لم يكن الأمر جديراً

ت + ت - الحجم الطبيعي

من ثورة إلى ثورة تسقط الفكرة، هذا ما قدمه الربيع العربي خلال سنواته الأربع الماضية، وكأن الثورة طفح جلدي سرعان ما يزول دون أثر، أو كأن الربيع العربي لم يكن جديراً بالتسمية التي حملها. فكان خريفاً وشتاءً دامياً ودماراً وتشريداً ونتائجه ماثلة على الحدود، ليس في سوريا فحسب، بل في كل دول الربيع وبعض جوارها الذي لم يسلم من الأذى والضرر.

طيلة نصف قرن لم تعرف الدول الثورية التي ضربها الربيع سوى قائد واحد للأبد، ولم تعرف انتخاباً حتى على مستوى مختار القرية، ولم تعرف سجناً أبيض كما كانت وعود البيان رقم واحد بعد كل انقلاب، الانقلاب الذي جاء بالعسكر إلى القصور وطرد البرجوازية الوطنية لأنها عميلة للاستعمار وأفكارها رجعية!

نصف قرن والشعوب تائهة بين نشيد «بلاد العرب أوطاني» وبين «زحمة يا دنيا زحمة»، وإذا تغير شيء ما في مكان ما فإنهم «يبوسون الواوا». وعلى ذكر هذه المعلقة العظيمة، لدينا في أدبياتنا وتاريخنا ما يفوق الواوا، لكنه مسكوت عنه أدباً وخجلاً، فلم يكن أبو النواس يجرؤ على المجاهرة بواواه، ولم يكن لديه فيديو كليب، في حين أن أم نواس الواوا تُفرش لها الورود في المطارات!

نصف قرن من البكاء على فلسطين والمقدسات وما هي النتائج، إنسان مكسور مقهور مُحارب في لقمة عيشه وأمنه، ومُهدد بالسجن والنفي، كيف لبائس كهذا أن يحرر وطناً مأسوراً ويضمد جرحاً نازفاً؟ كيف له أن يفهم الثورة هي كسر للقيد بعدما تاه طويلاً دون هدف سوى اللهاث خلف الخبز. فلم يطله ولم يعش كريماً.

هل ننعى الربيع العربي في عامه الرابع أم ننعى (أوطاني) أم نبوس الواوا...؟ اختاروا أنتم.

Email