غرفة رقم (12)

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعل هذه الغرفة المرقمة (12) في مستشفى سان توماس في لندن، دخلت تاريخ الشعر العربي من أوسع أبوابه، بعد أن دخلها نزار قباني مصاباً بذبحة قلبية خطيرة، ولكنه كان سعيداً بها (لأنها أرتني قبل أن أموت أبعاد مجدي، كما أرتني بذور الحب التي زرعتها على مدى خمسين عاماً في تراب الوطن، قد ملأت الدنيا باللون الأخضر من المحيط إلى الخليج، لقد علمتني ذبحة القلب، أن كتابة الشعر ليست مجرد نزهة في ضوء القمر أو حفلة ألعاب نارية، ولكنها رحلة باتجاه الهاوية).

هكذا هو نزار الذي لا يستسلم ويتشبث بقصيدته مراهناً على الشفاء واستمرار الحياة بعطاء جديد. فهو يعترف بنزيفه الشعري ويعترف بالضرائب التي يدفعها شاعر مبدع وملتزم من أمثاله، تجاه وطن خرب بل كلما يمر يوماً يزداد خراباً، ولكنه أيضاً يعتز بحب الناس وهو على فراش مرض خطير لا يعتقد أنه سيشفى منه ويعود لصخب الحياة، يقول نزار وهو راقد في غرفة رقم (12): (أعترف لكم أنني نزفت طويلاً على أوراقي ودفعت ضريبة الشعر من جسدي ومن صحتي، إلا أنني بالمقابل أعترف لكم أنني أخذت من حب الناس ما لم يأخذه أي شاعر آخر).

عدت إلى نزار قباني وأنا أرى حال الشعر الذي يتراجع في الوطن العربي، ومحاولات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لدعم الصورة الشعرية بفتح بيوت الشعر في معظم الأقطار العربية، ودعم مهرجاناته، وآخرها مهرجان الشعر العربي في الشارقة «8-13 يناير 2017».

وهذا ما يجعلني أذكر عمالقة الشعر العربي الحديث، ممثلين بواحد منهم وهو نزار قباني الذي حاول أن يؤسس جمهورية شعرية متكاملة ترفع أعلام الحب والعدل والحرية، وتتوج فيها النساء ملكات على مدى الحياة.

Email