«دار الكتب الأزهرية» تحوي نفائس المخطوطات والوثائق

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد مكتبة الأزهر أو الكتبخانة الأزهرية أو دار الكتب الأزهرية، كما كان يطلق عليها، واحدة من أعرق مكتبات العالم وثاني أكبر المكتبات في مصر، فهي تضم نفائس ونوادر المؤلفات من المخطوطات وأقدم المطبوعات، إلى جانب مجموعة من وثائق الجامع الأزهر، بالإضافة إلى بعض القطع الأثرية النادرة.

ويرجع تاريخ إنشاء هذه المكتبة إلى العصر الفاطمي، إذ يرتبط تأسيسها بتاريخ إنشاء القاهرة الفاطمية والجامع الأزهر الذي يعد أول جامع أسس بالقاهرة.. ومن أبرز المساجد الجامعة في مصر، ولا تزال باقية شامخة تستمد بقاءها وشموخها من بقاء وشموخ الجامع الأزهر وعظمة رسالته؛ فهي إحدى أدواته وتركز على حفظ التراث، من كتب ومخطوطات ووثائق..

ولا تقتصر خدماتها على أهل الأزهر من العلماء والطلاب، بل تفتح أبوابها لمحبي الاطلاع بما يحتاجون إليه من مصادر المعلومات، متيحة ما تضمه بين جنباتها من المصادر النادرة من المخطوطات والمطبوعات التي تميزها عن سائر المكتبات، فالمكتبة الأزهرية هي المكتبة المركزية للأزهر والمعاهد في القاهرة..

والأقاليم تمدها بالكتب اللازمة لها في جميع الفنون، وبخاصة الكتب التي نفدت طبعاتها أو تعسر شراؤها لندرة وجودها في المكتبات التجارية، كما أنها تمد لجنة فتوى الأزهر ومجلة الأزهر بالمراجع اللازمة لهما في مهمتهما.

قصة النشأة

أنشئت المكتبة كخزانة للكتب في الجامع الأزهر في العصر الفاطمي، وتولى الإشراف عليها داعي الدعاة، وكان لها دورها ومكانتها بدليل أنه كان يشرف عليها داعي الدعاة، وهو إحدى الوظائف المهمة في العصر الفاطمي ومنزلتها تالية لمنزلة وظيفة قاضي القضاة. وبلغت العناية بهذه المكتبة في العصر الفاطمي، أن كان الوزير أبو القاسم علي بن أحمد عام 1043م، مسؤولا عن فهرسة وتجليد الكتب بالمكتبة.

وحظي الأزهر بعناية سلاطين وأمراء المماليك، فعهد الظاهر بيبرس بلغ نهضة علمية مميزة اضطلع بها العلماء المصريون وعلماء بغداد والأندلس الذين نزحوا إلى مصر، نتيجة لما تعرض له العالم الإسلامي من هجمات المغول على بغداد وسقوطها على يد هولاكو وسقوط الأندلس في يد الفرنجة..

وشهد الأزهر نهضة كبيرة بفضل علمائه المصريين والعلماء الوافدين إليها. كما لم يبخل عليه سلاطين وأمراء المماليك بالمال والتأييد، وأصبحت تدرس فيه علوم الطب والمنطق والفلسفة وعلوم الحديث. وشهد العصران المملوكي والعثماني نشاطًا ملحوظًا في إنشاء الأروقة، وعادة ما يلحق بها مكتبة موقوفة على طلبة الرواق، وتربط بين طلبة الرواق الواحد، رابطة العلم أو المذهب أو الوطن.

إعادة تأسيس

بدأ التفكير في إنشاء مكتبة الأزهر في سنة (1270هـ/1853م). إذ صدر أمر من ديوان عموم الأوقاف بجرد كتبخانة المساجد والتكايا. وبالطبع جردت كتبخانة الجامع الأزهر باعتباره واحدا من الجوامع. وجردت مكتبات المساجد مرة أخرى – ومن بينها الجامع الأزهر – في رجب عام 1287هـ / أكتوبر 1870م، بناء على أمر من الخديوي إسماعيل إلى علي مبارك..

