تدمير تدمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنا نخاف أن يدمر تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) آثار تدمر، وقد فعل. وبات الكل يعرف أن التنظيم يفعل ذلك لكي يغطي على جرائم أكبر، مثل تهريب الآثار الصغيرة والثمينة وبيعها في السوق السوداء، ثم يفجر المعابد والأوابد ليوهم العالم أنه ضد ثقافة الأصنام، وكان آخرها معبد (بـعـل شمين) الذي فخخه التنظيم وجعله أثراً بعد عين.

بعل شمين إله بابلي أكادي الأصل، وهو رب الأرباب، مثل: جوبيتر الروماني وزيوس اليوناني. اسمه زيوس بيلوس في بلاد ما بين النهرين. ويقابله بعل شمين لدى الكنعانيين وحدد لدى الآراميين.

وانتقل إلى البلاد المجاورة وأصبح عند الفينيقيين بعل. بُني هذا المعبد عام 32 للميلاد على أنقاض معبد طيني. واكتمل بناؤه في القرن الثاني الميلادي. وكُرّس للإله بعل، ويرحبول رب الشمس، وعجلبول رب القمر. وكان مقرّاً لمجمع الأرباب التدمريين. وهو أقدم من معبد بعلبك بقرن كامل.

عبر التاريخ، كانت تدمر وجهة اللصوص، وخاصة حاملي الخرائط والمطارق، الذين يعرفون أين تكمن الكنوز، إذ تناوب أفراد من نظام الفساد على سرقة آلاف القطع الأثرية، التي تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات.

ووفق شهادة القاضي سالم التدمري، تعرضت آثار مدينة تدمر التاريخية للسرقة طوال فترة حكم عائلة الأسد، حيث استبيحت آثارها بشكل كبير، وغابت معظم المقتنيات الأثرية عن مشهدها، ولا سيما الصغيرة منها وخفيفة الوزن. ولأن اللصوص اعتمدوا على الآليات الثقيلة في الحفر فقد حطموا وأضروا بالكثير من الآثار.

ما يفعله تنظيم الدولة الاسلامية بآثار تدمر وغيرها من آثار المنطقة إنما يتم عبر طريقة ممنهجة يراد بها محو تاريخ المنطقة لتصبح جرداء بلا عمق حضاري، ولتكون حقلاً يمرح به القتلة القساة الذين يكتبون التاريخ بدماء الرقاب المحزوزة وشهقات الأبرياء.

 

Email