في عيد ميلادها الثمانين أصرّت على وضع 80 شمعة في «التورتة»

هدى سلطان «أم الفنانين» ودَّعت ابنتها «مها» قبل أن يودعها الوسط الفني

ت + ت - الحجم الطبيعي

شيعت جنازة الفنانة الراحلة هدى سلطان وسط لفيف كبير من كبار رجال الدولة ومن الفنانين، واتشحت الفنانات بالملابس السوداء على فقدانهن لواحدة من أحسن الفنانات عملاً وخلقاً.

رحلت الفنانة الكبيرة «هدى سلطان» عن دنيانا وتركت وراءها كنزا هائلا من الأفلام والمسلسلات والأغاني التي ستظل تنهل منها الأجيال جيلا وراء جيل، رحلت بعد وفاة ابنتها «مها» بأسبوعين وكأنها كانت في انتظار أن تودعها قبل الرحيل.

ظهرت «هدى سلطان» وسط عمالقة الغناء، وبلغت القمة كصوت شعبي أصيل، ودخلت السينما لكي تصبح نجمة ولم يكن صعبا عليها كفنانة موهوبة أن تتحول من ادوار الإغراء التي اشتهرت بها إلى أم لكل الأبناء على شاشة التلفزيون، كأنها «وتد» المنزل الذي يجمع الكل حوله برباط قوي لا ينفصل، وقد تخلت في دور الأم عن الأسلوب النمطي للأمهات، وأبدعت مع يحيي الفخراني في «الليل وآخره» ومع «محمود ياسين» في «عابد المنشاوي».

أول أفلام هدى سلطان كان «ست الحسن» الذي حمل توقيع المخرج «نيازي مصطفى»، ولفت إليها الأنظار بشدة وحقق لها نجاحها علي الساحة الفنية فيلم «حكم القوي»، لمخرج الروائع حسن الإمام، ثم كانت النقلة المهمة في حياتها مع رفيق دربها لسنوات عدة فريد شوقي في فيلم «الأسطى حسن» ثم توالت أعمالها في أفلام «بيت الطاعة» و«حميدو» و«سواق نصف الليل» و«رصيف نمرة 5» وفيلم «أبو الدهب» و«النمرود» و«الفتوة» و«بورسعيد» و«سوق السلاح».

كما قدمت أعظم أعمالها المسرحية في أوبريت «وداد الغازية» الذي أثبتت فيه أنها فنانة شاملة غناء وتمثيلا واستعراضا. عاشت الراحلة سنوات عمرها في حالة توهج وعطاء، فكانت حياتها عبارة عن عدة مراحل، الشباب والوسط ثم سنوات العمر الجميل وهي تتألق في دور الأم.

فكانت نموذجاً للأم المصرية الحنون سواء كانت هذه الأمومة في السينما أو التلفزيون، وكان أعظم أعمالها المؤثرة أداءها لدور الأم في مسلسل «الوتد»، والتي كانت فيه ربة الأسرة، والحاكمة لها، وناسجة لخريطة حياة الابناء، وكانت نموذجا حقيقيا للأم المصرية التي حملت عبء الأسرة المصرية على مدي التاريخ. تزوجت هدى سلطان خمس مرات ووصفت كل زيجاتها بالفشل.

وكانت تود أن تستمر مع رجل واحد طوال حياتها هو الفنان الراحل فريد شوقي الذي استمرت معه لحوالي 15عاما، وأنجبت منه «ناهد» و«مها فريد شوقي»، والتي رحلت قبل أسابيع من موتها، وهدى نفسها هي التي كشفت في عدة أحاديث لها كيف أن فريد شوقي بكى عند طلاقها بدمع العين.

وبعده تزوجت المخرج المسرحي «حسن عبد السلام»، وقبله المخرج الاستعراضي «فؤاد الجزايري» الذي كانت قد قدمت معه «وداد الغازية» وقبله فؤاد الأطرش شقيق الراحل فريد الأطرش، ويذكر أن الزيجة الأولى في عمرها كانت وهي في سن 16 عاما، والذي أثمر عن ابنتها «نبيلة» وكانت قبل أن تظهر على الساحة الفنية.

وبعيداً عن حياتها الأسرية ظلت الراحلة وحتى آخر أيامها متألقة متوازنة حتى أنها في عيد ميلادها الأخير صممت أن تضع 80 شمعة علي تورتة عيد الميلاد بلا خجل ولا هروب من سنها الحقيقي، فلم تحاول أن تتاجر بفنها أو تتطاول على الفنانات زميلاتها.

كما كانت رحلتها حافلة بعشرات الجوائز والتكريمات عن أعمالها السينمائية والتلفزيونية حتى والغنائية، أما هي نفسها فكانت تعتز كثيراً رغم كثرة أعمالها بأدوارها في «أرابيسك »، «وليالي الحلمية» و«رد قلبي» و«الليل وآخره»، وكلها أعمال تلفزيونية شدت الانتباه قبل وأثناء وبعد عرضها على شاشات التلفزيون والفضائيات العربية.

يذكر أن الراحلة هي شقيقة المطرب الكبير الراحل «محمد فوزي» وهي من محافظة طنطا، وتوفت وعمرها واحد وثمانون عاما إلا شهرين.

القاهرة ـ «البيان»:

Email