وهو كان آنذاك وكيلا لنظارة المدارس، بإنشاء الكتبخانة الخديوية. فكلف الشيخ راشد أفندي شيخ رواق الأتراك ونائب المحكمة الشرعية، بتجميع كتب مساجد الأوقاف؛ إذ جمعها في مكان واحد.. وعندما فرغ من ذلك، كلفه بمهمة أخرى، وهي تصنيف وترتيب تلك الكتب في الأمكنة المعدة للكتبخانة الخديوية..

وعلى الرغم مما انتهت إليه عملية الحصر من تسجيل لمقتنيات مكتبات الأروقة والحارات، إلا أن مشروع إنشاء كتبخانة الأزهر ظل متوقفا حتى تقدم الإمام محمد عبده إلى مجلس إدارة الجامع الأزهر بفكرة إنشائها، على أن تضم خزائن الكتب الموجودة بالأروقة والحارات؛ فوافق المجلس في أول محرم 1314هـ/ 25 يونيو 1895م، وجرى حصر الكتب الموجودة في أروقة وحارات الأزهر، ولم يكن القصد هو مجرد الحصر.. ولكن جمع شتات الكتب حتى تتيسر الاستفادة منها لأكبر عدد ممكن من الطلبة.

إلا أن بعض الأروقة رفضت تسليم مكتباتها، كرواق الصعايدة والمغاربة والحنفية والأتراك، وظلت هذه المكتبات في الأروقة حتى ضمت إلى مكتبة الأزهر على فترات متباعدة، مثل: مكتبة رواق الصعايدة عام 1936م، مكتبة رواق الحنفية عام 1956م. ولم يكتف الإمام محمد عبده بضم مكتبات الأروقة والحارات، بل دعا العلماء والعظماء إلى المشاركة في تكوين المكتبة..

فاستجاب له الشيخ حسونة النواوي والشيخ عبد الكريم سلمان من العلماء، وسليمان أباظة. وأهدوا مكتباتهم لتكون نواة المكتبة الأزهرية، ثم توالت بعد ذلك المكتبات المهداة والموقوفة على مكتبة الأزهر وآخر مكتبة ضمت هي مكتبة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، في مايو 2013م.

مشروعات التطوير

كانت مكتبة الأزهر من أولى الإدارات في الأزهر الشريف التي نفذت عدة مشروعات للنهوض وتطوير الأداء، فكان مشروع إنتاج فهرس مطبوع لمقتنيات المكتبة المطبوعة والمخطوطة. وكان ذلك في عام 1945م، حيث بدأت طباعة أول فهرس مطبوع لمكتبة الأزهر منذ إنشائها عام 1897م. وذلك في عهد مدير المكتبة الشيخ أبو الوفا المراغي، وبدأ العمل في هذا الفهرس في إبريل عام 1943م، وانتهى من الفهرس وجاء في ستة مجلدات وملحقين.

ميكنة وتحديث

وفي عام 1997م بدئ تنفيذ مشروع تطوير وميكنة مكتبة الأزهر الشريف بناء على الاتفاق بين الأزهر الشريف ومركز معلومات ودعم اتخاذ القرار، برئاسة مجلس الوزراء، لتطوير وميكنة أنشطة مكتبة الأزهر وبناء أول فهرس آلي لها، حيث بنيت قاعدة بيانات بنظام الأوراكل..

وجرى إدخال بيانات ما يقرب من 45000 عنوان في الفترة من 1997- 1999م، ثم استكملت عملية إدخال بيانات أوعية معلومات المكتبة المطبوعة، التي ترد إليها تباعا، حتى وصل عدد العناوين المدخلة على قاعدة البيانات، الى الوقت الحالي، ما يقرب من 90000 عنوان.

وفي عام 1999 م بدأ تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع تطوير وميكنة مكتبة الأزهر الشريف، وبناء أول فهرس آلي لمخطوطات المكتبة بالتعاون مع مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء..

ثم صدر قرار الإمام الأكبر شيخ الأزهر في عام 2003 بتجميع كافة المخطوطات الموجودة بالمعاهد الأزهرية، وفهرست وفقا لقواعد الفهرسة التي وضعها الدكتور عبد الستار الحلوجي أستاذ المخطوطات. كما جرى استكمال إدخال بيانات المخطوطات التي وردت إلى المكتبة، حتى وصل عدد المخطوطات المدخلة الى قاعدة البيانات حتى الآن ما يقرب من 49500 مخطوط.

