لوليتا

ت + ت - الحجم الطبيعي

من عادتي أن أعود بعض الأحيان لقراءة الروايات التي تميزت والتي بقيت خالدة عند القارئ، ولا أحد يستطيع أن ينساها. من هذه الروايات «لوليتا» للروائي فلاديمير نابوكوف، ونابوكوف روائي روسي عاش في عصر السوفييت، ورفض النظام الشيوعي، وهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنني كلما عدت وقرأت لوليتا إلا وتذكرت حادثة تجعلني ابتسم أو اضحك مع نفسي.

كان خالي وهو أديب عراقي معروف يعيش معي في الغرفة، وكان من أقطاب المعارضة ضد النظام في عهد عبد الكريم قاسم، وكان يتعرض بين الحين والآخر للاعتقال لأسباب غير منطقية أو معقولة.. ذات يوم عرف أن الأمن سيفتشون مكتبته المنزلية بحثاً عن كتب ممنوعة، وطلب مني الإسراع لتنظيف المكتبة، وهرعت إلى البيت وأولعت النار في التنور، وبدأت أرمي كل كتاب أشك بأنه ممنوع، وجاء والدي ليساعدني للإسراع بحرق الكتب الممنوعة..

وسرعان ما وجدت رواية «لوليتا» بيده ويريد أن يرميها في التنور، فاعترضت على أساس أن هذه الرواية ليست فكرية بل جنسية بحتة، وطلبت منه عدم رميها في التنور إلا أنه أسرع ورماها وقال لي: ما دام اسم الكاتب ينتهي بـ«أوف» يعني مشكلة، إلى أن يفهم رجال الأمن بأنه مُنشق عن السوفييت، وهاجر إلى أميركا نكون قد ذهبنا مع خالك خلف الشمس، واحترقت «لوليتا» وهو يضحك من الحكاية، ضحكت معه وآمنت بنظريته العملية، غير أني ذهبت مرة أخرى إلى المكتبة واشتريتها، وبقيت أقرأ «لوليتا» ضمن الروايات الخالدة التي لا تنتهي بنهاية زمن ما. فالإبداع لا يموت.

Email