شعراء وأدباء الدولتين لاقوا التشجيع والدعم من كل الحكام فيهما

الفكر في مصر زمن الأيوبيين والمماليك.. مظاهر وسمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرصد الكتاب «الحركة الفكرية في مصر في العصرين الأيوبي والمملوكي الأول»، لمؤلفه د. عبد المطلب حمزة، تاريخ الحياة العقلية والأدبية في العصرين الأيوبي والمملوكي؛ حيث لكل عصر شخصية خلقتها الظروف الطبيعية والاجتماعية، وأن هذه الشخصية تتجلى في نتاجها من علم وفنّ.

كما يتناول الكتاب أيضاً، الشخصية المصرية ومظاهرها ومميزاتها، وانعكاس ذلك على النتاج العلمي والأدبي، والنتاج الروحي للعصرين الأيوبي والمملوكي، فضلاً عن أن البيئة المصرية تركت أثراً لا يُمحى في مزاج المصريين وعقولهم، وإليها يرجع الفضل في تكوينهم الخلقي والفني.

وهذا الكتاب يصدر في طبعة جديدة حالياً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ذلك بعد أن كانت الهيئة نفسها، قد طبعته للمرة الأولى، في منتصف القرن العشرين، تحديداً في عام 1999.

تأتي الطبعة الجديدة للكتاب في ثلاثة أقسام كبيرة، كلّ منها يحمل فصولاً عدة، تتجاوز الـ10 فصول في أحد الأقسام. وفي القسم الأول يشير المؤلف الدكتور عبد اللطيف حمزة إلى الاختلافات التي تكونت بين الدولتين: الأيوبية والمملوكية؛ فالحكومة الفاطمية - قبل العصر الأيوبي - كانت «مدنية»، بينما كانت حكومة بني أيوب «عسكرية» وحكومة المماليك «مدنية عسكرية» في آنٍ معاً، ومصدر ذلك أن الفاطميين أتوا إلى مصر ومهمتهم الأولى والأخيرة «الدعوة الفاطمية»؛ على هذا الوجه لا أكثر ولا أقل، والجيش الفاطمي نفسه كان خليطاً عجيباً من عناصر مختلفة، ومن هؤلاء: المغاربة والأتراك والغز والديلم والسودان .

ويستعرض حمزة خلال القسم الأول من الكتاب أيضاً، ملامح الحياة الاقتصادية والاجتماعية، كذلك ملامح المذاهب الدينية والخطاب الديني في العصرين الأيوبي والمملوكي الأول، حتى يصل في القسم الثاني إلى الحركة الروحية؛ موضحاً أنه «بقراءة تاريخ مصر السياسي والاقتصادي في القرون: السادس والسابع والثامن للهجرة؛ نجد أن مصر كانت مجهدة من أثر الحروب الصليبية التي أفقدتها كثيراً من المال والرجال، فردّتها تلك الحال إلى لون من الحياة فيه شعور حقيقي بالفقر، وهذه الأزمات الاقتصادية خلقت في الناس خشوعاً في حياتهم واستعداداً للخضوع إلى دينهم ..لذا برز التوجه الصوفي في هذه الحقبة أكثر من غيرها».

وفي حقل الأدب، يقدم المؤلف قراءة في المحتوى الأدبي في العصرين المملوكي والأيوبي، فضلاً عن تقديم معلومات قيمة عن الشعراء والأدباء الذين وجدوا في هذه الحقب؛ حيث قدّم الكتاب للشاعر ابن هانئ الأندلسي، وكذلك أبو الحسن الأخفش وعمارة اليمني. ويشير المؤلف إلى أن هؤلاء الشعراء لاقوا التشجيع من قبل الدولتين، كما أن سلاطين الدولتين اتسموا بحبهم للشعر والعلم؛ فتنافسوا فيما بينهم على كتابة الشعر والتبحر في العلم.

ويقدم القسم الثالث من الكتاب، رؤية للتاريخ في هذه العصور؛ حيث يبين أن مؤرخي مصر، ومنذ الفتح العربي الإسلامي لها، يهتمون بتاريخ بلادهم ويعنون به عناية كبرى، وكان من أوائل الذين أرّخوا لمصر أو من أقدم من وصلت إلينا مؤلفاتهم في تاريخ مصر «ابن عبد الحكم»، الملقب بأبي القاسم والكندي، كما يشير الكتاب إلى الموسوعة التي تعتبر من أولى الموسوعات التي ظهرت في العصر المملوكي، وصاحبها أحمد بن عبد الوهاب المعروف بشهاب الدين النويري.

Email