«المعلم أبو الجدايل» طرائف وعِبر في حكايات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسرد د. طلعت أبو العزم طرفة حول كتابه «من الحكي الشعبي.. حكايات المعلم أحمد أبو الجدايل»، بأنه من تلاميذ شيخ أساتذة الأدب الشعبي د.عبدالحميد يونس، وبعد تخرجه وتعيينه ضمن هيئة تدريس كلية الآداب عثر على دفتر لمحاضرات أستاذه، موضحا كيف أنه كان يوجه طلبته بضرورة جمع كل يسمعونه من الباعة ومن العجائز، سواء كان حكايات أو أمثالاً، وبالفعل نفذ هو النصيحة وجمع «حكايات المعلم أحمد أبو الجدايل».

الراوي في الكتاب هو أحد جيران المؤلف في مدينة طنطا خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ويعمل في تجارة الخضراوات والفواكه، وفي المساء يجلس أمام منزله يحكي الحكايات. وكان يتناول في حكيه هموم حياته اليومية، وكلها تعب ومشقة وحافلة بالضحك والتنكيت.. ويستمد مادة حكاياته مما يعيشه ويسمعه من جيرانه وأقاربه.

اعتاد الرجل أن يسرد حكايته في جمل بسيطة. ثم يأتي بالعجيب الغريب عما هو مألوف ومخالف للمنطق والقياس، ويثير رغبة المستمع للتعرف على المجهول، فتأتي الحكاية نهاية ممتلئة بالنقد اللاذع.

ومن المواقف والطرائف التي عاشها الراوي:

.. طرفة الرسالة المرسلة إلى وزير الصحة، وتتلخص في أنه طلب من الكاتب (صديقه) أن يكتب الرسالة التي بدأها بسب زوجته وحماته التي شجعت زوجته على ترك البيت والإقامة معها.. فما كان منه إلا أن طلب من وزير الصحة أن يحول حماته للتحقيق في الشرطة، لأنها تعمل (تومرجية) وهي التي تسرق طعام وعلاجات المرضى...

وشاهد الراوي في التلفزيون مسلسل «عبدالله النديم» وأحبه بشدة وتابعه حتى الحلقة التي نجح فيها الجنود اﻹنجليز في القبض عليه والتحفظ عليه في السجن المظلم. فما كان منه إلا أن غضب غضباً شديداً وطلب من كل سكان الحارة السفر إلى القاهرة ومطالبة التلفزيون بالتصرف للإفراج عن عبدالله النديم البطل.. ومن أغرب مواقفة ما حدث معه بعد نكسة 1967م، حيث أحاط جبهته بشريط قماشي أسود اللون دليلاً على الحزن، فلما بلغ شهر نوفمبر من العام نفسه، وبدأ يعلن عن البلح الأسود لبيعه فقال ما عبر به عن حزنه للنكسة، وليس لبيع البلح الأسود، قال:

وفت الكاتب إلى أنه سرد الحكايات باللهجة العامية بالقاهرة كما نطقها المعلم أبو الجدايل.. ووضح بعض تغيرات نطق الحروف (قال: آل - قلت: أولت - قالوا: آلوا - الخ). ومن بين ما يذكره في تلك الحكايات: «أخذت العشرين جنيه، ومليت البيت خزين: سكر وشاي وزيت.. واشتريت لحم وربنا رضاني، وهو كده يا جماعة: القرموط ابن الناس، ما يخليش الجعان يحتاس، وربك ما ينساش عبده».

وبدت خاتمة الكتاب كدراسة أدبية بقلم الكاتب، بين فيها بعض الخصائص السردية واللغوية لتلك الحكايات الشعبية، مثل: كل المواقف والنوادر والحكايا تبدو طريفة، غلبة الفكاهة والضحك، إلقاء الضوء على ملامح الشخصية الشعبية، شخصية الحكاء تلعب دوراً هاماً في تشكيل السرد الشعبي، غالباً الموضوعات تتعلق بهموم واهتمامات الشخصية الشعبية.. وغالباً الحكايا الشعبية بلا عنوان لأنها شفوية ووليدة الخاطر. ولعل أهم ما في هذا التناول العلمي لفن شعبي مهدد بالاندثار هو الصياغة البسيطة التي اعتمدها الكاتب لتوصيل الفكرة وإزكاء أحد الفنون الشعبية.

Email