استخدام كل منهما في التوقيت والمكان المناسبين مصدر نجاحها

العصا..واشنطن وقوتاها الناعمة والعسكرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

اسمه تيودور روزفت، هو الرئيس رقم 26 لأميركا. كان أقرب إلى البدانة. يستخدم نظارات كلاسيكية حسب الطراز الذي كان سائداً مع مفتتح القرن العشرين.

ولايزال الرجل مذكوراً لسببين: أولهما أنه أطلق اسمه الأول «تيدي» على دمية الدب الشهيرة التي لا تزال مفضلة لدى أطفال العالم. أما السبب الآخر فيتلخص ببساطة في العبارة المنسوبة إليه وكأنها نصيحة لرجل السياسة أو العمل العام: «تكلّم بنعومة (ولكن) تزود بعصا كبيرة».

والمعنى بداهة ينصرف إلى ضرورة أن تعطي من طرف اللسان حلاوة. ولكن عليك أن تكون حازماً بل قاسياً عند اللزوم.

وربما نتصور أن هذه المقولة المنسوبة إلى الرئيس روزفلت هي التي استوحاها المؤلف الأميركي إليوت كوهن في تأليف ونشر كتابه الصادر أخيراً، تحت العنوان التالي:

• العصا الكبيرة: حدود القوة الناعمة وضرورة القوة العسكرية.

وعلى امتداد صفحات هذا الكتاب، يتحدث المؤلف عن منطلقات عدة يمكن إيجازها في التالي:

• «روزفلت» أطلق مقولته السابقة في عام 1901. وكانت فترة تشهد بزوغاً لكيان دولي وقوة بازغة اسمها «الولايات المتحدة» على مسرح السياسة العالمي الذي كان يقع وقتها تحت سيطرة إمبراطوريات عدة ما بين الروسية.. إلى النمساوية إلى العثمانية – التركية ثم البريطانية وغيرها.

• المؤلف محيط تماماً بمعنى ودلالات مصطلح «القوة الناعمة» – وهي القوى غير المادية التي تتمثل في عناصر ومظاهر شتى، ما بين النشاط الدبلوماسي إلى الإبداع الفني والنفوذ الأدبي المعنوي، على نحو ما سبق إلى طرحه منذ أواخر التسعينيات في القرن المنصرم البروفيسور جوزيف ناي، أستاذ علم السياسة وأصول الحكم في جامعة هارفارد.

ثم إن مصطلح العصا.. الغليظة، كما يعرفونها في أدبيات السياسة الأميركية، سبق وأن استخدمه وزير خارجيتهم فوستر دالاس (1888- 1959)، وكأنما كان يشهر العصا المذكورة في وجه قوى التحرر الوطني، ومنها قوى الاستقلال والحياد وعدم الانحياز على امتداد عقد الخمسينيات من القرن العشرين.

وفي كل حال، يكاد محور هذا الكتاب يتجسد في دعوة المؤلف، بحكم موقعه الأكاديمي في جامعة «جون هوبكنز» المرموقة، فضلاً عن سنوات خدمته في سلك الخارجية الأميركية - في التأكيد على توخّي عنصر التوازن المرهف بين ضرورات استخدام القوة الناعمة، المتمثلة فيما يحوزه بلد متقدم مثل الولايات المتحدة من بحوث علمية.

وتقدم تقني يرقى أحياناً إلى مستوى الفتوحات التكنولوجية، فضلاً عن إبداعات المسرح والسينما بل وابتكارات أسلوب الحياة الأميركية (من ثقافة الجينز إلى مشروب الكولا إلى الوجبات السريعة وما في حكمها).

لكن، إذا دعت ضرورات الصراع الدولي، سياسية كانت أو حتى اقتصادية.. فالقوى الخشنة – العصا الغليظة سالفة الذكر، يصبح استخدامها ضرورياً بكل ما تضمّه هذه القوة الخشنة من عناصر، تبدأ مثلاً على نحو ما توضح فصول هذا الكتاب بفرض العقوبات بل ممارسة الضغوط الاقتصادية وقد لا تنتهي باستخدام القوة العسكرية بكل جبروتها.

مع ذلك، فمن حق المؤلف على قارئيه ضرورة الإشارة إلى أن كتابه لا يتوجه مباشرة إلى الحث على استخدام القوى الخشنة - وهي قوى غاشمة في معظم الأحيان. المؤلف ينبه إلى أن مسعاه إنما يتمثل في الدعوة التي يلخصها في عبارة موجزة:

«السلام عن طريق القوة».

ويكاد الكتاب يصدر عن المنطق السائد حالياً في الساحة الفكرية - السياسية – الأكاديمية في أميركا، وهي الساحة التي ما برحت متأثرة – على نحو ما يبديه كتابنا – بنظرية المفكر الأميركي الراحل صامويل هنتنغتون التي لا نفتأ نحيل إليها في سياقات شتى، وهي الصادرة تحت عنوانها الشهير: «صدام الحضارات».

ويحرص مؤلف كتابنا على أن يوضح أنه فيما يمكن للصين أن تشكل خصماً لا يستهان به، بحكم قوتها الاقتصادية المتصاعدة، فإن روسيا، لا تشكل حالياً – في رأيه- مثل هذا المنافس بالغ الصلابة بسبب ما يعانيه نظام «بوتين» من مشكلات اقتصادية. أما كوريا الشمالية، فالمشكلة أنها قوة أو عنصر لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تقدم عليه اليوم أو غداً، أو بعد غد من خطوات.

الكتاب: حدود القوة الناعمة وضرورة القوة العسكرية

إعداد: إليوت كوهن

الناشر: مؤسسة باسيك

الصفحات:

304 صفحات

القطع: المتوسط

Email