وفي عام 2006م - 2007م، استكملت عملية فهرسة وتصنيف وإدخال بيانات المخطوطات التي وردت إلى المكتبة من المعاهد الأزهرية، حيث قدر عدد عناوين المخطوطات المدخلة على قاعدة البيانات، الى الوقت الراهن، ما يقرب من 49500 مخطوط.

مكان المكتبة

قبل انتقال المكتبة إلى المكان الحالي بجوار حديقة الخالدين في الدراسة، كانت تشغل أربعة أماكن داخل الجامع الأزهر: المدرسة الآقبغاوية والمدرسة الطيبرسية ورواق الأحناف والرواق العباسي. إضافة إلى مكانين آخرين خارج الجامع الأزهر، هما:

الطابق العلوي لمبنى ملاصق للجامع الأزهر، مكتبة قاعة المحاضرات. ثم أخليت المكتبة من هذين المكانين للحاجة إليهما في أعمال أخرى، وبذلك ظلت المكتبة في الأماكن الأربعة بداخل الجامع الأزهر. وبدأت المكتبة في المدرسة الآقبغاوية إذ خصص جزءان للكتب بمعرفة ديوان الأوقاف..

وجرت تهيئة المكان، وعندما ضاق المكان بالكتب أخذت المدرسة الطيبرسية وأصلح المكان.. ولما ضاقت بالكتب ضم إلى المكتبة رواق الأحناف عام 1956، ثم الرواق العباسي عام 1963. وانتقلت مكتبة الأزهر الشريف إلى المبنى الحالي بالدراسة بجوار حديقة الخالدين في عام 1995.

مقتنيات

وتتألف مقتنيات مكتبة مشيخة، من أنماط مختلفة من أوعية المعلومات. فهي تضم مجموعة من أنفس المخطوطات والكتب المطبوعة، ومجموعة من الوثائق الناتجة عن أداء الجامع الأزهر لأنشطته التعليمية والدينية والتي تحفظ بالمكتبة.

المطبوعات

تعود مقتنيات مكتبة الأزهر من المطبوعات، إلى بداية استخدام الطباعة في مصر وإلى زمن الحملة الفرنسية. فمن بين مطبوعاتها ما يعود إلى أواخر القرن الثامن عشر، وبالتحديد عام 1799.

مشروع محمد بن راشد لحفظ مخطوطات مكتبة الأزهر ونشرها على الإنترنت

بناء على منحة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أُطلق في مكتبة الازهر مشروع لحفظ مخطوطات مكتبة الأزهر ونشرها على شبكة الإنترنت عام 2001م، ومن أهدافه:

الحفاظ على مقتنيات مكتبة الأزهر وخاصة المخطوطات، رقمنة المخطوطات وإنتاج نسخة مصورة يسهل حفظها خارج مبنى المكتبة، تحديث البنية التحتية لشبكة معلومات مكتبة الأزهر، إنشاء موقع إلكتروني لمكتبة الأزهر الشريف على الإنترنت.

وفي 2008 وقع ملحق اتفاق بين الأزهر الشريف ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لإعادة هيكلة للمشروع. وهكذا استمر الدعم المالي للمشروع من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

ثم افتتح المشروع في أغسطس 2010م بحضور صاحب الفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.

وثائق مفردة وسجلات مكتوبة بخط اليد تشتمل المكتبة على مجموعة من الوثائق الناتجة عن نشاط الجامع الأزهر والمعاهد الدينية، وتغطي الفترة من عام 1844 حتى عام 2012م، فهي توثق النشاط الإداري والتعليمي للجامع الأزهر والمعاهد الدينية، كما أنها مكملة لمجموعة وثائق الجامع الأزهر الموجودة بدار الوثائق القومية..

وتتميز هذه المجموعة بتنوع موضوعاتها وأشكالها، ما بين وثائق مفردة وسجلات ودفاتر كوبيا، وبعضها كتب بخط اليد والبعض الآخر مطبوع أو مكتوب على الآلة الكاتبة، وكانت هذه الوثائق محفوظة بتكية أبي الذهب حتى نقلت إلى مكتبة الجامع الأزهر في المبنى الحالي عام 1997، ومن بين هذه المجموعة، وثائق مكتب شيخ الجامع الأزهر، وهي عبارة عن مجموعة من الوثائق المفردة الناتجة عن مكتب شيخ الجامع الأزهر، وتغطي فترات زمنية مختلفة.

Email