دعوات حثيثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلت لصديقي، دعونا ندعو إلى ثقافة المحبة والحب، فجيوش التطرف والظلام والتخلف لا تنهزم فقط بالبندقية، إنما لا بد من زرع ثقافة للحب، حينما ترتفع أشجار المحبة وتثمر.

لا يبقى مكان ليزرع الآخر قذيفته الناسفة، ولا لغيره من المتخلفين أن يغتصب فتاة أو يأسر امرأة.

«يوسف» أحد أصدقائي، وكان يملك صوتاً جميلاً ويحفظ أجمل الأغاني، لم يتأخر في حمل (كلاشينكوفه) ويتطوع لمحاربة قوى الظلام والرجعية، حينما كانت الفصائل تتقدم للخطوط الأمامية، كان يبدأ بالغناء.. ومن دون إرادته كانت دموعه تنزف على خديه، لم تكن صورة أمامه في تلك اللحظة الحرجة بين الحياة والموت، إلا صورة أمه، لذلك كان يحتضن بندقيته لينطلق في الدفاع عن شرف أمه.

«فاروق» يرسم إشارة الصليب وهو يحتضن مدفعه الرشاش، ويتحدث من غير إرادته، فهو يتذكر ابنته الوحيدة، التي لم يجد الفرصة الكافية لاحتضانها قبل ذهابه إلى جبهة الحرب، إلا أنه يحتمي بخندقه أمام العدو في الجبهة الأمامية، وهو يرسم صورة ابنته البريئة التي تصبح صورة الوطن وكل ما هو جميل به.

«فيصل» يقاوم حتى القطرة الأخيرة من دمه دفاعاً عن حدود قريته الصغيرة أمام هجمات قوى الظلام. وتصبح هذه القرية هي كل الوطن الذي يعشق.

تتعدد الصور وتتكرر الحكايات، إلا أن الوطن يظل هو الحلم الذي يدافع عنه جميع الشرفاء من أبناء الوطن، مهما اختلفت أعمارهم أو أديانهم أو لهجاتهم أو أحلامهم، أو حتى حكاياتهم.. الوطن جميل وفيه من نحب من الجميلين، والوطن غال حتى ترابه الذي ربما لا يشكل ذهباً، إلا أنه حينما يمتزج بدماء أبنائنا يصبح أغلى من الذهب.. الوطن لا يباع ولا يشترى.. ولا يعوض.

 

Email