فيه السن الدائم مما يؤدي إلى عدم بزوغه نهائيا أو بزوغه منحرفا إلى الداخل أو إلى الخارج أو إلى اليمين أو اليسار مما يستدعي فيما بعد لتصحيح هذا الوضع إلى تركيب أجهزة التقويم والتي تكون عادة مكلفة وتستغرق وقتا طويلا يستمر سنوات عديدة ويتطلب زيارات دورية كل شهر مرة إلى طبيب الأسنان.

ولهذا يتطلب من أولياء الأطفال إذا ما لزم الأمر خلع أحد الأسنان اللبنية أن يطلبوا من طبيب الأسنان وضع جهاز صغير مكان السن المخلوع يدعى حافظة المسافة كي يمنع الأسنان المجاورة من الميلان باتجاه بعضها وإغلاق مكان السن المخلوع. وهكذا يكون هذا الجهاز قد حافظ على نفس المسافة التي كان يحتلها السن اللبني قبل خلعه، إضافة إلى أنه ذو تكلفة بسيطة جدا ولا يستدعي زيارات متكررة لطبيب الأسنان.

Email