صورة مغبرّة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين سوريا وغزة والعراق نهر من الدم يجري متدفقاً عابراً الحدود، وكأن لا طاقة لأحد على إيقافه، نهر ترصده الصورة بشكل سينمائي وبوضوح يتجاوز التكنولوجيا المعاصرة نحو جيل جديد من كاميرات الرصد والتوثيق، مما يجعل من الحرب مصدراً عاماً لسينما عنيفة لا تكاليف فيها سوى دم الأبرياء.

لماذا تصبح الصورة الإعلامية أكثر وضوحاً في فلسطين؟ هل لأن عمر القضية هناك يقترب من السبعين عاماً، بينما الحرب في سوريا لم تنهِ عامها الرابع، أم هل فوضى العراق تجاوزت عامها العاشر فاتضحت الصورة البصرية خالية من الغبار والسخام، ونظيفة من الشوائب؟.

لو قيض للحرب في سوريا صورة حرة ومهنية لتفوقت في مشهدها على فلسطين والعراق، لكن الصورة السورية مشوشة يعلوها الغبار، بكاميرا غير احترافية، بينما الركام في الشوارع والدمار يلف أرق مدن التاريخ، ولا أفق لنهاية أو لا ضوء في نفق، هكذا بعض الحروب، محظوظة إعلامياً، وأخرى مظلومة إعلامياً ومعها شعوب أصيلة تموت من القهر والذل.

لا فخر لإعلام يقدم للعالم مأساة الحروب وويلاتها، لكن الفخر في وخز ضمير العالم ليتحرك واضعاً حداً لمأساة الملايين عبر نقل مهني لكارثة تضرب هذه المنطقة، كما فعلت ذات الصورة عندما نقلت العدوان الوحشي لإسرائيل على غزة، فانتفض العالم متظاهراً متضامناً، مندداً ضاغطاً على حكوماته لتفعل شيئاً حيال ذلك.

لكن العالم لم ينتفض لأجل سوريا أو لأجل العراق، لأن الصورة مشوشة وغير مهنية تماماً كما هي الحال لتشابك الوضع في سوريا، أو لأزماته في العراق، بينما الوضع واضح في غزة (هناك إسرائيل وهناك فلسطين)، ولا توجد دولة لـ«داعش» أو أخواتها.. وما أدراكم ما «داعش» وأخواتها!

Email