الحقيقة القاتلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحقيقة تؤذي، والكذب أبسط وسيلة تقود المخادعين إلى غاياتهم أو ترفع مناصبهم، ولطالما كانت الحكاية الشعبية مليئة بالمعاني التي يستخلص منها الإنسان الحكمة والعبرة، والحكاية التالية إحداها:

يحكى أنّ ثلاثة أشخاص حُكم عليهم الإعدام بالمقصلة وهم: عالم دين، محام، فيزيائي. وعند لحظة تنفيذ الحكم تقدّم عالم الدين ووضعوا رأسه تحت المقصلة، وسألوه: هل هناك كلمة أخيرة توّد قولها؟

فقال عالم الدين: الله.. الله.. الله.. هو من سينقذني. وعند ذلك أنزلوا المقصلة، فنزلت المقصلة وعندما وصلت إلى رأس عالم الدين توقفت. فتعجب الناس، وقالوا: أطلقوا سراح عالم الدين فقد قال الله كلمته.

ثم اقتادوا المحامي إلى المقصلة وقبل تنفيذ الحكم سألوه: هل لديك كلمة أخيرة؟ قال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولكن أعرف أكثر عن العدالة، العدالة.. العدالة.. العدالة هي من سينقذني. وعندما أطلقوا المقصلة صوب عنقه، توقفت قبل ملامسة رقبته، فتعجب الناس، وقالوا: أطلقوا سراح المحامي، فقد قالت العدالة كلمتها، ونجا المحامي.

وأخيراً جاء دور الفيزيائي، فسألوه: هل من كلمة أخيرة؟

فقال: أنا لا أعرف الله كعالم الدين، ولا أعرف العدالة كالمحامي، ولكني أعرف أن العقل والمنطق يقولان إنّ هناك عقدة في حبل المقصلة تمنعها من الانزلاق..

نظر الجلادون إلى حبال المقصلة فوجدوا عقدة تمنع المقصلة من العمل، فأصلحوها وانزلوها على عنق الفيزيائي وقُطِعَ رأسُه.

العبرة: من الأفضل أن تبقي فمك مقفلاً أحياناً حتى وإن كنت تعرف الحقيقة.. ومن الذكاء أن تكون غبياً في بعض المواقف.

ألا تصادفنا الكثير من العقد في المقصلة، فنسكت عنها أو ننكر وجودها، أليست الحقائق حولنا تعمي لشدة وضوحها، ألم تتحول الحقائق إلى شواذ، والأكاذيب إلى قواعد، وبات صمت الناس عن المنطق والحقائق دليلاً على تيار يجري عكس الحياة. تيار يعرفه الناس فيسكتون عنه فيكثر الظلم، وتقل العدالة، وتموت الحقيقة.

Email