صديقي الطيب

ت + ت - الحجم الطبيعي

جميع الذين عرفتهم من السودانيين كانوا طيبين، إلا أن الطيبة التي لا حدود لها كانت عند الروائي الطيب صالح، وكان لي شرف صداقته لفترة طويلة، ومعظم لقاءاتي به كانت ما بين القاهرة ولندن. وعلى الرغم من كونه عبقري الرواية العربية، كما يحلو لبعض النقاد تسميته، إلا أنه يتواضع بشكل يجعلك تخجل من نفسك. وهو أيضاً سوداني قروي ولد بقرية كرمكول في شمال السودان عام 1929..

ويقال إن قريته قريبة من قرية تسمى قرية «دبة الفقراء»، في إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها، والعجيب أنه ظل محتفظاً بأخلاق الفلاحين الطيبة، حتى بعد أن اضطر للعيش في لندن مغترباً، وقد مات فيها أيضاً، وكان في معظم بدايات حياته، قد عاش خارج العاصمة بإقليم الركابية. وفي شبابه انتقل إلى الخرطوم ليكمل دراسته، ومن ثم دراسة العلوم السياسية والدولية في لندن.

وعمل في إذاعتها لفترة. ثم عاد إلى السودان وعمل في الإذاعة السودانية، وهاجر إلى قطر فمنظمة اليونسكو في باريس، أي عاش مهاجراً. لذا انعكس هذا الترحال على أعماله الروائية وخاصة «موسم الهجرة إلى الشمال».

توفي في لندن 18 فبراير 2009، ودفن في السودان، وحضر مراسم التشييع آلاف من السودانيين، وفي مقدمتهم الرئيس عمر البشير والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني، وظل راديو وتلفزيون السودان يتحدث لأيام طويلة، عن هذا الحدث المفجع، وعلى اثر رحيله، أعلنت دولة السودان عام 2011 عن جائزة للرواية باسمه، للكتّاب العرب، بقيمة 200 ألف دولار أميركي، تقديراً وتخليداً لهذا السوداني الطيب في طبيعته وبالتناسب مع اسمه، وكأن والده اختار له الاسم، ليصبح اسماً على مسمى.

Email