الرأسمالية تفتح الطريق أمام توحيد شطري كوريا

الرأسمالية تفتح الطريق أمام توحيد شطري كوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقام مجمع صانعي شمالي الشريط منزوع السلاح بين كوريا الشمالية والجنوبية، يستوعب 7000 عامل من الشمال، وتزيد مساحته على مساحة مانهاتن الأميركية، في أكبر تجربة رأسمالية تشهدها شبه الجزيرة الكورية.

ويوجد بالمجمع حالياً 15 مصنعاً وعندما يكتمل سيكون محلاً لألفي شركة

في عام 2012. ويأمل المراقبون والمحللون في أن يؤدي هذا المجمع الصناعي الذي تقيمه كوريا الجنوبية إلى إعادة توحيد الكوريتين ـــ لينجح فيما فشلت فيه السياسة.

ويقول الكوريون الجنوبيون إن هذه التجربة الاقتصادية الرأسمالية قد تدفع الجانب الشمالي إلى إجراء إصلاحات اقتصادية والانفتاح على العالم بالطريقة التي حدثت في شنتشن الصينية، منذ عقدين من الزمان، ويفتح الطريق أمام إعادة توحيد شطري كوريا.

والمجمع الصناعي الذي يسمى كايسونغ هو أكبر مشروع تقوم به كوريا الجنوبية، فيما يطلق عليه الناس هناك خطوات صغيرة لإعادة توحيد البلاد. ولا ترمي كوريا الجنوبية إلى توحيد مصغر يستمر لعدة عقود، بل تقوم استراتيجيتها على رأب الصدع بين شطري البلاد من خلال مشروعات مختلفة، من التصنيع في كايسونغ إلى رموز اللغة.

وقال كوفيونغ بين الذي يشرف على المشروع التابع لوزارة إعادة التوحيد في سيؤول إن إعادة توحيد واقعي يجري بالفعل، لكنه لن يحدث فوراً كما حدث في ألمانيا.

واتفقت كوريا الجنوبية والشمالية على إنشاء مجمع كايسونغ في يونيو 2002 عند لقاء رئيس الشطرين في بيونغ يانغ. ومنذ هذا اللقاء أصبحت التبادلات منتظمة لدرجة أن السلطات الرياضية في الجانبين تفكر في تشكيل فريق رياضي موحّد لدورة الألعاب الأولمبية الصينية في بكين 2008.

وقد زار حتى الآن 80 ألف كوري جنوبي الشطر الشمالي من خلال التبادلات الثقافية والأكاديمية والتجارية والسياسية التي تجري أسبوعياً. ولا يشمل ذلك الزائرين من كوريا الجنوبية إلى جيل كومجانغ وهو منتجع في كوريا الشمالية فتحته أمام الأجانب منذ 8 سنوات وزاره 1.25 مليون كوري جنوبي حتى الآن.

وقامت الحكومات الإقليمية والمحلية في كوريا الجنوبية بمشروعات مشتركة مع نظيرتها في كوريا الشمالية. وترسل حالياً أكثر من 60 منظمة خاصة زائرين من الجنوب إلى الشمال للمساهمة في تعلّم الشماليين استخدام آلات زراعية معينة أو تربية بعض المواشي بطرق أفضل، كما يقول كانغ يونغ شيك مدير حركة المشاركة في كوريا الجنوبية، وهي مجموعة خاصة نفذت مشاريع لتوحيد حروف اللغة بين الشطرين. وقال شيك إنهم يحتاجون إلى مساعدتنا رغم أنهم يشعرون أيضاً بالحاجة إلى منافستنا.

وقال تشو يونغ نام المدير العام بوزارة إعادة التوحيد إن كوريا الجنوبية أقامت مشاريع في 27 من 206 مدن ومقاطعات في الشمال والهدف منها جميعاً هو رفع مستوى المعيشة في كوريا الموحدة.

والشركات التي تعمل في مجمع كايسونغ الصناعي الذي تديره شركة هيونداي آسيان، حصلت من السلطات الجنوبية على إعفاءات ضريبية وأنواع أخرى من الدعم من حكومة كوريا الجنوبية.

وقال الكوريون الجنوبيون إن عمال البناء مثلاً في كوريا الشمالية الذين تعاونوا معهم، تصل كفاءتهم إلى ثلث كفاءة الجنوبيين، ويحتاجون إلى تدريب مكثّف نظراً لنقص خبرتهم في التعامل مع الآلات.

وساهم النشاط في المنطقة الوسطى المنزوعة السلاح بين الكوريتين في رفع التبادلات التجارية بين الطرفين لأكثر من مليار دولار لأول مرة في العام الماضي، رغم أن قليلاً من الشركات هناك تحقق أرباحاً.

وشكلت منطقة كايسونغ الصناعية عقبة في سبيل المفاوضات بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بشأن اتفاقية التجارة الحرة. وترغب كوريا الجنوبية في إدراج المنتجات التي تأتي من كايسونغ في الاتفاقية، لأن غالبية المواد التي تدخل فيها تأتي من الجانب الجنوبي، لكن حكومة بوش انتقدت المجمع الصناعي بعد صمت طويل عنه، واتهمت كوريا الجنوبية بأنها تسهّل الأمر على كوريا الشمالية، التي تريد أميركا أن تمارس عليها ضغوطاً مالية.

وقال مسؤول أميركي إن مشروع كايسونغ يقوي شوكة رئيس الجانب الشمالي، وأنه سيؤدي إلى تدفق مئات الملايين من الدولارات على خزائن كوريا الشمالية. وشكك المسؤول الأميركي في أن يكون عمال كوريا الشمالية في المجمع يحصلون على رواتبهم، لكن المدير العام في وزارة إعادة التوحيد رفع هذه الاتهامات وقال إن عمال كوريا الشمالية وقعوا على استلام أجورهم، التي تصل إلى 75 دولاراً شهرياً، أي ثلاثة أضعاف متوسط الأجور في كوريا الشمالية.

وقال مسؤول كوري رفض ذكر اسمه إن الأميركيين ينتقدون الجميع، بما فيها الصين بسبب دعاواتهم عن انتهاك حقوق الإنسان، ويريدون فرض معاييرهم على العالم.

ترجمة: أشرف رفيق

Email