أرصفة

ملوك فقراء

ت + ت - الحجم الطبيعي

من بعض قراءاتي عن تاريخ العراق، أن الملك فيصل الأول مؤسس المملكة العراقية التي سقطت في 14 يوليو 1958 وموحد العراق، لم يكن غنياً رغم أنه ملك لأغنى دولة عربية، ولم يملك إلا راتبه.

اقتضت الضرورة الملكية أن تكون له كملك صورة فنية كبيرة يزين بها بهو القصر الملكي في بغداد، فتم إحضار أحد أشهر رسامي البورتريه الإنجليز، وجلس الملك أمامه لأيام إلى أن انتهى من رسم اللوحة، وكانت آية في الفن الكلاسيكي، وظلت هذه اللوحة شاهدة على زمانها ورجالها الكبار الذين بنوا العراق الحضاري.

انتهى الرسام من عمله إلا أنه لم يستلم مكافأته، كون الملك فيصل لا يملك قيمة المكافأة، وهو ملك لا دخل له سوى راتبه، وأحيل الموضوع إلى الحكومة التي رفضت تسديد الدين الملكي، كون اللوحة شخصية ولم يطلب من الحكومة الموافقة قبل بدء العمل، فاضطر الملك فيصل أن يقسط المبلغ ويسدده من راتبه الشخصي بالأقساط.

قصر الزهور الملكي الذي تحول إلى قصر النهاية، بناه الأمير عبدالإله، الوصي على عرش العراق من راتبه، بسلفة من البنك العقاري، ليسكن فيه مع عائلته، بعد وصول الملك فيصل الثاني لاستلام السلطة بدلاً من خاله بعد أن انتهت فترة وصايته، إلا أن المفاجأة أن الملك فيصل الثاني بعد أن انتهت دراسته ووصل إلى بغداد لم يكن لديه مقر رسمي يسكن فيه، فتبرع عبدالإله بقصر الزهور ومنحه لفيصل الثاني، وظل عبدالإله يسدد الدين للبنك العقاري من راتبه الشخصي، وحينما مات لم يظهر في أي بنك داخلي أو خارجي أي حساب لهما، إذ كانا فقيرين، وإن كانا ملكين حكما بلداً غنياً بثرواته المتعددة ولم يعرف عنهما أنهما سرقا المال العالم.

Email