عشائر الشام.. إضاءات على حياة البدو وآدابهم وعاداتهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يؤرخ كتاب «عشائر الشام» لمؤلفه أحمد وصفي زكريا، للقبائل التي عاشت في بلاد الشام، فهو يبدأ بمقدمات وجيزة عن البادية وجغرافيتها، موضحاً أنه في هذه البادية سهوب شاسعة وصحار واسعة، مستوية كلّ الاستواء، يتخللها بعض الهضاب والأكمات المتقطعة، ويدرس المؤلف جوها وماءها وسهولها وجبالها ونباتها وحيوانها ونعيمها وشقاءها وآثارها، ثم يحدثنا عن تاريخ البدو وهجراتهم وأفاعيلهم في بلاد الشام، وعن أوصاف البدو وأحوالهم الاجتماعية وأخلاقهم ومزاياهم، وعن عاداتهم في المعيشة والغزو والملبس والمسكن واللهو والأعراس والضيافة.

وذكر المؤلف في كتابه حادثة الولادة عند النساء: «فإذا كانت المرأة في المخاض في المخيم تهرع إليها النساء ويساعدنها، ولا تمضي ساعة أو ساعتان على الوضع حتى تعود النساء إلى أعمالهن المنزلية. أمّا إذا أدركها المخاض في الطريق، فإنها تضع ولدها بنفسها...».

والبدو لا يحفلون إلا بولادة الصبي، أمّا البنت فليس لها محل من الذكر، والصبيان يختنون بين الثالثة والخامسة، ويجرى لهم احتفال مع كرّ وفرّ وزغاريد للنساء، وهو يمشي ورجلاه حافيتان دائماً، أما رأسه فمحلوق بالمرة، وإذا ناهز الصبي البلوغ يحسب رجلاً، وحينئذ يغطي رأسه بخرقة، ويربي شعره، ويدخل إلى الربعة ويقبل أيدي الضيوف، ويندس في إحدى الزوايا محدّقاً في ما حوله ساعات طويلة، والفتى البدوي.. يمسح بدنه بعرق الخيل لتنشيط عضلاته، وهو لا يلبس إلا قليلاً من الحلي كخاتم من النحاس أو الفضة، وإذا لم يجده يستعمل الوشم المشابه للأختام والأسورة.

والفتيات البدويات، في باب التجميل والتزين أكثر تطلباً واندفاعاً من الفتيان، فهن يحملن في معاصمهن وكواحلهن أساور عدة ودمالج من الفضة أو الذهب أو النحاس، حسبما تمكنهن ثروتهن، فيسمع لها قعقعة ترافق وقع أقدامهن. ويعلقن في أرنبة أنفهن اليسرى، وفي شحمة آذانهن كرية صغيرة على شكل وردة، ويصبغن شعرهن وأظافرهن بالحناء، ويستعملن الوشم بكثرة.

وموتة البدوي كولادته تقع حسب ظروف الحل والترحال، وإذا مات تنثر النساء التراب على رؤوسهن، وينتفن شعرهن، ويرفعن أصواتهن بالولولة، ويتوافد كبراء العشيرة لتقديم التعزية، ثم يحفرون له قبراً، ويجعلون اتجاهه نحو مكة، ويحمل أبناءه نعشه وحوله النساء الباكيات والنادبات، ويدفنونه، ويقرؤون بعض السور الدينية بصوت منخفض، ويحيطون القبر بسور مستطيل من الحجارة.

ويدرس الكتاب كذلك التشريع البدوي، وكيفية التقاضي والمرافعة وأصول الصلح بين الأفراد والعشائر، ويعدّد العشائر ويعرف بأنسابها وأحسابها ومنازلها وفرقها وأخبارها الماضية وأحوالها الحاضرة من أقصى جنوبي حوران إلى أقصى شمال الجزيرة الفراتية. وتضمن الكتاب قضاء الوقت واللهو عند البدو وشرب القهوة وأدواتها وعاداتها. كذلك طعام البدو وقري الضيف، وأسلحتهم ...

والرحيل هو انتقال البدو من مكان لآخر، ويجتمع كبار العشيرة، ويختارون الأماكن الكثيرة الكلأ والماء، وفي اليوم الموعد وقبل شروق الشمس، تقوض النساء الخيام ويحملنها مع ثائر الأثقال على الإبل، ويسير شيخ العشيرة في المقدمة، ثم تتبعهم جموع الرجال والنساء مشاة وركباناً، وتعلو النساء الهوادج إلى أن يصلوا إلى المحل، فتنصب البيوت وتوقد النيران.

الكتاب:

عشائر الشام

المؤلف:

أحمد وصفي زكريا

الناشر:

دار الفكر - بيروت 2016

الصفحات:

807 صفحات

القطع:

الكبير

Email