إضاءات بين السيرة الذاتية والتجربة السياسية

أوباما.. مراحل النشأة وما له وما عليه

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أشهر كثيرة قطعتها في روزنامة الزمن مع دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وهي نفسها التي أمضاها الرئيس الأميركي السابق المنتهية ولايته مع ختام العام الماضي، باراك أوباما، وكانت أياماً من سياج العزلة وكسوف الأضواء وأيضاً من تأمل الأحوال والتطورات بالنسبة لمثقف أميركي يجمع من حيث البشرة بين الانتماء إلى المواطنين الأفرو- أميركيين، ثم إلى أصول أفريقية تنتمي إلى عقيدة الإسلام.

وقد عاد الرئيس السابق باراك أوباما، قبل فترة قليلة مضت.. تحديدا في مايو الماضي، إلى بعض الأضواء ليصدر عنه كتاب اختار له مؤلفه، الكاتب وأستاذ القانون الأميركي دﻳﭭيد جارو، عنواناً يجمع في عبارتيه بين جانب الشهرة وعناصر التكوين: النجم الصاعد.. تكوين باراك أوباما.

وإذ يتخذ الكتاب طريقه في الوقت الراهن، إلى أيدي النقاد وجموع القارئين فقد كان واجباً، على نحو ما تطالب به ناقدة الـ«نيويورك تايمز»، متشكو كاكوتاني، إخضاع هذا الكتاب إلى عمليات مراجعة أو تحرير بهدف اختصاره، بعد أن وصلت صفحاته إلى 1460 صفحة، خاصة وأن من هذه الصفحات ما سبق للقارئ المتمعن أن اطّلع عليه في الكتاب الذي ألفه أوباما شخصياً وأصدره بنفسه، تحت عنوان شهير هو:

«أحلام من والدي» فضلاً عن عدد آخر من الكتب التي صدرت على مدار السنوات الثماني السابقة التي أمضاها «باراك أوباما» في سدّة الرئاسة بالولايات المتحدة.

بيد أن كتابنا يكاد يتفرّد بالحوار الذي أجراه المؤلف الصحفي مع سيدة أميركية - بيضاء بالمناسبة-، وقدمها الكتاب على أنها كانت صديقة قديمة للفتى باراك في سنواته الباكرة بمدينة شيكاغو. وكان ذلك في عام 1987، وهي تدعي أيضاً بأن أوباما كان في تلك الفترة الباكرة من حياته قد وطّد نفسه على العزم بأن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في مستقبل الأيام.

على أن الكتاب يتميز بمئات المقابلات التي أجراها المؤلف، مع العديد من المثقفين والأكاديميين والمشتغلين بقضايا الشأن العام. ومن خلالها، تحتشد الصفحات بمئات التفاصيل التي تعرض لحياة باراك أوباما منذ كان دارساً في كلية الحقوق بجامعة «هارﭭارد»، وبعدها شارك في النشاط السياسي ضمن إطار المنظمات المجتمعية في مدينة «شيكاغو» الحاشدة - كما هو معروف- بجموع من السكان الملونين، فضلاً عن تدرجه الوئيد، بفضل مواهبه الشخصية إلى حيث نال عضوية مجلس الشيوخ المحلي بولاية «إللينوي».

في معرض التأريخ والتحليل النقدي، يأخذ المؤلف على أوباما أنه كان بعيداً عن الحرص على التفاهم أو التلاقي مع معارضيه من أركان الحزب الجمهوري، وإن كان من النقاد والمحللين السياسيين من أرجعوا هذا الموقف إلى الحزب الجمهوري المعارض ذاته.

وتوقفوا ملياً في هذا الصدد عند تصريح كان قد أدلى به واحد من أهم أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين وهو السناتور ميتش ماكدونل، حين أكد على أن أهم إنجاز كانوا يطمحون إليه، هو أن يصبح باراك أوباما رئيساً لدورة واحدة (4 سنوات فقط)، وهو ما لم يحدث بطبيعة الحال.

بل لا يفوت كتابنا أيضاً التلميح إلى حكاية الشبهات التي أحاطت بمولد أوباما على الأرض الأميركية، والمؤلف يستند إلى استطلاع للآراء أوضح أن نسبة 64 في المئة من الجمهوريين ونسبة 42 في المئة من السكان البِيض، أعربوا عن تصورهم بأن «باراك أوباما ربما يخفي معلومات مهمة عن نشأته وحياته الباكرة...».

وهنا أيضاً، لا ينسى المؤلف أن يحيل في النقطة ذاتها، إلى السيدة «شيلا ميوشي جاغر» التي ألمحنا إليها ويصفها بأنها صديقة سابقة للفتى باراك، رغم أن إفادتها غطت فقط سنوات «أوباما» الأولى في مضمار العمل السياسي العام، فضلاً عن طموحاته إلى مواقع أفضل وأرقى من حيث الأهمية السياسية والوظائف المرموقة والنفوذ الواسع العميق.

وبديهي أن فراق باراك الشاب لزميلته الشابة المذكورة، دون أن يدخل معها في رابطة الزواج كان صدمة أصابتها بمشاعر الحنق والرفض، خاصة بعد أن اختار الفتى- كما هو معروف- صديقة وزوجة أخرى هي أمّ بناته- «ميتشيل روبنسون»، ناهيك عن ترقيه في سلك العمل العام إلى، حيث أمضى السنوات 2008- 2016 رئيساً لأكبر بلد في العالم.

ومن حق أوباما أن يعتز في سيرة حياته بعزيمة التصميم التي ظل يصدر عنها، وخاصة في حالته الشخصية: شاباً داكن البشرة.. تخلى عنه والده الأفريقي الأسود ومن بعده والدته الأميركية البيضاء.

فإذا به واقعاً بين رحى ثقافتين شديدتي الاختلاف.. وهو ما أوصله على نحو ما كتب شخصياً في كتابه «أحلام والدي» ـ إلى أن يستجمع كل إرادته، وأن يشحذ كل همّته، وأن يستخدم كل قدراته ومواهبه كي يحقق هدفاً لخصته كلمات «أوباما» نفسه في عبارات موجزة قال فيها:

- «أن أنشأ معتمداً على نفسي بوصفي رجلاً أسود في أميركا».

الكتاب: النجم الصاعد باراك أوباما

المؤلف: ديفيد جارو

الناشر: بولتزر برايز- نيويورك

الصفحات:

1460 صفحة

القطع: المتوسط

Email