شبه دولة.. القصة الكاملة لـ«داعش»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسرد ويحلل د. عمار علي حسن في كتابه «شبه دولة: القصة الكاملة لداعش»، كل ما يتعلق بهذا التنظيم الإرهابي من حيث مناهج فهمه وسبل التعامل معه والمسار التاريخي الذي سلكه وطريقة تكوينه، ومكوناته الأساسية والفرعية ومصادر تمويله وطبيعة مجتمعه وتكتيكاته الحربية وخرائط انتشاره. إلى جانب منابر إعلامه، الأفكار الحاكمة له، نظام التعليم في المناطق التي يهيمن عليها، أساليب العقاب القاسية التي ينفذها ضد منتقديه ومخالفيه ومناهضيه.

ويتناول الكتاب حال الأطفال والنساء في ظل حكمه الذي يفرضه بالحديد والنار، والبيئات الحاضنة والموظفة والمنتجة له وذئابه المنفردة وخلاياه النائمة وطريقته في تفكيك الدول باستعمال الدين، وكذا: القوى الدولية وأجهزة المخابرات التي أنشأته وتغذيه وتوظفه، وكذلك مستقبله القريب والبعيد.

ويدرس الكتاب تنظيم «داعش» من خلال موضوعات أو عناوين ولافتات قد تبدو متفرقة، في نظر المتعجلين، لكنّ كلاً منها يشكل جزءاً من الصورة الكلية لهذا التنظيم المرعب الذي لا يزال يسبب إزعاجاً كبيراً للعالم بأسره.

وما يأتي تحت هذه العناوين معروض بطريقة مختلفة تجمع بين سلاسة التعبير وعمق التحليل، نظراً لأن الكتاب لا يستهدف الأكاديميين ولا المختصين بدراسات الجماعات والتنظيمات التي توظف الإسلام في حيازة السلطة السياسية والثروة الاقتصادية فقط، إنما يخاطب جمهوراً عاماً، ويرمي إلى تحصين أفهام شباب تمكن داعش من خلال شبكته الإعلامية الرهيبة من الوصول إليهم، وهو ما يشكل خطراً على بلادنا، لا بد من التصدي له.

ويؤكد المؤلف أن تنظيم «داعش» يتعامل مع الأفكار باعتبارها مجرد مادة استعمالية، وليست أفكاراً دينية ولا فلسفية ولا إنسانية، ولا تحمل قيماً قابلة للنقاش أو الجدل، إنما يرمي من خلالها إلى صناعة أيديولوجية تحافظ، بقدر المستطاع، على تماسك التنظيم من خلال ربط عناصره بقياداته وأهدافه وتسهيل عملية التجنيد، كما أن التعبئة والمخاتلة التي يقوم بها التنظيم لقطاعات من الشباب، إن ربطت بالأهداف المباشرة لها، لن تحمل الجاذبية والإغراء الذي يكمن في الأفكار أو الأيديولوجيات..

ويرى المؤلف أن «داعش» يبدو كأنه الطور المتأخر، وإن لم يكن الأخير، من مسار العنف الذي ارتكبته وألفته جماعات وتنظيمات رفعت لافتة الإسلام أمام عيون شباب المسلمين، وخدعت بعضهم، فانضموا إليها، وهم يظنون أنهم بهذا ينصرون الدين، ويحققون أهدافه، ويقيمون الشرع، ويحققون مقاصده، لتتسع رقعة الدماء والخراب باسم الإسلام، وهو منها بريء، وإذا كان داعش قد صار النموذج بالنسبة لكثير من المتطرفين والإرهابيين، فإن دراسته على وجه دقيق تصبح أمراً مهماً، كما يقول المؤلف.

ويلفت حسن إلى أن التنظيم يستفيد من موروث طويل من الأفكار التي أنتجت في سياقات شبيهة، وحوتها كتب قديمة نقلت منها كتب حديثة ومعاصرة، أثرت في الأفكار التي تحكم داعش، والتي جاءت في كتب مثل «إدارة التوحش» لأبي بكر ناجي و«ملة إبراهيم» لأبي محمد المقدسي و«فرسان تحت راية النبي» لأيمن الظواهري و«معالم في الطريق» لسيد قطب و«مسائل من فقه الجهاد» و«معالم الطائفة المنصورة في بلاد الرافدين» لأبي عبدالله المهاجر، وكتاب «دعوة المقاومة الإسلامية» لأبي مصعب السوري.. وغير ذلك الكثير من المؤلفات الأخرى.

Email