عبد الإله عبدالقادر

اغتراب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لوحظ في البيت المسرحي في الإمارات غياب الجيل الأول الرائد في المسرح خاصة والفنون الأخرى التي ترتبط بإبداعات الإنسان عامة، وراجت بدعة بين أهل المسرح بادعاء أن كبار السن قد فرغوا من محتواهم ونضبت إبداعاتهم وما عادوا قادرين على اللحاق بإبداعات الشباب، وهذه المعلومة أولاً ليست قاعدة يمتثل لها، ولا تطبق على المسرح خارج المنطقة والدولة بل لا تطبق على بقية الفنون الإبداعية.

الأمر الأساسي أن الإبداع موهبة من الخالق سبحانه وتعالى ومن يرعاها ويطورها بالدراسة والبحث والاجتهاد، يمكنه أن يتواصل مع أي جيل من الأجيال، وخاصة أن كل هذه الأجيال قد تعلمت منهم ووقفت ذات يوم بالصفوف الخلفية وراءهم.

وأنه لولا هؤلاء الرواد لما كان الشباب أصلاً، فالإبداع سلسلة متواصلة من أجيال الفنانين المبدعين وجميعهم يمثلون استمرار هذه السلسلة وأن غياب أي جيل يعني انقطاع السلسلة، وبالتالي فأنا لا ألغي إبداعات الشباب واجتهادهم وحضورهم، بل انهم حققوا إنجازات تسجل لهم وبفخر كبير.

وإذا ما نظرنا حولنا نجد أن الفنان كلما كسب من العمر زاد عطاؤه وإبداعاته، والأمثلة حية أمامنا، رغم بلوغهم أعماراً تجاوزت العقد السابع والثامن، ونرى أنهم شكلوا في حياتهم الفنية سلسلة طويلة ومحطات لا يمكن أن تنسى في الفنون والآداب، وأصبح ظهورهم على الشاشة أو إصدار كتاب تعميقاً للعمل وإثراء للإبداع، ونجد أنهم يقفون بشموخ أمام ابنائهم الأقل منهم سناً أو ربما طلبتهم الذين تعلموا منهم.

الإبداع ينبوع لا ينضب لو أن الإنسان عرف كيف ينميه ويتواصل معه.

Email