المنفى

ت + ت - الحجم الطبيعي

زادت المنافي وتكاثر عدد المنفيين.. بعضهم نفي ذاتي والآخر قسري يخرج عن الطبيعي، مع انتشار الحروب الداخلية وظهور حركات التطرف الديني والطائفي والعرقي زادت عدد المنافي، وشكل المنفيون أزمة عالمية تكاتفت لأجلها قوى الخير الدولية ولم تستطع أن تحجم عدد المنفيين والمشردين واضطرت لإعداد معسكرات لإيوائهم وحمايتهم.

أوروبا بكل دولها استقبلت الملايين من هؤلاء المضطهدين الذين اضطروا لهجرة بيوتهم وأوطانهم.

البحر ابتلع آلافاً من هؤلاء الهاربين من وحشية الأنظمة المستبدة والحركات الإجرامية المتطرفة إلا أن الإشكالية أن هؤلاء المغامرين الهاربين من ويلات الموت إلى الموت غرقاً، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، لا يزالون حالة مستمرة ولا ضوء في نهاية النفق.

مليارات الدولارات تصرف على هذه المعسكرات والملاجئ وما زالت هذه المخيمات غير قادرة على استيعاب الأعداد ولا هي اكتفت أو تكاملت.

الحالة مستمرة في التأزم، والبشر يتعرضون يومياً للإبادة والهروب من القتل الحتمي إلى الموت الافتراضي، الوسيلة المتاحة أمام هذه الملايين الهرب من الجحيم إلى الجحيم.

انعكست حالة المنافي والمنفيين في أدبنا بشكل واضح. وأنتج الأدباء عشرات بل مئات الكتب سرداً وشعراً ودراسات وانتقل التأثير إلى السينما والموسيقى والفنون الأخرى، إلا أن السينما أكثر الوسائل استيعاباً لقضايا المنفيين والمهجرين وشاهدنا عشرات الأفلام التي نقلت لنا وقائع دقيقة لحياة هؤلاء البشر.

ولعل مبادرة لبنان في تخصيص مهرجان بيروت الدولي في دورته الجديدة لسينما المنافي والمنفيين، صورة صارخة ومبادرة شجاعة ومناسبة في هذا الوقت الصعب الذي تمر به البلدان العربية وحالة المخاض التي تعيشها والمتغيرات التي يتحدثون عنها، عبر خارطة جديدة بعيدة عن تقسيم سايكس بيكو السيئ السمعة، في مكانه الخالد في مكب النفايات.

 

Email