أما قبل

الخوذ البيضاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

للمرة الرابعة تصل مفاوضات الأزمة السورية إلى طريقها المسدود، وبين جنيف1، وجنيف 4 مرت مفاوضات ونقاشات واتفاقات كثيرة تحت الجسر، وطيلة السنوات الست من عمر الحرب يعيش أكثر من خمسة ملايين سوري مهجرين خارج الحدود، وتسعة ملايين سوري بلا سقف أو رغيف. وبين تلك الملايين ملايين أخرى خائفة وصامتة ورمادية «تمشي الحيط الحيط».

لأول مرة، يأتي الصوت صارخاً من الخارج السوري، عبر فوز فيلم (الخوذ البيضاء) كونه أفضل وثائقي قصير في جوائز الأوسكار، أول من أمس، حيث كافأت الأكاديمية الأميركية جهود الدفاع المدني الناشط في مناطق الحرب، لأنه عمل في المنظمة المحفوفة بالمخاطر، سعياً لإنقاذ المدنيين من القصف والتدمير، ولعلها الخطوة الأكبر في مجال الفن، التي تنتصر لعمل الناس تطوعاً لإنقاذ الأرواح.

علينا أن نتذكر أن جائزة نوبل للسلام تفادت بطريقة محرجة منح الجائزة العام الماضي لمنظمة الخوذات البيضاء، رغم أنها كانت في مقدمة المرشحين، وفي حركة تفتقر للذكاء أوصلت نوبل رسالة للعالم أجمع، مفادها عدم حياديتها في صراعات العالم، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط.

اللافت أنه بعد إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للسلام في أكتوبر الماضي، سارعت المنظمة إلى تهنئة الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس، الذي نالها، وقال رئيس المنظمة رائد الصالح، إن أفضل جائزة يحصل عليها متطوعو المنظمة تكون عند «إنقاذ حياة إنسان، وهذا الإنجاز يغنينا عن كل الجوائز الأخرى».

الفن أقوى من السياسية، وأكثر تأثيراً، والسلام أقوى من الحرب، والأمل أبقى، لذلك عندما بدأت «الخوذ البيضاء» العمل في العام 2013 كانت محدودة العدد، لكنها اليوم تضم نحو ثلاثة آلاف مسعف متطوع، ويُعرف متطوعو الدفاع المدني منذ 2014 باسم «الخوذ البيضاء» نسبة إلى الخوذ، التي يضعونها على رؤوسهم.

لم يستطع أحد أعضاء المنظمة حضور حفل توزيع الجوائز، لكن رئيس المنظمة رائد الصالح أرسل كلمة تلاها المخرج أورلاندو فون آينسيدل، خلال الحفل، جاء فيها: «نحن ممتنون لأن الفيلم، ألقى الضوء على عملنا. لقد أنقذنا أكثر من 82 ألف مدني. أدعو جميع الذين يصغون إلى العمل من أجل الحياة، من أجل وقف نزيف الدم في سوريا، ومناطق أخرى في العالم».

يذكر أن مدة العمل 41 دقيقة، وتدور أحداثه في مناطق سيطرة المعارضة السورية، التي تتعرض لقصف دائم من قبل طائرات النظام.

والتصوير قام به عدد من المسعفين أنفسهم.

فيلم استحق الجائزة، لأنه يستحق المشاهدة.

Email