بابل الجديدة.. الخراب والوحشة يطوقان الأدب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعالج كتاب «بابل الجديدة/‏ مقالات»، لمؤلفه القاص السوري ناظم مهنا، أزمة الثقافة والإنسانية والهويات في عالمنا المعاصر، إلى جانب ويلات الحروب والقتل والتشدد. ويبحث موضوعاته في ستة فصول: مقاربة ثقافية للأزمة، النظام الدولي واغتراب الإنسان، الثقافة والأفق، الرمز والتأويل في قراءة النص، وقفات مع الرواية والسرد، حول الشعر.

فيأخذ المؤلف موضوع الصراع باعتباره مولِّد الحكايات والمآسي الإنسانية. إذ إنَّ كل الدلائل التي خلَّفها الإنسان منذ الأزل وحتى اليوم، تشير إلى أبدية الصراع وسرمديته: الصراع مع الطبيعة، صراع الأفراد فيما بينهم، صراع الجماعات.. ثمَّ القوميات. وربَّما الشيء الوحيد في التاريخ البشري الذي نما بتواصلية ودون انقطاع.

كما يقول، هو الصراع الدامي بين البشر، حتى بات الصراع هو القانون الرئيسي للبقاء. ويوضح المؤلف أن اللافت هو كون الإنسان مع تطوره الحضاري وثقافته التي ازدادت معرفة وتعقيداً غيَّرَ أشياء كثيرة في نمط حياته، حافظ بحنوٍ على هذه الغريزة «الصراع»، وتركها تزداد ضراوة لتشير بما لا يدع مجالاً للشك، إلى عدوانيته المتأصلة.

ولم يفتأ يطوِّر أدوات الصراع الفتاك إلى حدٍّ يفوق أيَّ خيال ويشيب له شعر الغلام. ومنذ عقود والحديث يتعالى عن القوَّة التدميرية لأسلحة الدول التي تمتلك ترسانات نووية قادرة على تدمير الكوكب عشرات المرَّات بضربة واحدة وببضع دقائق أو أقل! فهل هذا عالمُ سلامٍ بصدق.. وهل هو عالمُ ثقافةٍ وشعر وحضارة؟

وفي فصلٍ تالٍ من الكتاب، تستأثر بمهنا قصة «جوهان فاوست» باعتبارها خرافة أو حكاية شعبية قديمة تتحدَّث عن شخص باع نفسه للشيطان! إذ كان فاوست ساحراً ومنجِّماً عرافاً.. وهذا ما جعله ينال لقب (دكتور) الذي أطلقه عليه كريستوفر مالرو. هذه الحكاية.

كما يقول المؤلف، انتقلت من ألمانيا إلى انجلترا، حيث ظهرت أوَّل قصة منشورة عن فاوست سنة 1592 استفاد منها كريستوفر مالرو فقدَّمها في مسرحية شعرية بعنوان «الدكتور فاوست»، وشاعت بين ألمانيا وإنجلترا.. إلى أن جاء العصر الرومانتيكي الألماني وأشهر نجومه يوهان غوته الذي كتبها في عمل شعري من جزأين..فصارت ملحمة أوروبا. ويقول المؤلِّف: عندما نقرأ هذه المأساة ألا تُذكِّرنا بقصة صالحين ابتلوا وتعرضوا للاختبار.

ويتساءل مهنا: أين هي الروايات الممتعة أو المرحة في خارطة الروايات العربية اليوم؟!ّ مضى قرنٌ كامل من عمر الرواية العربية الفنية، منذ صدور رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل عام 1913 إلى يومنا هذا، وعلى كثرة ما أنتج من روايات خلال المئة عام، لماذا نفتقر إلى هذا النوع من الروايات بينما تطغى ملامح الخراب والوحشة.

أهي متطلبات الأدب الجديد؟ أكان على الروائيين العرب أن يكتب معظمهم على طريقة آلان روب غرييه.. أو إميل زولا.. أو أن يبحثوا عن «الزمن المفقود» أو يجهدوا لكتابة رواية تجري أحداثها في يوم واحد؟

الكتاب: بابل الجديدة/‏ مقالات.

المؤلف: ناظم مهنا

الناشر: وزارة الثقافة- دمشق 2016

الصفحات:

323 صفحة

القطع: الكبير

Email