علاقة عمرها 1.8 مليون عام بين الإنسان والخيول

جولة في المسارات الستة لفرسان الجياد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تصف المؤلفة سوزانا فورست إصدارها الأحدث بعنوان: «عصر الحصان: رحلة الخيول عبر تاريخ البشرية» بأنه «جولة في المسارات الستة لفرسان الخيول» موزع على فصول محددة الثيمات، أكثر منه سرداً مباشراً للتاريخ. ويشكل اختيارها هذا الوصف خياراً معقولاً نظراً لتناولها موضوع علاقة عمرها 1.8 مليون عام بين جنسين من المخلوقات على امتداد ست قارات.

ومما لا شكّ فيه أن القصة يطغى عليها الغموض والتشعب، إلا أنها متعة للقراءة لاسيما لناحية نسج خيوط الخاصية القصصية والأدلة التاريخية داخل حبكة المقابلة الغريبة.

وتناقش فورست، عند تناولها على سبيل المثال مختلف غايات مروضي الخيول عبر العصور رأي كل من المؤرخ اليوناني الجنرال زينوفون، تلميذ سقراط وأنطوان دو بلوفينيل أستاذ ومدرب الملك لويس الثالث عشر في امتطاء الخيول. وأرفقت فورست بالجانب التاريخي مقابلات مع فريق المروض ومصمم الرقص الفرنسي المعاصر بارتاباس.

وتشير فورست في مقدمة كتابها إلى أن الخيول عبر التاريخ كانت من الشيوع بحيث إننا ننظر إليها دون أن نراها وهي تملأ ساحات الاحتفالات الملكية، وتؤطر مشاهد المعارك، وتغص بها الشوارع الفيكتورية، أو تمشي الهوينا يمتطيها الأباطرة والملوك والملكات أو تنحني لحراثة حقول الفلاحين.

وتؤكد المؤلفة من هذا المنطلق أن هدفها يكمن في جذب الانتباه إلى الخيول في تلك المشاهد وفي حواشي النصوص.

للخيول استعمالات كثيرة تفوق أي حيوان آخر لناحية ركوبه وربطه بالعربات وأدوات الحراثة، واستخدامه في الحرب، والمغالاة به كحيوان مدلل، وتحوّله إلى رمز لكل شيء تقريباً من الثراء والسلطة السياسية والأصالة والشهوانية والمعاناة البشرية. وقد سخـّر البشر على امتداد 5500 عام أجساد الخيول في المجالات كافة بدءاً من رسمها على الأزرار وصولاً إلى العروش.

تأخذنا فورست في كتابها الساحر في رحلة عبر الزمن وحول العالم من سهول منغوليا إلى مدرسة تعليم الفروسية في فرساي مروراً بنادي البولو الأنيق في بكين ومزرعة وحصن ودار مزادات في أميركا، فنستكشف دور الخيول الفعال في إماطة اللثام عن كيفية ولادة حضارتنا واقتصادنا، وتغذيتها وتحديد معالمها بفعل قوة الخيول وقفزاته ومكامن قصوره.

بدءاً من الحصان الأوراسي الرمادي البري المنقرض، الذي سعى النازيون لاقتنائه، إلى جياد صيد الكنوز غير الأصيلة في الصين، إلى الفرس المتحولة إلى طعام أو أثاث، وصولاً إلى الفحول التي تواجه صراع الثيران والخيول التي سحرت مؤسس إمبراطورية السيخ، يدمج كتاب عصر الحصان بين تاريخ الخيول والإنسان، من خلال الثورة والحرب والتغيير الاجتماعي والسلام المضطرب. كما يزيح الستار عن أدوار جديدة للخيول في القرن الحادي والعشرين كإحدى وسائل مكافحة تغير المناخ وكمعالج للجنود المتضررين في الصراعات.

وتتحدث فورست عن اعتقاد بلوفينيل بأن البراعة في إحكام المرء سيطرته على حركة الحصان تتطلب «البر والعزم واللطف والقوة». ويمكن برأيه لأي أرستقراطي شاب أن يتعلم من ذلك كيفية التعامل مع العامة. ووافقه في ذلك الشاعر المعاصر بيار دو رونسار.

أما الغاية من ترويض الجنرال زينوفون للخيول، من ناحية أخرى، فتكمن في حصد المجد العسكري الخالص.

وقد يخيل للمرء أن أهمية الخيول الاقتصادية قد تضاءلت مع حلول الآلات البخارية، إلا أن تأثيرها في بريطانيا تجلى بالصورة الأبرز مع نهاية القرن التاسع عشر، حين تبيّن أن الطعام الذي تحتاجه يعادل محصول القمح كله في البلاد في ذلك الوقت.

سواء كانت تشاهد إحدى مباريات البولو الصينية برعاية مصنعي الساعات السويسرية، أو تراقب غابات وايومنغ الأميركية لمشاهدة «خيول الفجر»، لا يمكن للمرء إلا أن يوافق فورست بالكامل قولها: «في كل مرة يقال فيها إن عصر الحصان قد انتهى، يظهر للخيول استعمال جديد».

الكتاب: عصر الحصان: رحلة الخيول عبر تاريخ البشرية

تأليف: سوزانا فورست

الناشر: أتلانتيك بوكس 2016

الصفحات:

432 صفحة

القطع: المتوسط

The Age of the Horse: An Equine Journey Through Human History

Susanna Forrest

Atlantic Books

PP 432

Email