شهادات لأحفاد الأندلسيين وأخرى لأوروبيين تروي المأساة

الشتات الأندلسي.. وجهات ومصائر

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعود الكاتب الجزائري فوزي سعد الله في كتابه «الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم»، إلى الأندلس ومعاناة الأندلسيين المهجّرين قسراً من الأندلس إلى بلدان أخرى في أعقاب سقوط مملكة غرناطة في الثاني من يناير عام 1492، بعد أن أقام المسلمون فيها مملكة ذاع صيتها في المشرق والمغرب وصار لها عشاق ومحبون.

يعتمد الكتاب على الوثائق في مصائر الأندلسيين الذين تهجّروا، والتي اختلفت واجهتهم بعد التهجير؛ فمنهم من ذهب إلى دول حوض البحر الأبيض المتوسط، مثل: فرنسا وإيطاليا والبوسنة والهرسك وتركيا وسويسرا، وكثيرون فضّلوا التوجه إلى الشرق حتى وصلوا إلى إيران والهند وباكستان، فيما استقر فريق آخر في دول جنوب شرقي آسيا. كما يلفت المؤلف أيضاً إلى استقرار بعض الأندلسيين في بلاد المغرب، ومنها الجزائر.

ويستهل المؤلف فصول كتابه بالإضاءة على الحملة التي قادها المسلمون عام 711م، واستمرت حتى 726م لفتح مملكة «القوط الغربيين» المسيحية، التي كانت حاضرة في إسبانيا. ويبين أنه تحت راية الدولة الأموية، نجحت هذه الحملة العسكرية التي قادها المسلمون، في إخضاع هذه المملكة التي حكمت آنذاك شبه جزيرة إيبيريا، التي عرفها المسلمون فيما بعد بالأندلس.

ويشير الكتاب إلى أن حكم المسلمين في الأندلس (إسبانيا حالياً) استمر حتى الثاني من يناير عام 1492م؛ أي ما يقارب الثمانية قرون. ولا يغرق المؤلف في ذكر الأسباب التاريخية كثيراً؛ بل يركز في كتابه على مصير هؤلاء الذين ولدوا في الأندلس وترعرعوا فيها، ومن ثم نزحوا إلى بلدان أخرى وتهجروا إليها، مشيراً إلى أن هؤلاء المهاجرين سلموا بأنفسهم من التحول الديني والقمع الذي حل بالأندلسيين الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط الحكم الإسلامي؛ إذ تعرضوا إلى الكثير من المضايقات، بل ووصل الأمر إلى إرجاعهم عن دينهم وعدم ممارستهم للشعائر الدينية؛ حيث أجبروا على تغيير ألقابهم وأسمائهم ابتداءً من عام 1500، كما منعوا من استخدام اللغة العربية وممارسة الشعائر الإسلامية والتقاليد المرتبطة بها كافة، من أزياء ومأكولات، ومنعوا من الاحتفال بالأعياد الإسلامية والغناء على الطريقة العربية. أما من هاجروا منهم فحظوا بالحفاظ على معتقداتهم ودينهم وأرواحهم.

ويشير المؤلف إلى أن تجميع الوثائق التي قدمها في كتابه، استغرق ما يزيد على العقد الكامل من البحث والتنقيب، إذ بدأها منذ عام 2002، واحتوت هذه الوثائق على البحث البيبلوغرافي، وكذلك الشهادات الميدانية الحية لأحفاد الأندلسيين الذين نزحوا إلى الجزائر، فضلاً عن الاستعانة بشهادات حية من إسبانٍ وإيطاليين وفرنسيين، وكذلك من أتراك ومصريين وشاميين وغيرهم من العالم العربي والإسلامي.

ويخصص المؤلف قرابة نصف كتابه لتناول موضوع «الأندلسيون في الجزائر».

ويبين الكتاب أن دور الجزائر ليس فقط في كونها بلاداً احتوت هؤلاء المهجرين؛ وإنما مكّنتهم من الانخراط مع المجتمع من خلال تقديم التسهيلات الاجتماعية كافة والمساعدات المادية والعسكرية.

الكتاب:

الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم

المؤلف:

فوزي سعد الله

الناشر:

دار قرطبة للنشر- الجزائر- 2016

الصفحات:

600 صفحة

القطع:

المتوسط

Email